قصة قصيرة
(على قيد الوصال)
هي ليست مزحة كما اعتاد أن يشغل بالها عليه في كلّ مرةٍ يشب بينهما خلاف، يتمارض بذكاء مُحبب لديها لينعم بأجمل لحظات الدفء والتدلل؛
بل هي نهبُ حلم ليلة صيف.. فقد غفت على الطوى بعد وهلّ ما ألقاه عليها القدر من وجع غير متوقع؛
كان ذهنها عاجزًا عن لملمة الحدث أو اكتناهه؛ لكنها أنى تلفتت طالعتها أسئلة حادة وجارحة: كيف؛ ومتى؛ ولماذا؟!
تقدمت نحو القبر تجرجر خطواتها؛ كان المشيعون قد شرعوا بالانصراف؛
ومن أعماق الذاكرة انبثقت آلاف الصور والأخيلة؛ كيف التقته أول مرة، كيف عانقت الاعتياد عليه والتعلق به بنهم ٍعجيب
تسترجع حروفه حرفًا حرفا وما كتبه لها من شعر، تسترجع لحظة لقاءه أول مرة حيثُ كانت الشمس الوانية تؤسس لغروب حيّ؛ همّت للمغادرة ففوجئت به يسد عليها السبيل! لحق بها بعد أن غادرت محاضرة ثقافية عن تمكين المرأة وحريتها، وعلى نحو ما أشبع سلوكه غرورها؛ إما كيف تهاوت دفاعاتها مرة واحدة لم تكن تدري!؟!
وعلى تعثر دنتْ من اللحد أكثر؛ كان اسمه مدونا على الشاهدة؛ فيما راح التراب يتناثر فوق القبر ..،..
كيف رحل؟ هل هو ذاته؟ من كان له تأثيرٌ سحري عليها! من وافقت أن يوثق اسمها قيد نبضهِ حبيبةً ورفيقة؛ بل أنها قبلت بالزواج منه دونما عقد؛ ليمضيا أوقات ولا أجمل!
وفي الطريق إلى البيت بدت عاجزة عن لملمة ذاتها المتذررة ؛ حتى إذا أغلقت باب الدار خلفها ؛ تهاوت جاثية على ركبتيها ؛ وانخرطت في بكاء مرير ؛ لتقف بمفارقة ممضة ؛ ذلك أنها لا تستطيع أن تبكيه جهارا ؛ وتكتشف بأن الحياة بدونه خاوية ومملة.. محض صحراء قاحلة؛ ثم إن مخيلتها أكتظت بصور لهما؛ وأثقل الشجن عليها؛ وضعت رأسها بين ركبتيها؛ وأغمضت عينيها علها تكون في كابوس قيد اللاوعي؛ شهقة بكاء في صدرها
هزتها بشدة؛ رفعت رأسها ببطء؛ لتعكس المرآة وجهًا مبهمًا لا تعرفه؛ وبدى لها أن ظهرها قد احدودب؛ فتساءلت:
– من هذه؟ هل ما زلت على قيد الحياة؟!
– لست أدري!
أندست في سريرها على وهن.. وعبر نافذتها كان هناك عصفور يتمتم بلغة لا يفهمها إلا هي!
أشتقت لكِ!
ابتسمت وهي تتذكره حين يُغنجها وهو يردد لا تقلقي دلوعتي فالشعراء لا يموتون أبدًا
يغادرون عالمًا ليحّلوا في عالمهم السرمدي
وفي كلا العالمين لن أفارقكِ.
آلاء الطائي/العراق