رحيل المفكر السوري الفلسطيني د.يوسف سلامة بعد صراع مع المرض في السويد
#الشبكة_مباشر_مالمو
نعت رابطة الكتّاب السوريين، المفكر السوري الفلسطيني الدكتور يوسف سلامة، الذي وافته المنية بعد صراع مع المرض، تاركاً في قلوب عائلته وزملائه، وأصدقائه، وطلابه، الحسرة والحزن.
وجاء في بيان الرابطة: “عرفت أجيال من السوريين الراحل من خلال عمله في كلية الآداب قسم الفلسفة، حيث حضر مع مجموعة من الأساتذة في لحظات مهمة، واجهوا فيها التسلط الأسدي على الوسط الأكاديمي، والسعي الحثيث لتفريغ الجامعات السورية من النخبة التنويرية. وقد ظل الراحل، وبما عرف عنه من الصلابة في المواقف المترافقة مع الدماثة واللطف، على ما عهده عنه تلامذته من الدأب، أميناً على الغايات النبيلة للمهنة، والعمق الفكري للمادة الفلسفية.
ودوّن الكاتب معن البياري في فايسبوكه: “هناك، في اثناء مُقامي مع صديقٍ في شقّة في حي العجوزة في القاهرة، في أواخر العام 1985 (أو بدايات 1986)، سألني الصديق إن كان يروقُني أن نذهب سويا إلى حضور مناقشة رسالة دكتوراة في الفلسفة في جامعة القاهرة لطالبٍ فلسطينيٍّ صديق له، فرحّبت فوراً. في مساء ذلك النهار، كنّا في إحدى قاعات الجامعة، دخل الطالب والأساتذة المناقشون، ولا اتذكّر أسماءهم، بينهم دكتورة، ولا أنسى المشرف على الرسالة، وهو حسن حنفي. رأيت الطالب ضعيف البصر، ويكاد يكون كفيفاً، فذُهلت وعجبت. ثم تابعنا المناقشة (كانت في نحو السابعة مساء)، ونال الطالب درجة الدكتوراة بامتياز.
حفظتُ اسم الطالب الشاب، وظلّ في ذاكرتي، ثم علمت من أصدقاء سوريين أنه أصبح أستاذاً للفلسفة في جامعة دمشق، واسماً بارزاً بين الباحثين في الفلسفة، قبل أن يهاجر إلى السويد. لم ألتقه منذ تلك المنافشة، إلى أن صار يزور الدوحة للمشاركة في مؤتمراتٍ وندوات، ولمّا التقينا، وحدّثته عن حضوري تلك المناسبة في جامعة القاهرة، فرح واغتبط بهذا كثيراً… وصِرنا على بعض تواصل، نلتقي في الدوحة، وآخر مرّة قبل عام بالضبط، وجمعْتنا صداقات مشتركة كثيرة.
إنه يوسف سلامة رحمه الله، غيّبه الموت مساء أمس في منفاه السويدي البارد. لا أنسى إعجابي الشديد به وهو يدافع ويُحاجج عن أطروحته، ولا أنسى إعجاب المناقشين وأستاذه حسن حنفي به. تعازيّ الحارّة إلى أسرة الدكتور يوسف سلامة وإلى جمهرة أصدقائه وتلاميذه”.
وكتبت الباحثة السورية سميرة المسالمة: “رحل الصديق الوفي الدكتور يوسف سلامة، رحل بعدما منحني فرصة لقائه الأخير منذ أيام، لا أعرف لماذا شعرت أن دعوته والسيدة وفاء لي كانت جادة، لأنها دعوة للوداع، سافرت من دون تردد، من دون أي انتظار، خشيت أن أعيش لحظات الندم إذا لم ألتقِه قبل رحلته الأخيرة، لا تزال كلماته ترن في أذني، الحياة خياري وسأتمسك بها، غائباً أم حاضراً، الآن أدركت أن الحياة لا تعني الحضور بالجسد فقط، بل تعني البقاء في ذواكر من نحب.
كتبت رسالتي له (التي ستنشر لاحقاً حسب موعد نشر مقالتي) قبل أن يغادرنا لأنني أحب أن أقول لمن أحبهم أنني أفعل ذلك، وهم أحياء لا أموات، لقد تعلمت الدرس منذ رحيل الصديق (ميشيل كيلو) بألا أضيع فرصة لقاء الأحبة والتعبير عن محبتهم واحترامهم وتقديرهم وهم بيننا قبل أن يغادرونا. لروحك التي لم تعرف الاستسلام يوما الرحمة والسلام”.
وكتب ماجد كيالي:
“وداعاً العزيز يوسف سلامة… أخذه منا القهر والألم والمرض، في حياة نتنقل فيها من نكبة الى نكبة، او نكبات نحاول في كل منها بعضا من حياة… رحل صاحب فلسفة الحياة والحرية والمقاومة، التي درسها لأجيال من الطلبة في جامعة دمشق، بسيرته الممتدة بين فلسطين وسوريا والسويد. أتذكر فرحه في رحلتنا سوياً الى البلاد، حيفا ويافا والقدس ورام الله والجولان، للقائه وطنه الأول، والأمل الذي ظل يعيش ويكبر معه.. سيتذكره رفاقه وطلابه ومعارفه.. خساراتنا كبيرة في هذا الزمان… خالص المواساة لزوجته العزيزة وفاء واولاده رنيم وسليم وقاسم ولكل رفاقه ومعارفه”.
* نبذة عن حياة الدكتور يوسف سلامة
ــ ولد الدكتور يوسف سلامة عام 1946م، في قرية أم الزينات، قضاء مدينة حيفا / فلسطين.
ــ في الرابعة من عمره أُصيب بمرض الرَمَد الطبيعي مما أفقده البصر بشكل شبه كلي، فأنهى مراحل دراساته الإبتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس المكفوفين بطريقة برايل.
ــ في عام 1969م حصل على بكالوريوس في الفلسفة من جامعة دمشق ــ قسم الآداب والعلوم الإنسانية.
ــ في عام 1975م حصل على شهادة الماجستير من كلية الآداب ـ جامعة القاهرة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى. والرسالة بعنوان “المنطق عند إدموند هوسرل”، تحت إشراف الدكتور زكريا إبراهيم.
ــ في عام 1985م حصل على شهادة الدكتوراة في الفلسفة المعاصرة من كلية الآداب ـ جامعة القاهرة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى. والرسالة بعنوان “السلب واليوتوبيا دراسة في هيجل وماركيوز”، تحت إشراف الدكتور حسن حنفي.
ــ في عام 1987م، بدأ العمل في جامعة دمشق مدرِّساً ثم أستاذاً في قسم الفلسفة.
ــ أستاذ الفلسفة الغربية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية/ قسم الفلسفة ـ جامعة دمشق حتى عام 2013م.
ــ عمل أستاذاً للفلسفة الغربية والإسلامية في جامعة الزاوية ــ ليبيا من عام 1993 ــ 1996م.
ــ أستاذ وباحث في المعهد الفرنسي لدراسات الشرق الأدنى، من عام 2000 ــ 2012م.
ــ في عام 2004م من شهر آذار وحتى أيلول، كان باحثاً زائراً في جامعة واترلو ــ كندا.
ــ أستاذ الفلسفة والدراسات العليا والبحث العلمي في الأكاديمية العربية في الدانمارك منذ عام 2015م.
ــ في عام 2007م، نال وسام السعفة الأكاديمية من مرتبة فارس من الحكومة الفرنسية.
— في عام 2009 حصل على “جائزة الإبداع” التي تمنحها إمارة الشارقة.
ــ نائب رئيس الجمعية الفلسفية العربية ــ عمّان، من 1998 حتى 2011م.
ــ نائب رئيس الاتحاد الفلسفي العربي، طرابلس ــ لبنان.
ــ رئيس تحرير مجلة “قلمون” للأبحاث والدراسات والتي تصدر عن مركز “حرمون” للدراسات المعاصرة.
ــ عضو مجلس أمناء مركز حرمون للدراسات المعاصرة.
ــ مدير معهد الجمهورية لمنهجيات البحث العلمي في مركز حرمون.
ــ المدير الأكاديمي لأكاديمية قاسيون.
ــ عضو في منتدى الحوار الوطني الديموقراطي ــ ربيع دمشق 2000م. وكان أول من دَعَى إلى تعديل المادة الثامنة من الدستور السوري.
ــ أقام في مملكة السويد منذ العام 2013م وحتى رحيله في 4 آذار/ مارس 2024م.
* له عدد من الكتب المنشورة أهمها:
ــ كتاب “الإسلام والتفكير الطوباوي، هل الإسلام يوتوبيا ؟” 1991م، صدر عن دار كنعان، دمشق. وأصدرته هيئة الأمم المتحدة باللغة الإنكليزية.
ــ كتاب “مفهوم السلب عند هيجل”، 2001م، صدر عن المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة.
ــ كتاب “فينومينولوجيا المنطق عند إدموند هوسرل”، 2002م، صدر عن دار حوران، دمشق.
ــ كتاب “من السلب إلى اليوتوبيا” دراسة في هيجل وماركيوز، 2006م، صدر عن دار حوران للطباعة والنشر.
ــ شارك مع مجموعة من الباحثين في إصدار كتاب ” العلمانية العربية”، تحرير عطية مسّوح، 2009م، صدر عن دار الينابيع ـ دمشق.
ــ اشترك في تأليف العديد من الكتب مع بعض الباحثين والمؤلفين، ومنها بعض الأعمال باللغة الإنكليزية.
* له العديد من المقالات المنشورة، نذكر منها:
ــ “مشكلة الهوية في الفلسفة الغربية”، نُشر في مجلة الكرمل، العدد (50)، 1 يناير 1997م.
ــ “الإصلاح الديني ومآلاته”، نُشر في موقع جيرون، 4 ديسمبر 2016م.
ــ “الفكر النقدي عند طه حسين”، نشر في مجلة قضايا وشهادات 1989م، بمناسبة مرور مائة عام على ولادة الدكتور طه حسين.
ــ “تأملات فلسفية في مفهوم الوطن”، نُشر في مجلة قلمون، العدد (1)، أيّار/ مايو 2017م.
ــ “النقد المزدوج عند صادق العظم”، نُشر في مجلة قلمون، العدد (1) أيّار/ مايو 2017م.
ــ “الثورة السورية ومسألة تصحيح المسار”، نُشر في موقع جيرون، 22 سبتمبر 2016م.
ــ “السوريون الأكراد ممارسة الحقوق أم البحث عن الوجود ؟”، نُشر في موقع جيرون، 5 سبتمبر 2016م.
ــ “الفتوى”، نُشر في موقع سوريا تي في، 14 نيسان 2020م.
ــ “الإنسان في الثقافة العربية”، نُشر في موقع سوريا تي في ، 6 أيّار 2020م.
ــ حوار إذاعي في 1992م، حول كتاب: “عالم صوفي، رواية عن تاريخ الفلسفة”، تأليف جوستاين غاردر. جرى الحوار في إذاعة دمشق.
ــ له دراسات وأبحاث فلسفية عديدة ومقالات سياسية وحوارات صحفية وإذاعية وتلفزيونية.