مقالات

الإنسان و السلوكيات الوحشية و نمو المجتمعات

#الشبكة_مباشر_بغداد_د. نـمـير نـجـيب نـعـوم

عندما نسمع كلمة الانسان لايخطر في بالنا سوى ذلك الكائن الراقي الذي امتاز عن غيره من الكائنات الحية بكونه افضل خلق الله سبحانه وتعالى ،،لانه يمتلك دماغا متطورا لديه القدرة على التفكير والنطق واعطاء حلول للمشاكل والصعوبات بناءا على الخبرات المتراكمة ، وفوق هذا وذاك فأن جميع اجزاء جسم الانسان تعمل بالتناسق مع الدماغ وبهذا يتمكن من توظيف قدراته العقلية للتعامل مع الحياة .

ولكن بالنسبة للسلوكيات الوحشية فانها مرتبطة غالبا بالكائنات التي نطلق عليها مسميات الوحشية وهي الحيوانات المفترسة التي لايهمها سوى اشباع غرائزها والاكل بلا رحمة والهجوم بدون تفكير ،، ومايثير تلك الوحوش هو وجود الفريسة لتنقض عليها وتتلذذ بافتراسها ،والغريب ان هذه الصفات الوحشية في بعض الاحيان تخون من يطعمها اذا ثارت شهواتها في الجوع مثلا ،وهناك الكثير من البشر كانوا ضحايا تلك الوحوش التي لاتفرق بين من كان معها اذا كانت جوعان وبحاجة الى الشبع.

الكارثة ان يتصف الانسان هذا الكائن الراقي بتلك الصفات المرتبطة بالوحشية ،،فيكون هذا الانسان وحشا بظلمه وخيانته وفساده وكذبه ودماره وحقده وكفره واستبداده وحرامه ،،بشكل بعيد عن مضامين الاخلاق واسس التربية وتعاليم الدين ،بحيث اصبح الوحش ادميا وليس حيوانيا .

انها ليست نزعة طبيعية ان يتحول فيها الانسان الى وحش ،اي يقرر متى مايشاء ان يكون انسانا او وحشا كاسرا ، فالانسانية والوحشية كليهما ثقافة وتربية وسلوك وتصرف وافعال وردود افعال واحاسيس ،،فوحوش الغابة تستمر بعدوانياتها مادام من يكون حولها مستسلما وراضيا ،، وهكذا بالنسبة للبشر فأن البيئة التي يعيش فيها مجموعة من البشر تتيح لهم ان يتحولوا الى وحوش تتربى على اشباع غرائزها وحاجاتها بشكل عشوائي ولايهمها ماسيحصل عليه الاخرين من فقر وفناء وتخلف وتردي وانحطاط مقرون بانواع الفساد.

واذا كنا نريد الخير والسعادة والنمو لمجتمعنا ، فما احوجنا الا التصدي للنزعات الوحشية التي تنال من كرامتنا وانحطاط مجتمعنا واجيالنا اللاحقة ، فالوحشية عند البعض إذا مابدأت فانها تبدأ صغيرة عادة ،بظواهرها وافعالها وسلوكياتها،، وفي احيان اخرى قد تظهر الوحشية وهي مغلفة باغطية العفة والتواضع والمحبة والمسامحة وطيبة القلب وغيرها من مظاهر الخداع ،ولكنها سرعان ماتنفجر ويخرج مافي باطنها ، ولعلنا نسمع ونشاهد الكثير من مظاهر التوحش التي تظهر عند بعض البشر بعد ان ينالوا مايريدون من السلطة والمناصب والامتيازات المفتوحة ، ويظل الشعب الضحية يتسأل ،،كيف يتظاهر هؤلاء الوحوش بانسانيتهم ويحصلوا من فريستهم الشعب كل مايشاؤون ،، والفريسة تصر ان تبقى فريسة ،،

ولعل هذا هو نظام الغابة الذي نعيش فيه،، فلماذا نسمع شعارات التحضر والتمدن والرقي والتطور العلمي مادام نظام الغابة هو الذي يقرر؟؟ وليس مجتمع الانسانية والتطور،،والأغرب من هذا وذاك عندما ترى الانسان يفتخر و يتحدث عن قوته وجبروته وشراسته وقسوته عند صراعه مع الوحوش الحيوانية اذا ماهددته لكي يظهر نفسه هو البطل،، ولكنه يغض النظر ويبقى اليفا مع الوحوش الانسانية !!!

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى