أول عُماني يحصل على جائزة البوكر العالمية … مع قصة نجاح زهران القاسمي..
#الشبكة_مباشر_مسقط_أجرى الحوار: مجدي فكري ــ أعده للنشر: أحمد الغـر
حلقة جديد من برنامج “قصة نجاح”، وقصتنا هذه المرة مع كاتب وأديب عربي ينتمي لأرض الحضارة ومنبع الإبداع (سلطنة عُمان)، إنه الكاتب والشاعر والروائي الأديب، زهران القاسمي، الحاصل على جائزة البوكر العالمية في الرواية العربية، وهو أول روائي عماني يحصل على هذه الجائزة.
تناول اللقاء مع القاسمي حصوله على جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، وكيف فاز بها عن روايته “تغريبة القافر”، كما تناول نشأته الريفية في إحدى قرى سلطنة عمان، وذكرياته حول فترة الصبا والشباب في حياته، وتطرق الحديث أيضًا إلى إصراره على البقاء في قريته الصغيرة حتى بعد حصوله على الجائزة العالمية، وهواية تربية النحل وتأثيرها عليه وعلاقتها برواية “جوع العسل”، كما تناول رائعته “سيرة الحجر” بجزئيها الأول والثاني التي ترصد مشاهد تاريخية وأثرية في سلطة عُمان.
جائزة عالمية
بدأت الحلقة بالحديث عن جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، حيث أوضح الشاعر والروائي زهران القاسمي أن هذه الجائزة هي “جائزة مستقلة تدعمها هيئة الثقافة في أبوظبي، وهي معنية سنويًا باختيار أفضل الروايات العربية عبر المسابقة التي تشارك فيها الكثير من دور النشر على مستوى الوطن العربي.
ولهذه الجائزة قوانينها، مثلما هو موجود في المسابقات العالمية فيما يتعلق بوجود قائمة طويلة (16 رواية) وأخرى قصيرة (6 روايات)، ومن ثمَّ يتم الإعلان عن الرواية الفائزة”، ومن اشتراطات الجائزة أن تقوم دار النشر بترشيح العمل وليس كاتبه.
لفت القاسمي إلى أن قيمة الجائزة في المجمل حوالي 50 ألف دولار، وتتميز هذه الجائزة بأنها معنية بترجمة العمل الفائز إلى لغات أخرى مثل الإنجليزية والفرنسية وغيرها.
وأشار القاسمي إلى أن الجائزة تساعد على انتشار العمل الفائز وشهرة الكاتب على المستوى العالمي، وأضاف: “منذ أن فزت بالجائزة؛ تواصلت معي عدة دور نشر من مختلف البلدان تطلب ترجمة أعمالي إلى لغات أخرى مثل الهندية والإسبانية وغيرها”.
مشروع أدبي ممتد
وعن التغير في حياة زهران القاسمي بعد حصوله على جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، قال: “أنا أتمنى أن أتخطى هذه المسألة، لأن الإنسان يحتاج إلى الهدوء والاستقرار حتى يبدأ في تجربته الجديدة، فالزخم والأضواء والضوضاء لا يخدم التجربة الأدبية الممتدة، فلهذه الأشياء وقتها وزمانها، وأنا متأكد من أنني بعد ذلك سأعود إلى الكتابة والهدوء مرة أخرى”.
وتابع: “أنا لي مشروعي الخاص الممتد منذ ما يقرب من 20 سنة بين الشعر والرواية، وأنا لا أكتب من أجل الجوائز، وحصولي على البوكر لا يعني أن أفكر في المستقبل في الكتابة من أجل الجوائز بقدر ما أنني سأفكر في تطوير تجربتي وتفادي الأخطاء التي وقعت فيها في الماضي”.
تجربة شعرية مبكرة
بدأ زهران القاسمي شاعرًا، وأنجز 10 دواوين شعرية قبل أن يتجه إلى الرواية، وحول تجربته الشعرية قال: “نحن في عُمان لدينا اهتمام كبير بالشعر، لأنه مرتبط بثقافتنا وتاريخنا، ومعظم الأدباء لدينا كانوا شعراءً في بداياتهم، منذ فترة السبعينات وقبل ذلك، فالبيئة المكونة للمجتمع العماني مرتبطة دائما بالشعر، ولدينا مقولة تقول (خلف كل صخرة في عُمان.. شاعر) بسبب كثرة الشعراء الموجودين في عُمان، لذا فإنني كنت مُحبًا للشعر”.
لفت القاسمي إلى أن شعره كان يدور في طابع شعري غير تقليدي، وهي قصيدة النثر التي هي غير ملتزمة بالوزن أو القافية، ومتحررة ومختلفة عن الشعر النبطي، وأضاف: “بعدما أصدرت ما يقرب من 5 مجموعات شعرية، فكرت في تجربة السرد وكتابة الرواية، فأصدرت أول رواية، والتي كانت في عام 2013، بينما كانت أول مجموعة شعرية لي في عام 2006 وكانت تحمل عنوان (أمسكنا الوعل من قرونه)”.
وأشار القاسمي إلى أنه بدأ الكتابة مبكرًا، ونشر في دوريات كثيرة وملاحق أدبية محلية وعربية، ولكن أول مجموعة شعرية نشرها وهو في مقتبل الثلاثينات، حيث قام بتجميع قصائده التي نشرت في أماكن مختلفة وأصدرها في مجموعة شعرية أولى، ثم توالت المجموعات الشعرية، ولفت القاسمي إلى أنه تأثر قرائيًا بالعديد من الشعراء، وأن تجربته هي امتداد للتجربة الشعرية الموجودة في عُمان.
رواية “تغريبة القافر”
حول روايته الفائزة بالجائزة “تغريبة القافر”، قال القاسمي: “هذه الرواية تتحدث عن منطقة ذات خصوصية، و”القافر” هي صنعة كانت موجودة حتى وقتٍ قريب، وهو الشخص الذي يستطيع أن يقتفي أثر الماء ويدل الناس عليه، وكان يسمى أيضا القصاص أو الباصر أو القافر.
وتدور الرواية حول شخصية هذا القافر الذي يمكنه سماع خرير الماء في باطن الأرض، وبعد أن يحدث الجفاف في القرى المحيطة يستعين الناس به للبحث عن المياه واستخراجها وإحياء القرى التي كادت أن تموت”، ولفت القاسمي إلى أن هناك محاولات من بعض المختصين بالسينما والدراما لتحويل هذه الرواية إلى عمل درامي أو سينمائي.
وحول ما إذا كان يسير على نهج نجيب محفوظ القائل بأن “الإغراق في المحلية هو الطريق إلى العالمية”، قال القاسمي: “بلا شك فإن الإنسان حين يملك تفاصيل المكان والبشر بطموحاتهم ومشاكلهم وأحلامهم ورؤيتهم للحياة، فإن هذه التفاصيل تكون قريبة منه وتمكّنه من الإبداع وخلق عالمه الخاص، وكما رأينا فإن تجربة نجيب محفوظ وماركيز ودوستويفسكي وغيرها من التجارب الناجحة هي نابعة من المحلية”.
وأشار القاسمي إلى أن لديه حتى الآن 4 روايات، وجميعها نابعة من القرية العمانية، وفيها الكثير من التفاصيل المحلية، ورغم خوفه من أن المحلية قد تكون عائقًا أمام القراء، إلا أنه تفاجأ بشدة إعجاب القراء برواياته بسبب شدة محليتها، وبعضهم أخبره بأنه فتح أمامهم أبواب عُمان وجعلهم يسافرون إليها عبر القراءة.
وتناول القاسمي بالشرح جزءًا من طبيعة القرى العمانية والحياة فيها، مؤكدًا أنه لا يزال يعيش في قريته الجبلية حتى الآن، ولديه هواية جميلة مرتبطة بتربية نحل العسل.
حياة مع الأدب
عن بداياته الأدبية، قال القاسمي إن “البيوت العمانية لديها عشق للشعر والأدب، وكان والدي أحد محبي الشعر، ويقرأه يوميًا، وكنت عندما أجلس بالقرب منه أتلذذ عندما أسمعه وهو يقرأ الشعر، وربما اكتسبت هذا الشغف بالشعر من سماعي لتلك القصائد التي حفظت الكثير منها سماعيًا.
وحول ما إذا كان فوزه بجائزة البوكر المرموقة ستجعله يترك الشعر جانبًا ويتجه كليًا إلى الرواية، قال القاسمي: “في الواقع، أتمنى أن أرجع إلى الشعر وأترك الرواية، لأن الشعر بالنسبة لي شيء خاص وأحبه، وتجربتي القادمة بعد رواية تغريبة القافر ستكون تجربة شعرية، ولن تكون تجربة روائية”.
روايات أخرى
حول روايته “جبل الشوع”، قال القاسمي إن “الشوع هي شجرة جبلية تنبت على قمم الجبال، وقد استخرج العمانيون من بذورها زيتًا يسمى زيت الشوع، كما تدخل في العطريات والأدوية، ونحن العمانيون نلف بها لحم الشواء لأنها تعطيه لذاذة ونكهة جميلة”.
وأضاف: “الرواية تتحدث عن 4 أشخاص يخرجون من قريتهم، وكل واحد يتجه في اتجاه مختلف، منهم من يذهب إلى قرية أخرى، ومنهم يذهب إلى المدينة، ومنهم من يسافر إلى الخليج، وتتوالى الأحداث”.
روايته “القناص” نالت جائزة الإبداع الثقافي في عُمان، وهي تتحدث عن قنص الوعول، وقال القاسمي عنها: “هي تتحدث عن أحد القناصين، الذي نشأ منذ نعومة أظافره في أسرة مرتبطة بالقنص، وسرعان ما تعلق بقنص الوعول، وذات يوم سمع مقولة من أحد القناصين بأنه لن يصبح قناصًا إلا إذا اصطاد الوعل الكبير، فكان حلمه هو أن يصطاد الوعل الكبير، وظل هذا الهم لديه حتى شاخ وكبر ولم يستطع أن يصطاده، وفي نهاية حياته تمكن من قنص الوعل الكبير، ولكن كل القناصين الذين كانوا يمشون معه قد ماتوا، فلم يشاركه أحدهم تحقيق هذا الحلم، فوقع في ذلك السؤال الوجودي: وماذا بعد ذلك؟!”.
وحول “سيرة الحجر”، قال القاسمي إن “هذا كان مشروعًا لتتبع الحكايات القروية والشعبية التي تعتمد على المكان؛ كمسجد أو وادي أو جبل أو غيرها، فتتبعت أكثر من 100 حكاية ودونتها، وهذه الحكايات كانت موجودة مع كبار السن، وفي ظل رحيلهم مع كل يوم ورحيل هذه الحكايات معهم، قررت أن أوثّق هذه الحكايات وأعيد كتابتها في قصص قصيرة”.
في نهاية اللقاء، اختتم القاسمي حديثه بأمنية وهي أن يستمر في الكتابة، وألا تكون الجوائز هي السبب في الاستمرارية، بل أن يكتب كما كان بعمق وهدوء وبعيدًا عن الأضواء، وأن يبحث في مشاريع أدبية جديدة”.
المصدر:راديو صوت العرب من أمريكا