كلمة العددمقالات

جذور في الهواء

#الشبكة_مباشر_بغداد_د كاظم المقدادي

بعض اللحظات تؤثر في مسار حياتنا ،، وبعضها تمر كالسحاب ولا تشعر بما فيها

هناك حضارات وابتكارات وإنجازات ،، وآثار وأقوام وأنبياء وخلفاء وسلاطين ،، تركوا لنا كنوزا وقيما واخلاقيات .

وفي العصر السلكوني الذي نعيشه اليوم ونتعايش معه ،، يراد منا ، بل رغما عنا ، ان نغادر تلك الثوابت ، ونستسلم إلى المتاهات ، ليصنعوا لنا مستقبلا هلاميا ، يكون قبلتنا ودليلنا ومرشدا لنا ، وهو ذا الكائن الاصطناعي ، الذي يراد له ايضا قيادتنا بأمر وبيان غربي أمريكي .

ثوابتنا .. كانت بدءاً من عصر الكتابة السومري وعصر الحضارة البابلي والاكدي والآشوري والميدي ،، إلى العصر الفينيقي وفلاسفة الإغريق ، ووالروماني والعباسي ،، حتى عصور النهضة والتنوير والباروك ،، إلى عصور الحداثة وما بعد الحداثة .. إلى عصر الرقمنة.. وعصر تكنولوجيا الاتصال ، والحداثة السائلة التي بشرنا بها الفيلسوف الأمريكي باومان ، والتي جاءت منسجمة مع ثورة الذكاء الاصطناعي التي تلاعبت بالأرحام والجينات ، والجندرية التي تناغمت مع ظاهرة المثلية بود وانسجام .

وبناء عليه ،، يتوجب ان نعيش مع كائن مصطنع بما لديه ،، من مهارات وكفاءات وبنوك معلومات ، وبرامج علميةً معدة للتفوق ،، وليبقى الكائن البشري رهينة عنده
وبهذا ينتهي عصر الانسان الذي كرمه الله وجعله خليفة على الارض، بروح ربانية وعناية سماوية ، يؤمن بالقدر وبالقضاء ، وترعاه ملائكة السماء .

وليظهر الكائن الاصطناعي فجأة في عصر “ما بعد الانسان” ليلغي حقيقة الانبياء والمرسلين والناس اجمعين ، وتنتهي بلاغة الفن والابداع ، واهمية الهواء والماء والترب والنار ، وذاكرة الطين ،، لان الكائن الاصطناعي ، ليس بحاجة إلى عدة السفر ، ولا إلى الماء والطعام والزيتون والتين .

عصر / ما بعد الإنسان ، يراد له سلب إنسانية وذاكرة البشر ، والغاء فكرة القضاء والقدر ، والتلاعب بحليب البقر ، وسرقة الملكية الفكرية ، والتنازل عن الآدمية ، وما علينا سوى الاصطفاف وراءه ،، جنودا مجندة ، وسرايا موحدة ، ونفوسا حائرة ، بين الايمان وعدمه ، بين المستقبل ومتاهته .

من كان يظن مجرد الظن . بالإثم او بدونه ،، ان يأتيك من تحبه ، وكأنه القادم من الآخرة ، الآتي من الجنائز المعلقة ، بصوته وشكله ولونه ، وربما في يوم ما بلحمه وشحمه وروحه ، ليجلس معك ويحدثك عن ذكريات مشتركة ونزوات مشتركة ، وحب بنت الجيران ، والزواج من بنت السلطان .

ومن كان يظن ان الذكاء الاصطناعي ،، سيمنح عقولنا استراحة ابدية ، ثم سيأمرنا فيما بعد بالاقالة الجبرية !!

عالم بلا ثوابت .. وبتحولات كبيرة ، سريعة وخطيرة ،، ابصروا كيف ان الحروب ، تتوسع في كل مكان ، من أوكرانيا ،، إلى غزة واليمن وسوريا ولبنان ، الى السودان ، وصراعات ونزاعات ، بلا كفة ميزان .، تمعنوا في مصير الإنسان ، لا قانون يحميه ولا بنيان ،

وهل انتبهتم إلى ورطة السياسة الأمريكية و الاخلاقيات الأوربيةً ، ارسال احدث القنابل إلى الدولة العبرية ،، والى اهلنا في غزة سردين واجبان وادوية ، لكي يبقوا على قيد الموت والطائرات الاسرائيلية .
وفي مكان آخر ، تتقدم جيوش بوتين نحو أوكرانيا ،، خشية من تورط أوربي كاسح ، و قواته تتدرب على استخدام القنابل النووية ،، بشراكة بلاروسيا القومية.

وهذه اوربا العجوز حائرة في مكياجها و مستقبلها ، واليمين المتطرف يقض مضاجعها ،، ويدق ناقوس الخطر عند آذان برلمانيها ،، وماكرون الماكر يتوجس خيفة ، ويستعجل امره بحل البرلمان ، ويعلن بشكل مفاجيء عن انتخابات مبكرة تنجيه من الطوفان ، ولا تحد من خطر اليمين المتطرف ، وهو يغزو اليوم البرلمانات الاوربية في الزمان والمكان .
كل شيء ممكن حدوثه في عصر ما بعد الإنسان .. لا حياء ولا استحياء . ولا اخلاق ولا رجاء ،، ومن حسن حظهم ، ان تحدث انتفاضات عارمة في داخل جامعاتهم ، انهم فتية طالبات وطلاب ، يصدحون باصواتهم من اجل غزة واطفالها ونسائها ، ومن اجل عودة ( الأنسنة) إلى نظم وثقافة التفاهة التي تهيمن على مصائر العالم في كل مكان .

اما افلام الحب والغرام .. فسوف لن تجد هناك من يموت فداءً للمحبوب ، ولا عبلة ولا عنتر ولا شيبوب ، و لا روميو و لا جوليت ..لان ماكبث و هاملت والعصر الفيكتوري بخفايا قصوره ، وحراب ملوكه ، وخراب جنوده ، سيظهر على خشبة الذكاء الاصطناعي ، وسيعلن شكسبير بصوته ، عن عودة الملكة فكتوريا وهي تفضح رعاياها الجدد الذين ، قتلوا الأميرة المحبوبة ديانا ، وسمحوا بتثبيت سوناك الهندي رئيسا للبلاد ، وهو احد احفاد غاندي ، حامل سلاح المغزل ، الذي اخرج الانگليز بمدفعية الميلاد .

و لا تسألوني عن بلدي العراق ،، فالاختناقات المرورية ، و تشييد المجسرات .. تحتاج إلى هضم كيلو من المكسرات ،، بأنتظار عودة الكهرباء التي نسميها ظلما بالوطنية ، ، فهل من الوطنية ، ان تنتصر علينا المولدات الاجنبية ، وشركة سيمنس و جنرال الكتريك الأمريكية ،، وللحدث بقية …&
د كاظم المقدادي

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى