بعض اللحظات تؤثر في مسار حياتنا ،، وبعضها تمر كالسحاب ولا تشعر بما فيها
هناك حضارات وابتكارات وإنجازات ،، وآثار وأقوام وأنبياء وخلفاء وسلاطين ،، تركوا لنا كنوزا وقيما واخلاقيات .
وفي العصر السلكوني الذي نعيشه اليوم ونتعايش معه ،، يراد منا ، بل رغما عنا ، ان نغادر تلك الثوابت ، ونستسلم إلى المتاهات ، ليصنعوا لنا مستقبلا هلاميا ، يكون قبلتنا ودليلنا ومرشدا لنا ، وهو ذا الكائن الاصطناعي ، الذي يراد له ايضا قيادتنا بأمر وبيان غربي أمريكي .
ثوابتنا .. كانت بدءاً من عصر الكتابة السومري وعصر الحضارة البابلي والاكدي والآشوري والميدي ،، إلى العصر الفينيقي وفلاسفة الإغريق ، ووالروماني والعباسي ،، حتى عصور النهضة والتنوير والباروك ،، إلى عصور الحداثة وما بعد الحداثة .. إلى عصر الرقمنة.. وعصر تكنولوجيا الاتصال ، والحداثة السائلة التي بشرنا بها الفيلسوف الأمريكي باومان ، والتي جاءت منسجمة مع ثورة الذكاء الاصطناعي التي تلاعبت بالأرحام والجينات ، والجندرية التي تناغمت مع ظاهرة المثلية بود وانسجام .
وبناء عليه ،، يتوجب ان نعيش مع كائن مصطنع بما لديه ،، من مهارات وكفاءات وبنوك معلومات ، وبرامج علميةً معدة للتفوق ،، وليبقى الكائن البشري رهينة عنده
وبهذا ينتهي عصر الانسان الذي كرمه الله وجعله خليفة على الارض، بروح ربانية وعناية سماوية ، يؤمن بالقدر وبالقضاء ، وترعاه ملائكة السماء .
وليظهر الكائن الاصطناعي فجأة في عصر “ما بعد الانسان” ليلغي حقيقة الانبياء والمرسلين والناس اجمعين ، وتنتهي بلاغة الفن والابداع ، واهمية الهواء والماء والترب والنار ، وذاكرة الطين ،، لان الكائن الاصطناعي ، ليس بحاجة إلى عدة السفر ، ولا إلى الماء والطعام والزيتون والتين .
عصر / ما بعد الإنسان ، يراد له سلب إنسانية وذاكرة البشر ، والغاء فكرة القضاء والقدر ، والتلاعب بحليب البقر ، وسرقة الملكية الفكرية ، والتنازل عن الآدمية ، وما علينا سوى الاصطفاف وراءه ،، جنودا مجندة ، وسرايا موحدة ، ونفوسا حائرة ، بين الايمان وعدمه ، بين المستقبل ومتاهته .
من كان يظن مجرد الظن . بالإثم او بدونه ،، ان يأتيك من تحبه ، وكأنه القادم من الآخرة ، الآتي من الجنائز المعلقة ، بصوته وشكله ولونه ، وربما في يوم ما بلحمه وشحمه وروحه ، ليجلس معك ويحدثك عن ذكريات مشتركة ونزوات مشتركة ، وحب بنت الجيران ، والزواج من بنت السلطان .
ومن كان يظن ان الذكاء الاصطناعي ،، سيمنح عقولنا استراحة ابدية ، ثم سيأمرنا فيما بعد بالاقالة الجبرية !!
عالم بلا ثوابت .. وبتحولات كبيرة ، سريعة وخطيرة ،، ابصروا كيف ان الحروب ، تتوسع في كل مكان ، من أوكرانيا ،، إلى غزة واليمن وسوريا ولبنان ، الى السودان ، وصراعات ونزاعات ، بلا كفة ميزان .، تمعنوا في مصير الإنسان ، لا قانون يحميه ولا بنيان ،
وهل انتبهتم إلى ورطة السياسة الأمريكية و الاخلاقيات الأوربيةً ، ارسال احدث القنابل إلى الدولة العبرية ،، والى اهلنا في غزة سردين واجبان وادوية ، لكي يبقوا على قيد الموت والطائرات الاسرائيلية .
وفي مكان آخر ، تتقدم جيوش بوتين نحو أوكرانيا ،، خشية من تورط أوربي كاسح ، و قواته تتدرب على استخدام القنابل النووية ،، بشراكة بلاروسيا القومية.
وهذه اوربا العجوز حائرة في مكياجها و مستقبلها ، واليمين المتطرف يقض مضاجعها ،، ويدق ناقوس الخطر عند آذان برلمانيها ،، وماكرون الماكر يتوجس خيفة ، ويستعجل امره بحل البرلمان ، ويعلن بشكل مفاجيء عن انتخابات مبكرة تنجيه من الطوفان ، ولا تحد من خطر اليمين المتطرف ، وهو يغزو اليوم البرلمانات الاوربية في الزمان والمكان .
كل شيء ممكن حدوثه في عصر ما بعد الإنسان .. لا حياء ولا استحياء . ولا اخلاق ولا رجاء ،، ومن حسن حظهم ، ان تحدث انتفاضات عارمة في داخل جامعاتهم ، انهم فتية طالبات وطلاب ، يصدحون باصواتهم من اجل غزة واطفالها ونسائها ، ومن اجل عودة ( الأنسنة) إلى نظم وثقافة التفاهة التي تهيمن على مصائر العالم في كل مكان .
اما افلام الحب والغرام .. فسوف لن تجد هناك من يموت فداءً للمحبوب ، ولا عبلة ولا عنتر ولا شيبوب ، و لا روميو و لا جوليت ..لان ماكبث و هاملت والعصر الفيكتوري بخفايا قصوره ، وحراب ملوكه ، وخراب جنوده ، سيظهر على خشبة الذكاء الاصطناعي ، وسيعلن شكسبير بصوته ، عن عودة الملكة فكتوريا وهي تفضح رعاياها الجدد الذين ، قتلوا الأميرة المحبوبة ديانا ، وسمحوا بتثبيت سوناك الهندي رئيسا للبلاد ، وهو احد احفاد غاندي ، حامل سلاح المغزل ، الذي اخرج الانگليز بمدفعية الميلاد .
و لا تسألوني عن بلدي العراق ،، فالاختناقات المرورية ، و تشييد المجسرات .. تحتاج إلى هضم كيلو من المكسرات ،، بأنتظار عودة الكهرباء التي نسميها ظلما بالوطنية ، ، فهل من الوطنية ، ان تنتصر علينا المولدات الاجنبية ، وشركة سيمنس و جنرال الكتريك الأمريكية ،، وللحدث بقية …&
د كاظم المقدادي