الحب والإخلاص والوفاء، كلها أشياء إذا توافرت بين طرفين تقوى العلاقة ويصعب الفراق..
ولا تقتصر العلاقات القوية على البشر وحسب إنما من الممكن أن تكون بين إنسان وحيوان يحمل صفة الوفاء، ولربما يفتقدها بعض البشر
هذا ما حدث مع قصة فراقنا لكلبتنا دوشكا..
عندما تم نشر صور لها بعد رحيلها، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً بين محبي الحيوانات الأليفة..
قصة راقية وقصيرة ولكنها معبرة..
كان لدينا كلبة تدعى” دوشكا ” من إختيار ابني..
عاشت معنا لمدة أربعة عشر سنة بهدوء ووفاء
لكنها ماتت بسبب العمر وإصابتها بمرض وعجز..
الأمر الذي جعلنا نحزن عليها كثيراً مع الكثير من الأصدقاء الذين احبوها مثلنا لأنها أليفة ووفية..
اعذروني لأنني اليوم أكتب عن حيوان أليف..
وكنت قد ترددت كثيراً في الكتابة عن فراق حيوان أليف قبل أن تقع عيني على كلمات كتبها العقاد ويقول فيها : صور كثيرة بقيت في خلدي من الإسكندرية كأنها صفحات مقسمة من معارض الفن والحياة والتاريخ، وستبقى ما قُدّر لها البقاء وسيكون من أبقاها وأولاها بالبقاء صورة واحدة لمخلوق ضعيف أليف يعرف الوفاء ويحق له الوفاء،هو صديقي”بيجو” الذي فقدناه..
وإني لأدعوه “صديقي” ولا أذكره بإسم فصيلته التي ألصق بها الناس ما ألصقوا به من مسبة وهوان، فالناس قد أثبتوا بتاريخهم أنهم أجهل المخلوقات بصناعة التبجيل وأجهلها كذلك بصناعة التحقير، فكم من مبجل فيهم ولا حق له بأكثر من العصا، وكم من محقر بينهم ولا ظلم في الدنيا كظلمة بالإزدراء والإحتقار..!!
بعدها قررت أن أكتب لنرتاح قليلاً على فراقها
وأريح من هم فقدوا الصديق ذوو الأربع أرجل..
قال لي يوماً أحد الأساتذة المخضرمين في اللغة والثقافة، هل تعلم لماذا لقٍبَّ الكلب بالصديق..؟؟
أجبته لماذا..؟؟!!
قال لأنه أليف لا يسرق ولا يكذب ولا ينقل كلام
ولا يستغيب ولا يوشي ولا يستخف بأحد..
أذكر ولن أنسى تلك الكلمات، وكما قال أحدهم
كلما تعرفت على بشر أكثر تعلقت بكلبي أكثر..
من تربيتي أن لا أشتم أو انعت أحداً، ولكن منذ فترة اضطررت أن أقول لأحدهم يا كلب..
لكن للحظة نظرت لعيني دوشكا واعتذرت منها..
لربما نريد أن نقول لها أشياء كثيرة وكثيرة..
فلم نتعود بعد على غيابها وقد فارقتنا منذ أيام بأنه كلما نادينا وكما كنا نناديها يا دوشكا : كانت تأتي مسرعة مداعبة، صاغية، ما زلنا نناديها..
لكن..لقد أصبح البيت والجوار أُذُنا خاوية…..
لا مِن صدى فيه ولا سميع..
اللهم يا كريم..سامحنا واغفر لنا على كل شيء..