مقالات

عبقرية الرسول الكريم و مدخل لمدرسته العسكرية

#الشبكة_مباشر_بغداد_الفريق الركن الدكتور عماد ياسين الزهيري

( اراء حرة)

١.وقفت في ذكرى وفاة و استشهاد الرسول الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله الطيبين الطاهرين وصحبه الغر المنتجبين. ومن باب التكليف الاخلاقي والانساني اتجاه هذه الشخصية العظيمة التي ساهمت في تغيير المنهج الانساني بنشر الاسلام والدعوة الى التوحيد والتي تناولته كتب التأريخ والسيرة من الاصدقاء والاعداء من المؤمنين ومن الكافرين والملحدين كما ساهم المتطرفون والمتشددون بضياع الكثير والمثير من اللمسات الانسانية التي كانت مساهمات انسانية عظيمة في جميع المجالات ومختلف الاصعدة .. وساحاول ان اقدم رسول الله ص بهذه الحلقة باضاءات فكرية عن شخصيته وانجازاته العسكرية عسى ان يتقبل الله مني ذلك.

٢.ذكر في كتاب الطبقات إن عدد مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم التي غزاها بنفسه سبعا وعشرين غزوة، وكانت سراياه التي بعث بها سبعا وأربعين سرية، وكان ما قاتل فيه من المغازي تسع غزوات: بدر القتال، وأحد، والمريسيع، اوبني المصطلق والخندق وقريظة، وخيبر، وفتح مكة، وحنين، والطائف، فهذا ما اجتمع لنا عليه وكان فيها مخططا وقائد ميدانيا ‎(والغزوة) هي المعركة التي حضرها الرسول صلى الله عليه وسلم وتسمى بالموقعة ايضا وهي مرادف لكلمة غزوة اما ( المعركة) هي التي حدثت في عهده صلى الله عليه وسلم ولم يخرج فيها للقتال.

٣.كانت الحروب في منطقة الجزيرة العربية تعتمد مبدأ الكر والفر وتحركها الاطماع الشخصية وطموح قادة القبائل وتنفذ ايضا باساليب قطع الطرق على القوافل وممارسة السلب والنهب واغلب الاعمال العسكرية عبارة عن ردود افعال ولم تنظم باعمال عسكرية، وهنا برزت عبقرية الرسول الكريم ص حيث ساهم بدمج ابناء القرى والارياف بمقاتلين القبائل البدوي التي تسكن الصحراء مع تقسيم المسلمين الى مهاجرين وانصار لفتح باب التنافس والتضحية ولكنه ساهم بتأسيس المدرسة الاسلامية الحربية بنظرية الحرب التقليدية والغير تقليدية حيث ساعد على تنظيم مجاميع متمردة مع حرب عصابات اوقفت تجارة قريش وحلفائها باسلوب القتالات الخاصة ( الكمائن والدوريات والغارات) وبذلك سبق جميع المفكرين والمنظرين العسكريين كما ساهم بتحديد مناطق التحشد والاجتماع واماكن التشكيل في غزواته ومعاركه فلطالما كان يحدد القائد الميداني ويسلمه الراية ويحدد منطقة الاجتماع وحادثة جيش اسامه خير شاهد على عبقريته وتنظيره كما انه احاط نفسه بمقاتلين من ذوي الخبرة والشجاعة وأسس روح وفريق العمل الجماعي وفتح باب النقاش والمشورة، مشورة اختياره ساحة معركة بدر والسيطرة على الابار وحادثة حفر الخندق وتحديد حركة الكفار وردود فعله اتجاه المنافقين في غزوة بني قريضة وحسمه لملف الجبهة الداخلية لعاصمته المدينة كلها علامات تدل على عبقريته وصفاته كقائد ومفكر ومنظر استراتيجي.
٤.لقد أشير للرسول الكريم ص بدراسة لكاتب امريكي يدعى ريتشارد غابريال خدم في مجال الاستخبارات وله مايقارب ٤١ كتاب، بان الرسول الكريم ص قد أسس عقيدة سياسية خلاصتها حرب الشعب وجيش الشعب (People’s War ، People’s Army)،
وذلك قبل تبنّي العقيدة نفسها من قبل الجنرال الفيتنامي “فون جوان جياب” في حرب فيتنام. وترى الدراسة أن الرسول نجح في أن يقنع أتباعه أن الله طالب كل المسلمين بتسخير كل مواردهم من أجل العقيدة، ومن أجل ما يطلبه الرسول نفسه بوصفه مرسلا.

‎ويرى الكاتب أنه من دون عبقرية الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- ورؤيته العسكرية الفذة ما كان ليبقى الإسلام ويصمد وينتشر بعد وفاته. وتذكر الدراسة أيضا أنه على الرغم من توفر الكثير من الدراسات العلمية عن حياة الرسول وإنجازاته، فلا توجد دراسة تنظر إلى الرسول على أنه أول جنرال عسكري في الإسلام وأول متمرد ناجح (First Insurgent)، على حد التعبير الحرفي للدراسة. وترى الدراسة أنه لولا نجاح الرسول محمد بوصفه قائدا عسكريا ما كان للمسلمين أن يغزوا الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية، بعد وفاته. وتقول الدراسة إن النظر إلى الرسول محمد كقائد عسكري هو شيء جديد على الكثيرين، فقد كان عسكريا من الطراز الأول؛ قام في
عقد من الزمن بالتخطيط ل ٣٨ عملية عسكرية،
وشن ١٨ غارة وقيادة ٩ معارك عسكرية.

‎وتذكر الدراسة أن الرسول أصيب مرتين أثناء مشاركته في المعارك، ولم يكن الرسول محمد قائدا عسكريا محنكا وحسب، بل ترى الدراسة أنه كان “منظّرا عسكريا” و”مفكرا إستراتيجيا” و”مقاتلا ثوريا”. وتصف الدراسة الرسول محمد بأول من أوجد “عمليات التمرد” (Insurgency Warfare) وحروب العصابات (Guerrilla Warfare)، وأنه “أول من مارس هذه الإستراتيجيات وطبقها .

٥.لقد ساهم الرسول ص في مدرسته الفكرية العسكرية على عدد من مبادئ الحرب وفي رأي اهمها ( الهدف من الحرب والهجوم والتحشد وادامة زخم المعركة معنويا وعقائديا )كما اصبحت احاديثه ووصاياه نهج انساني ينظم ساحة الحرب والمعارك ويضبط ايقاعها ففي فتح مكة (. لاتقتلوا طفلا او شيخ كبير ولاتقتلوا مدبرا ولاتقطعوا شجرة) كما انه أسس لسياسة التسامح بالعفو عن مكة واهلها واطلقهم للاستفادة من مواردهم وخبرتهم ودعم حركة الاسلام بهم فكان بعفوه قد اضاف موارد بشرية ومادية لجيشه المستقبلي وكانت قواعد الاشتباك التي حددها بوضوح سببا في ارسال امير المؤمنين علي بن ابي طالب لتعويض حي من احياء مكة بعد ان اخطاء خالد بن الوليد بحقهم بحادثته المشهورة عند فتح مكة ولو اردنا ان نستعرض تاريخ الرسول الكريم ص بوجهة نظر وتحليل قائد عسكري يمكن من تأليف موسوعات حربية تؤكد اننا امام مفكر ومنظر وقائد استراتيجي ساهم باسقاط الامبراطورية الرومانية والفارسية بمدرسة الاسلام العسكري والسياسي
وفي ختام هذه الوقفة امام هذا الرمز الانساني

فانني ادعو الله ان يمن على المسلمين والمؤمنين بالوحدة على طريق الحق وتجاوز النعرات الطائفيه والذهاب لتحرير فلسطين والقدس الشريفة بروح العمل الجماعي في السلم والحرب وتأهيل الجيوش عقائديا وانسانيا والتسلح باخلاق الرسول الكريم وفكره وعلمه ص

وحفظ الله العراق وشعبه ووحدته وجيشه العظيم والأمة العربية والإسلامية.

الفريق ق خ الركن الدكتور
عماد ياسين الزهيري

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى