مقولة الثقافة..مقاربات اخلاقية
عقيل العبود
الثقافة ليست مجرد معلومات يتعلمها الانسان ويتعرف عليها هنا في هذا الباب، او ذاك ليقال ان فلانا مثقف.
فهي العلم، والحكمة، والانضباط، والوجدان، وهي النقاء الروحي.
هي ايديولوجيا الضمير الاخلاقي المثابر ، والطريق الذي يسلكه المتعلم لكي يحول مقولة المعرفة الى معنى وجودي.
ولذلك فالثقافة كلمة ارتبطت بالعقل، ونفس الانسان، ومثلها مثل الريح تسوق المطر للتربة
لكي تنمو البذرة الطيبة في هذا المكان، وذاك.
فالاب المثقف، والمعلم يعلم اولاده، والاخرين على تجنب الكلمات غير المرخصة، اي البذيئة في المجتمع، وتداول الكلمات الطيبة بدلا.
والمعنى الوجودي للثقافة، انما اقصد به لغة في التعبير، والتأثير يقترن بتطبيع النفس على الاتيان بالعادات والطبائع الحسنة كالشهامة، والوفاء، والايثار، والتضحية واحترام الناس.
اما ضبط النفس فيقتضي الزامها بتحقيق ما يقع عليها من التزامات اخلاقية، بغية التأثير على المحيط الاجتماعي، وتثبيت قاموس المفردات والقيم الصحيحة، بغية التمسك بها، وتداولها بما في ذلك الكلمات الحسنة، فاستبدال كلمة الجاهل اثناء التداول بغير المتعلم، واستبدال الاعمى بالبصير، وغير ذلك يمكن لها ان تزرع لغة جميلة ومتماسكة، والتداول المحكم للكلمات مفيد في بناء المجتمعات.
لقد ورد في القران الكريم في الاية ٢٦٩ في سورة البقرة “ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا وما يذكر الا اولو الالباب” والالباب هي العقول، ومفردها العقل، واللب هو الجوهر هو ذروة وذرة الحقيقة الانسانية، والوجدان الذي يحمله هذا الكائن الجميل في عقله، وقلبه، ومشاعره.
ولهذا فان الثقافة بحسب ما تقدم هي الحكمة التي بها تزدهر الذات لتصبح شجرة وارفة للعطاء الانساني.
وتقدم الحياة والحضارات، انما هو بفعل النفوس المعمرة.
لقد بقي مارتن لوثر، وكونفشيوس، وغاندي، وبقي الاحرار في كلماتهم ونفوسهم في ارواح وضمائر من اقتدى بهم.
ولذلك ليس الثقافة مجرد كلمات في الشعر، والادب، والمحافل، انما هي المنابع التي تتدفق في تلك القلوب والضمائر التي ديدنها زراعة المحبة.
هي الانجازات العلمية في الطب، والهندسة والكيمياء، هي افعال العقول والنفوس التي نتنعم اليوم نحن بخيراتها.
ولهذا يصبح من الضروري استبدال الكلام الثقافي والمحاورة الثقافية والجدال الثقافي والمجاملات الثقافية بالافعال الثقافية.
عقيل العبود
ماجستير فلسفة وعلم الاديان وباحث اجتماعي جامعة سان دييغو