الأخوة السود وضحايا عمالة الأطفال …
رند علي / العراق/ بغداد
تتفاوت درجات عمالة الأطفال عبر التاريخ ، خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حيث كان العديد من الأطفال الذين تترواح أعمارهم بين الـ5 والـ 14 سنوات من أسر فقيرة يعملون في جميع دول العالم بعض الأعمال التي تستفيد من ضعفهم مثل عملهم في المزارع والمصانع وتقديم الخدمات ، وأحدى الأعمال الشائعة التي كان الأطفال وحدهم يقومون بها هي مهنة ( تنظيف المداخن) .
في عام 1941 وقع حادثُ مروع ( وفاة ثلاثين طفلاً من سويسرا على متن عبارة كانت متجهة إلى إيطاليا)، هذا الحادث كان السبب الذي دفع الكاتبة الألمانية ( ليزا تيتزنر ) إلى كتابة رواية غدت من أشهر روايات القرن العشرين ومن اهم روايات أدب الأطفال وهي رواية ( الأخوة السود) .
تتناول رواية الأخوة السود (الصادرة عن مشروع كلمة للترجمة التابع لهيئة ابو ظبي للثقافة والتراث) موضوع عمالة الأطفال عن طريق تتبع حياة بطل الرواية الطفل (روميو) الذي يضطر والده إلى بيعه ليسدد نفقات علاج زوجته المريضة ، الرحلة الشاقة التي يقوم بها روميو خلال سفره من قريته في سويسرا إلى مدينة نابولي في إيطاليا تُطلعنا على الأذى الذي يتعرض له الأطفال من خلال استخدامهم بالأعمال وحرمانهم من أبسط حقوقهم ، لايستهان ابداً بمهنة تنظيف المداخن هذه المهنة التي غالباً يكون العاملون فيها من الأطفال لأن أجسامهم الضعيفة تساعدهم على الصعود إلى المداخن التي قد تنهي على حياة بعضهم بسبب الأمراض التي يسببها رماد الدخان والتعرض للحرارة او السقوط من المدخنة إضافة الى تعرض الأطفال الى التنمر من قبل الأطفال الآخرين بسبب تعرض وجوهم إلى سواد رماد الدخان اثناء عملهم ومن هنا جاءت تسمية الرواية بالأخوة السود ، هذا بالإضافة إلى المعاملة السيئة التي يتلقاها الاطفال عند مستخدميهم مثل تعرضهم إلى الجوع والبرد والمرض وعدم الاهتمام بالحفاظ على حياتهم – مثل السيدة روسي التي كان يعمل روميو عند زوجها والتي عرضت روميو إلى اشد صنوف العذاب مثل الضرب والإهانة وحرمانه من الطعام وتعرضه إلى الإعياء لولا مساعدة الدكتور كازيلا له ولزملائه من الأطفال ( منظفي المداخن) حيث منحهم نقود لتساعدهم على شراء ملابس تساعدهم على تحمل برد الشتاء بدل ملابسهم الرثة البالية وحرضهم على التمرد والهرب من جحيم ميلانو وحثهم على التعليم ( دائماً بالعلم يرتفع شأن الإنسان ) كان الدكتور كازيلا يمثل النقطة المضيئة في حياة روميو ومن معه إضافة إلى إنجليتا الفتاة المريضة إبنة السيد والسيدة روسي التي كانت تواسي روميو وتدافع عنه وتزوده ببعض الطعام ، هؤلاء هم من شجعوا روميو على التمسك بالأمل .
رواية الأخوة السود صورة حية من معاناة الأطفال المستعبدين بصورة عامة ، رسمتها الكاتبة بأدق تفاصيلها لتطلعنا على الجانب المؤلم من حياة الأطفال ما يلاقونه من حرمان واضطهاد واستغلال بشع .
حصلت الرواية على نسبة مبيعات عالية، وقد تم تحويلها إلى مسلسل كرتوني ياباني للأطفال باسم ”عهد الأصدقاء”.
ليزا تيتزنر : كاتبة ألمانية ولدت في ألمانيا عام 1894م، ألفت العديد من الروايات للاطفال، أشهرها رواية الإخوة السود، تزوجت ليزا من كورت هيلد الشيوعي اليهودي، واضطرت هي وزوجها للهرب إلى سويسرا من النازيين في عام 1948 وحصلت على الجنسية السويسرية.