أخبار العائلة العربية في المهجركلمة العدد

العيد في العراق أيام زمننا الجميل … بقلم د.عصام البدري مؤسس و رئيس التحرير

#الشبكة_مباشر_بروكسل

كلما يأتي العيد و أنا في الغربة و بهذا العمر الذي غطى الشعر الأبيض رأسي و كل شعرة لها من الذكريات التي لا تنسى حتى لو يكون الزهايمر الداء الأخطر في العصر الحديث تتقلب في ذاكرتي ذكريات زمننا الجميل بنقاء أواصر نسيج مجتمعنا الأصيل و إن صعبت ظروفنا ذاك الزمان.

فذاكرة الزمن محفورة في كل خلايا الدماغ و تتقاطر الذكريات قطرة قطرة مثل المطر و خاصة بالأيام الأخيرة من شهر رمضان الكريم و التي كان الثقل الأساس يكون بطبيعة الحال على أم العز ( الله يرحمها و

يدخلها فسيح جناته) التي لا تنسى و هي التي ربت 6 أبناء ربما الفارق بين واحد و آخر يصل الى أكثر من 10 سنوات فعينها على الفطور و الاستعداد للعيد و عليها التسوق و بكثير من المرات أكون معاها

و نحن نتجول بالسوق و هي تبحث عن الجيد و السعر المناسب و أحلى الجولات عندما تأخذني باليومين الأخيرين من رمضان لتشتري لنا أنا و عادل وعمر و موفق بدلات جميلة تفرحنا بها صباح العيد أما

الأخوين عماد و عزيز فهم كبار و عليهما تدبير نفسيهما أما البيجامات و الكليجة فهو موضوع مستقل تمامآ لآ يضبط الا بليلة العيد حصرآ حتى لو تأخر الوقت كثيرآ على أنغام تلفزيزن العراق و هو يذيع أغنية

أم كلثوم الرائعة يا ليلة العيد بإستمرار.

كان الهاون سيد الموقف و ماكينة الخياطة سنجر القديمة التي علينا أن ندورها باليد و كانت مسؤوليتي حتى تنتهي الغالية ( الله يرحمها و يدخلها فسيح جناته ) من أكمال بجايم البازة والهاون أيضآ

لطحن الجوز مع المبروش والسمسم والتمر والسكر والهيل الذي هو رمز سعادتنا وفرحتنا رغم التعب لعمل الكليجة الأساس في صباح الييت العراقي و نحمل الصواني الى الفرن في منطقتنا و سعادتنا

عندما تتحمص و نأكلها و هي حارة.

هذه العادات والتقاليد لا تختلف في كافة مدن العراق بل حتى في أريافها، وهنا لا أتخوف أن تتغير هذه العادات والتقاليد المتوارثة أو أن يصيبها خطر الإنقراض في ظل العولمة و تغير طباع الناس حسب

مستجدات التغيير المستوردة، وعند إعلان بشرى العيد الذي أشعر وتغنى به الكثيرين منذ أجيال، وفي تلك اللحظات يتغنى العراقيون بترديد أغنية أم كلثوم “يا ليلة العيد” وأغنية الفنان ناظم الغزالي ” أي

شيء في العيد أهدي أليك” ويبدأ الانشراح والفرح والمرح.

من منا، نحن جيل الستينات من القرن الماضي، لم يتذكر حلاوة و لذة العيد أيام زمان و العيدية من أبو العز (الله يرحمه و يسكنه فسيح جناته ) التي هي الأساس لنا بمصباح العيد و أن قلت قيمتها فهي

فرحة لا توصف ، حيث نستعد لها حتى و إن أشترينا الأحذية الجديدة و دشداشة العيد وكل شيء، لنلبسه بفرحة أول أيام العيد، وكانت لذة التسوق و التجول بالعيد و ألعابه المعروفة أيام زمان و لما كبرنا

قليلآ كنا نذهب لسينما فيلمين في بطاقة واحدة.

في أول صباح العيد المبكر جميع الرجال والأولاد يخرجون لأداء صلاة العيد ويلتحق بعض من النساء لزيارة المقابر مع رجالهم وأولادهم لقراءة الفاتحة على موتاهم، بعدها الجميع يتهنى بألذ إفطار للعائلة بعد

مراسيم التهنئة، النساء يبدأن في تجهيز طعام العيد والتفنن في أعداده أبتداءً من الفطور…

الكاهي و القيمر والعسل و الدبس والبيض والجبن والزبد و الكليجة بأنواعها والشاي المهيل في جو جميل وعائلي بهيج، والأطفال والأولاد يريدون إنهاء الفطور بالسرعة لكي يلبسوا ملابسهم الجديدة

وينظروا الى أبائهم الذي يدخل الى قلوب الأولاد بإعطائهم العيدية وتراه فرحاً مبتسماً بتقديمها، ويبقى الأطفال والأولاد هم الرابحون، النساء والبنات يتزين ويتجملن وهن بدورهن بانتظار العيدية..

و أول من يطرق باب الدار هم المسحراتي والزبال وبعض من الفقراء بأنتظار الكليجة و العيدية، بعدها يبدأ مشوار التمتع بأيام العيد خارج البيت وأول ما يقوم به الرجال بزيارة جيران المحلة ليتبادلوا تهاني العيد، والنساء أيضاً يتبادلن الزيارات.

قبل يوم العيد و هو بطبيعة الحال إجباري للرجال لمحلات الحلاقة لقص وتهذيب الشعر حيث تبقى محلات الحلاقة مفتوحة طوال اليوم والى ساعات متأخرة من ليلة العيد الى الصباح ولآخر زبون،
أما النساء والبنات فيستعرضن تفننهم بنظافة البيت وجعله ورد كما يعبرون عنه…

كل شيء كان يوحي بأن هناك مناسبة جميلة اسمها «العيد»، حيث تتجمع العائلة في بيت الجد أو الكبير من الصباح حتى المساء، وقد يستمر النوم الى اليوم الثاني بين مرح الأطفال وتجميع العيديات ، التي غالباً ما تكون في حدود 100 فلس، الا عند البعض ربع دينار.

ومن الضحى الى المغرب، يلهو الأطفال في المراجيح، وهي ألعاب يتم نصبها في الساحات وتصنع محليا من الحديد والخشب ، على شكل دوران مجسمات كديلاب الهواء و غيرها من الألعاب الشعبية .

كل شيء على الفطرة، وحب الناس لبعضهم البعض تحسه في نفوسهم، يحب الواحد لأخيه ما يحب لنفسه و تذوب كل العرقيات و الطائفيات و حتى الأديان، ولا تجد فرقاً بين أبناء الوطن الواحد، حيث الجميع أنصهروا في بوتقة واحدة و جسم واحد هو العراق..

كذلك، التجمع على سفرة الغداء الواحدة ، حيث يمتلئ المنزل من المهنئين من الجيران و الأقرباء وخاصة الأعمام ويكفي الجميع، إنها بركة الله ثم المحبة.

أما لما كبرنا ومرت السنين بسرعتها القصوى و إذا نحن بالغربة و إذا بالعيد يختلف تامآ ربما لا وجود له بحكم إختلاف الثقافات و البلدان و ربما و بإحيان كثيرة جدآ الا ماندر أن يصادف العيد دوام رسمي

مجبر الطفل و الكبير على حد سواء الى الدوام ربما غير ( عيدكم مبارك و أيامكم سعيدة و كل عام و أنتم بخير) لا توجد فقط ممكن عمل الكليجة و دفع العيديات لأولادنا التي علمناهم عليها و أحبو هذه

الفقرة كثيرآ و ربما زيارات أصدقاء في حالات محدودة جدآ و صلاة العيد مع الأخوة المغاربة الذي لهم الفضل بطبيعة الحال بإنشاء المساجد في بلجيكا و عموم آوروبا.

اللهم احفظ لنا صلة الرحم في العيد، لأنها آخر رمق من الماضي الجميل مع الكليجة بأنواعها التمر و الجوز و السمسم و الحلقوم و المبروش والحلوى كالبقلاوة و الزلابية و شعر بنات.

و أرحم أبائنا و أمهاتنا و أعمامنا عماتنا و خوالنا و خالاتنا و أجدادنا و أقربائنا و جيراننا و أصدقائنا
و كل رمضان و عيد و أنتم بخير و راحة بال.

عصام البدري
لييج 2 مايو 2022

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى