النظام السياسي في فرنسا و دور الأحزاب السياسية في إدارة حكم البلاد

_في صبيحة 14 تموز 1789 تم اسقاط رمز سلطة النظام الملكي وهو سجن الباستيل الواقع في احدى الضواحي في شمال غرب باريس وتأسس عام 1383 وكان من نزلائه ومن رواده السابقين الفيلسوف فولتير الذي توفي في 30 مايس عام1778 أي قبل الثورة ب 11عاما و44 يوما

-بين 1789\1792مرحلة الفوضى الثورية الدموية التي راح ضحيتها عدة الاف حيث تم قطع رؤوس 1700 شخصا بمن فيهم الملك لويس السادس عشر في كانون الثاني 1793 عن عمر 40 عاما فيما تم قطع رأس زوجته ماري انطوانيت في تشرين اول من نفس العام عن عمر 38عاما بنت الامبراطور الروماني النمساوي فرانسوا الأول إضافة الى حوالي ربع مليون مواطن ممن يطق عليهم (محبي الملكية الملك) واغلبهم من (مقاطعة فاندي) في غرب فرنسا مطلة على الأطلسي ولا يزال للملكة ولسلالة (ال بوربون) انصارا ومؤيدين معترف بهم في جمعيات مختلفة.

-الجمهورية الأولى بين1792\ 1804 هيمن عليها الصراع بين القوى المعتدلة براسة المحامي دانتون والمتظرفة براسة المحامي روبسبير الذي قرر قطع رقبة دانتون وربعه قبل ان يتعرض هو وربعه لنفس (المصير المقصلي ).

-بروز دور الملازم الأول الشاب نابليون الكورسيكي بين 1804\ واسقاطه عام 1814في معركة واترلو من قبل الانكليز الذين نفوه لجزيرة القديسة هيلين وتوفي عام 1821عن عمر 52 عاما بعد ان قاد حروبا ضد مصر وفلسطين وإيطاليا والنمسا وألمانيا وروسيا وهولندا وبلجيكا وترك اثارا متنوعة منها بعض الأبنية التي لازالت شامخة وقانونا باسمه معتمدا على القوانين الرومانية التي جمع معظمها في عام 560م الامبراطور الروماني البيزنطي جستنيان كما صادق عام 1804 على انشاء بنك فرنسا الذي سبقته بيوتات مالية يهودية في فرنسا في عام 1806وافق على تشكيل مجلسا كنسيا ليهود فرنسا الذين كانوا مع البروتستانت اكثر المنتفعين من الثورة التي تبنت شعارات (الحرية والمساواة والاخاء) وصار هذا المجلس قاعدة (لمؤسسة – كريف) الذي يشبه في تأثيره العميق في السياسة الفرنسية يشبه الى حد كبير دور( الايباك اليهودي – الصهيوني في الولايات المتحدة )

-عودة الملكية بين 1814\ 1848حيث انعقد بعيد سقوط نابليون مؤتمر في فينا في النمسا حول مصر ومستقبل فرنسا بعد نابليون الأول وكان التنافس البريطاني من جهة والنمساوي الألماني والإيطالي من جهة أخرى هو الذي شفع لها لان تبقى في حدودها الجغرافية كدولة اوربية فيما تم الاستيلاء على مستعمراتها في حينها ومنها (مقاطعة هايتي) التي كانت ثاني دولة تستقل في عام 1804في قارة اميركا بعد الولايات المتحدة التي استقلت عام 1776 نتيجة حرب دموية مع الوطن الام بريطانيا فعادت الملكية الى فرنسا حيث حكم فيها ثلاثة ملوك من سلالة ال بوربون وانشغلوا بمحاربة الجمهوريين والبونابرتيين وكان ثانيهم شارل العاشر بين ايلول 1824ووفاته في اب 1830عن عمر 79 عاما قد قرر في 5 تموز عام 1830 غزو الجزائر كجزء من محاولة ابعاد الجيش عن الوطن الام لانه صار يتعطف مع الجمهوريين والبونابرتيين حيث تحجج بهذا الغزو عندما طالب (داي الجزائر حسين) حكم بين 1818ونفيه في 5تموز 1830 بالديون المترتبة على فرنسا عن حبوب وبقوليات استوردها تجار فرنسيون يهود من الجزائر في عهد نابليون الأول فتنكر لها النظام الملكي مما اغضب الداي الجزائري وقاده غضبه المشروع لغزو فرنسي لبلاده استمر حتى عام 1962

— الجمهورية الثانية بين 1848 \1852حيث تم اسقاط ثالث ملك وهو لويس فيليب بين 1830\1848ومجي نابليون الثالث ابن اخ نابليون الأول والذي كان هاربا وحكم كرئيس جمهورية حتى عام 1852 ثم حولها امبراطورية مثل عمه واستمر في توسيع الغزو الفرنسي للجزائر وفي حرب ضد إيطاليا التي فقدت مائة الف كم من أراضيها لصالح فرنسا لذلك يعتبرها نيقولا مكيافيلي مع النمسا والبابوية اخطر خصوم إيطاليا ولان البابوية كانت ترفض الوحدة الإيطالية لكي تبقى هي محتفظة بممالكها ونفوذها داخل إيطاليا كما دخل نابليون الثالث في حرب ضد الامبراطور الجرماني غليوم الأول الذي انتصر عليه في (معركة سيدون )ونفاه الى بريطانيا ليتوفى فيها فيما اعلن في شباط 1871 الوحدة الألمانية من قصر فرنساي وهو إهانة كبيرة الى فرنسا..

— الجمهورية الثالثة ولدت بعد الاحتلال الألماني الاول في عام 1870واستمرت حتى الاحتلال الألماني الثاني عام 1939 -وساهمت من خلال رئيسها الأول ادولف تيري مع الجيش الألماني بالقضاء على ثورة او بلدية باريس ( كومونة باريس) في عام 1901 اقرت قانون الجمعيات والنقابات والمنظمات والأحزاب والهيأت وفي عام 1905اقرت قانون فصل الدين عن الدولة ملتحقة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة والبرتغال ولحقت بها عام 1918روسيا السوفيتية وتركيا وريثة العثمانيين عام 1923 وإيطاليا عام 1927كما اقرت التعليم الابتدائي الإلزامي للبنات والبنين واعتبرت الاستعمار اللغوي لا يقل أهمية عن الاستعمار العسكري وهرب اخر رؤساءها الاشتراكي لبرانو الى جنوب غرب فرنسا.

– الاحتلال الالماني بين 1939 \1944حيث أعلن الجنرال بيتان استسلام بلاده خلال ثلاثة أسابيع للألمان الذين احتلوا معظم أجزاء البلاد وشكلوا في جنوب شرق فرنسا حكومة رمزية بقيادة الجنرال بيتان وتسمى (حكومة فيشي- وكان يمكن للألمان ان يبقوا سنواتا طوال لولا الغزو الأميركي البريطاني والكندي والاسترالي فيما يسمى انزال النورماندي.

– الجمهورية الرابعة بين 1944\1958حكمها رئيسان اشتراكيان مع 20 رئيس وزراء مما يعني نوعا من عدم الاستقرار بسبب الصراعات الحزبية كما استمرت في التوسع في الجزائرواحتلت بلدان الهند الصينية بين 1946\1954 وشاركت في تشرين اول 1956في العدوان الثلاثي على مصر.

– الجمهورية الخامسة وهي موضوع حديثنا فقد بدأت منذ عام 1958 كجمهورية ليست برلمانية – نيابية بل رأسية بموجب دستور تضمن صلاحيات أوسع لرئيس الجمهورية الذي لم يعد يتم انتخابه من بين أعضاء مجلس النواب بل من الشعب باقتراح شعبي مباشر وان يكون هو قائد عام للقوات المسلحة وهو الذي يحق له ان يرفض تسمية مرشح الأغلبية ليكون رئيسا للوزراء ويعتمد رؤساء البعثات الدبلوماسية وان يحل مجلس النواب وعرض مسودة الدستور للاستفتاء الشعبي وصوت الناخبون عليه بصورة إيجابية.

وجرى الترشيح للراسة من عدة شخصيات ففاز الجنرال شارل ديكول كأول رئيس لها وحكم بين 1958حتى اضطراره للاستقالة عام 1969ليتوفى في العام الثاني بعد عمر 90 عامابعد ان قرر في عام 1961 استقبال المستشار الألماني الغربية اديناور ووقع معه اتفاقية قصر الاليزيه للتعاون المشترك ولا زالت قائمة 0وفي عام1962قررالتفاوض مع الجزائريين فيما يسمى سلام الشجعان في عام 1962 اقام علاقات مع الصين الشعبية غير انه واجه مظاهرات شبه شاملة قادها الصهاينة والماسونيين بعد ان حاول يقف على الحياد في حزيران 1967 في الحرب بين الفلسطينيين ومعها بعض الدول وصرح في مؤتمر صحفي بان الشعب اليهودي واثق من نفسه وميال للسيطرة
Les Juifs sont un people sûr de lui et dominateur.

-خلف ديكول الرئيس جورج بو مبيدو بين 1969\1974من الحزب الديكولي

-الرئيس جسكار دستانت بين 1974\1981من يمين الوسط. اتسمت فترته بالتوسع العمراني وسميت سنوات التقدمles annees glorieuses

-الرئيس فرانسوا متران حكم 14عاما بين 1981\1995من الحزب الاشتراكي حكم معه 7 رؤساء خمسة اشتراكيين واثنين وهما الديكولي جالك شيراك وادوار بلدور اللذان فازا بأصوات نيابية اعلى من أصوات اليسار فحصل في عهده اول اتفاق سياسي يسمى (التعايشCohabitation ) أي سلطة رأسية اشتراكية و(سلطة تنفيذية من اليمين الوسط وظهر مصطلح الرئيس يقرر والحكومة تنفذ

— الرئيس جاك شيراك الديكولي حكم مرتين بين 1995\2007 تعرض هو الاخر في دورته الثانية لانخفاض عدد نزاب حزبه لصالح اليسار فاضطر ان يشكل حكومة تعايشيه او ائتلافية حيث صار ئيس وزراؤه الاشتراكي (ليونيل جوسبان).

– الرئيس نيقولا ساركوزي بين 2007\2012 هو من اب بلغاري وام يهودية من سالونيك اليونانية وحكم باسم الحزب الديكولي الذي اهانه لانه لم يبق من قيمه في إبقاء دورا متميزا لفرنسا حيث أعاد بلاده لحلف الأطلسي الذي تركه ديكول عام 1961 كما ساهم مع الرئيس الأميركي أوباما وإسرائيل وايران والسعودية وقطر بتشجيع حركات داعش الاجرامية.

– الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند بين 2012\2017 استمر في فرض حصار على سوريا وسهل من خلال المخابرات ارسال ميليشيات تقاتل قوات بشار الاسد.

– الرئيس الثامن للجمهورية الخامسة عمانويل ماكرون منذ عام 2017 حتى عام 2025-مواليد 1977خريج المعهد الوطني والعلوم السياسية وعمل في بنك روتشيلد الشهير الذي تأسس عام 1838و تزوج مدرسته في الثانوية (بريجيت)بعد ان تطلقت من زوجها وتكبره ب 25 عاما.انتمى بين 2006 \2009 للحزب الاشتراكي الذي يظم كثيرا من اليهود والصهاينة ومناوئ للشيوعيين. في عام 2016صار وزير مالية واقتصاد في عهد الرئيس فرانسوا هولاندا واستقال واسس في عام 2016 (حزب للامام) ‘. في عام 2017 ترشح لرأسة الجمهورية وحصل في الدورة الأولى على اعلى نسبة أصوات وتلته السيدة ماري لوبين اليمينية المتطرفة مع اليمينية المتطرفة ماري لوبين التي تنافس معها في الدورة الثانية ففاز ضدها كما كان الحال في عهد الرئيس شيراك وشكل حكومة مختلطة (هجينية )من بعض الاشتراكيين غير الحزبيين وبعض الديكوليين المستقلين وزاد في عهده عدد الوزراء اليهود بمن فيه مدير مكتبه الخاص حيث عين اليهودية البولونية الاشكينازية المثلية ( اليزابيث بورن) رئيسة وزراء واعدت مشروع تقاعد العمال لمدة 65 عاما ولم يحصل على اغلبية برلمانية ففرضه الرئيس بموجب قارار جمهوري طبقا لإحدى فقرات المادة 43 من دستور الجمهورية الخامسة ثم خلفها رئيس الوزراء اليهودي الشرقي السيفرادي المثلي (جبرائيل عتال) فتراجعت هيبة السلطة التنفيذيةوصار الرئيس لا يستطيع فرض سياساته بفرض ضرائب جديدة على دخول الكوادر الوسطى واعفاء أصحاب الملايين فصار يسمى (رئيس الأغنياء). كما انه دعم الرئيس الصهيوني الاوكراني (فلاديمير زيلانسكي )ضد الرئيس بوتين بقصد تحجيم دور روسيا على الصعيد العالمي.

في مايس 2024 جرت الانتخابات النيابية للمجلس الاوربي الذي يظم 750 نائبا من 23 دولة اوربية وجاءت النتائج بتحجيم دور حزبه حيث صار ثالث حزب على صعيد فرنسا.في 9 حزيران 2024قرر حل الجمعية الوطنية لأجراء انتخابات مبكرة خلال اسبوعين في30 حزيران و7 تموز2024 على امل ان يحصل حزبه والاحزاب المؤتلفة معه على أصوات إضافية تساعده لتمرير مشاريعه فتراجع حزبه اكثر وحل رابعا حيث جاءت النتائج كما يلي..

182 مقعدا للجبهة الشعبية الجديدة Le Nouveau Front populaire تقليدا لجبهة مماثلة في عام 1935-1936شارك بها كل من ( جان لوك ميلان شون من حزب فرنسا الابية وأوليفييه فور من الحزب الاشتراكي والسيدة توندلييه ممثلة جماعات الخضر وكذلك الحزب الشيوعي على الرغم من ان سكرتيره العام فابيان روسيل نفسه لم يفز في الانتخابات.

168نائبا ممن اطلقوا على انفسهم اسم ( معاُEnsemble ) الذي ظم حزب ماكرون والمسمى للأمام براسة كابرييل عتال وحزب النهضة براسة ادوارد فيليب وحزب موديم براسة فرانسو بايرو.

143 مقعدا لجزب الجمهوريين براسة السيدة مارلين لوبين

46 مقعدا لما تبقى من الحزب الديكولي الذي صار يسمى الجمهوريون برئاسة لوران فوكييه.

14 مقعدا لقوى يمينية متطرفة

13 مقعدا لقوى يسارية متطرفة

11 نائبا لقوى وسطية متفرقة ليكون المجموع 577 نائبا.

من حيث المبدأ الديمقراطي فانه على الرئيس ماكرون ان يسمي رئيس وزراء من القائمة الأكبر عددا من النواب غير ان دستور الجمهورية الخامسة لم يشترط ذلك ولم يحدد المدة التي عليه ان يسمي رئيس الوزراء لذلك لم يرشح ممثل الجبهة الشعبية الجديدة وهي (السيدة المثلية لوسي كاستيت) مفتشة مالية ولا الاشتراكي (برنارد كازنيف) وزير داخلية في عهد فرانسوا هولاند 0كما انه استغل فترة الألعاب الأولمبية التي جرت في فرنسا واستغرقت ثلاثة اسابع وما بعدها دون ان يسمي رئيسا للوزراء مما خلق وضعا دستورا غير معهودا في الجمهورية الخامسة مع ( حكومة تصريف الاعمال) محاولا خلق المزيد من انقسام قوى اليسار.

في 15 أيلول 2024 قرر تسمية الديكولي ( ميشيل بارنيه) مواليد 1951وكان وزير زراعة ووزير خارجية ونائبا في البرلمان الأوربي ورئيس لجنة المفاوضات التي لم تقنع المملكة المتحدة من الخروج من الاتحاد الأوربي في مطلع عام 2020 بموجب استفتاء شعبي.

في 19 أيلول شكل السيد بارنيه حكومة من14 وزيرا منهم

5 وزراء من حزب الرئيس

3 وزراء من الحزب الجمهوري الديكولي

2 من حزب موديم الى فرانسوا بايرو

1 من حزب افاق لأدوار فيليب

1 من اليمين المتنوع الذي لا ينتمون لحزب معينD.V.D

1 من اليسارالمتنوع الذين لا ينتمون لحزب معين D.V.G

1من اتحاد الديمقراطيين المستقلين U.D.I

-المشكلة التي ستواجه هذه الحكومة هي مشكلة كسبها لثقة الأغلبية الطفيفة لأعضاء مجلس النواب أي 289 نائبا

أي نصف + 1و كسب ثقة الأغلبية الطفيفة لأعضاء مجلس الشيوخ أي شيخا 168+1و هذا من وجهة نظري سوف يكون صعبا لان اليسار المتطرف و اليمين المتطرف يشكلان مجتمعان 326نائبا

أي اكثر نصف أعضاء البرلمان (289)

لذلك سوف تمارس سياسة المساومات و سياسة حالة بحالة وقضية بقضية وموضوع بموضوع )

هذا سوف يؤثر علي السياسات العامة لفرنسا ومنها الموقف المانيا ومن الاتحاد الأوربي ومؤسساته والموقف من حلف الأطلسي ومن الحرب الروسية الأوكرانية ومن العلاقات الفرنسية مع دول افريقيا

الفرنسية و مع الصين وموقف فرنسا من إقامة دولة فلسطينية معترف بها دوليا بجانب دولة إسرائيل إضافة للقضايا المحلية ومنها الموقف من المهاجرين وخاصة المسلمين الذي تطالب به قوى اليمين

ومن زيادة الحد الأدنى للأجور البالغ 1767يورو شهريا والذي تطالب به قوى اليسار ويشمل اكثر من 15مليون شغيل فرنسي من اصل 31 مليونا ومن مجموع السكان البالغ عددهم 68 مليونا والبطالة \ 8

والموقف من سن التقاعد هل يبقى 65 ام 62 ام 60 عاما ؟ والموقف من زيادة الضرائب على البليارديريين والمليونيرين الذي تم اعفاءهم من كثير من الضرائب تحت مبررات هروب رؤوس أموالهم.