مقالات

إستراحة تاريخية هادئة نأخذكم فيها إلى أقاصي الشرق فمن هو الإمبراطور الياباني ميجي؟

#الشبكة_مباشر_طوكيو

الإمبراطور الياباني ميجي وصل إلى الحكم عام ١٨٦٧ و في التاريخ الياباني هنالك ما قبل ميجي و ما بعده. قبل ميجي كانت اليابان دولة فقيرة إقطاعية متخلفة علمياً و

صناعياً و مهلهلة عسكرياً و عندما أتى ميجي إلى الحكم قرر أن يخرج بلاده من الظلمات إلى النور و يقلد الغرب.

ماذا يعني أن تقلد الغرب؟ تقليد الغرب يعني بناء الدولة الحديثة القائمة على الصناعة ليصبح بلدك بقوة و منعة و رخاء و جبروت الغرب! هذا ما فعله محمد علي باشا و الي

مصر عندما قرر أن يقلد الغرب فأعاد بناء الدولة المصرية حسب النظام الغربي و استعان بالخبراء الأوروبيين و الفرنسيين تحديداً لتحديث الدولة و إعادة بناء مؤسساتها و أنشأ

قاعدة صناعية صلبة شملت الصناعات العسكرية و بنى “ترسانة الإسكندرية” و مصانع الأسلحة و المدافع الحديثة في القلعة و الحوض المرصود حسب التصاميم الأوروبية و

أعاد تنظيم الجيش المصري لتصبح تشكيلاته و وحداته على نسق الجيش الفرنسي و أسس المدرسة الحربية على النظام العسكري الفرنسي و لكي يقوم بذلك كله كان

علية القيام بنهضة تعليمية إعتمد فيها على المنظومة الغربية في التعليم فاستبدل نظام الكتاتيب بالمدارس الإبتدائية و المدارس العليا التي تسمى اليوم جامعات و ارسل

طلبة الأزهر في بعثات تعليمية إلى جامعات إيطاليا و فرنسا و انجلترا و النمسا ليعودوا و يكونوا النواة التعليمية التي اعتمد عليها لبناء دولته الحديثة و في خلال بضعة سنوات

تحولت مصر من دولة ضعيفة غارقة في التخلف إلى دولة إقليمية ذات جيش قوي جرار سحق كل الجيوش و وصل إلى مشارف الإستانة و كاد أن يسقط الدولة العثمانية لولا

أن تدخلت بريطانيا بالتحالف مع فرنسا و النمسا لحماية الدولة العثمانية و هزمته و أجهضت مشروعه لأن الإستعمار لا يريدك أن تقلد الغرب لأنك إذا قلدته فستصبح قوياً مثله،

الإستعمار يريدك أن تظل متخلفاً.

الإمبراطور الياباني ميجي و محمد علي باشا قرروا تقيلد الغرب لأنهم لا يريدون إعادة إختراع الدولاب كما يقول المثل.

الغرب إكتشف المعادلة التي مكنته من أن يبني الصناعة و الثروة و القوة ثم يكتسح العالم لذا من الغباء أن يبحثوا عن هذه المعادلة و هي أمام أعينهم ودليل نجاحها هو

الغرب الصناعي و أساطيله الحربية التي تهدد بلداهم!

الإمبراطور ميجي فعل بالضبط ما فعله محمد علي و لكن من حسن حظ اليابان أن بريطانيا كانت بعيدة عنها في الجهة المقابلة من كوكب الأرض فلم تتمكن من أن تمنعها من

تقليد الغرب و لم تجد في الشعب الياباني مخلوقات إخونجية سافلة منحطة مستعدة أن تبيع شرفها و عرضها بالمجان لتدمر وطنها من الداخل!

و هنا يجب أن نكون حذرين في المصطلحات و لا نخلطها … أن تقلد الغرب لا يعني أن تتبع الغرب. التبعية للغرب هو السبب الذي صنعوا من أجله لكي نكون أذيالاً و أذناباً .

الإمبراطور ميجي قرر أن يقلد الغرب لكي ينعتق من الغرب فقبل مجيئه إلى الحكم كانت اليابان تابعة للغرب، تكبلها الإتفاقيات و المعاهدات المذلة و يتحكم بسياساتها

المبعوثين الغربيين.

و ماذا حصل بعد أن قلدت اليابان الغرب؟

تحولت من دولة ضعيفة فقيرة متقوقعة في جزيرتها إلى قوة عظمى و اقتصاد أعظم و إمبراطورية كبرى سيطرت على جنوب شرق آسيا و المحيط الهادي و كادت أن تهزم

العالم في الحرب العالمية الثانية! و عندما قلدت اليابان الغرب، لم تتخلى عن دينها فظل الشعب الياباني محافظ على ديانته و قيمه و عاداته و تقاليده و لغته و ظل يصلي في

معابد الشنتو و يؤله أباطرته كما كان يفعل آبائه و أجداده إلى أن سقطت القنابل الذرية فوق رأسه!!!

محمد علي باشا سبق اليابان بعقود و بينما كان جمال عبد الناصر يبني المصانع و يحاول اللحاق بالركب و تعويض ما فات من السنين، كانت كوريا الجنوبية بلداً فقيراً يعيش

على المساعدات و لا ينتج إلا الأرُز!

نحن السبّاقون و هم اللاحقون ولكن أين نحن الآن و أين هم؟؟؟

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى