كرونا و التعليم عن بعد و النهج الرقمي
بقلم : د. المستشار ابراهيم الزير
سفير الجودة و التميز بالمنظمة الاوروبية العربية ببروكسيل
انه عصر التحول الرقمي في التعليم ، حيث ان الامر المزعم ليس على سبيل الاختيار و لكن الامر اصبح يفرض نفسه بقوة ، انه عصر “كورونا” في مواجهه التعليم .
بالأمس القريب كنا نذهب الى المكتبات لشراء الاوراق و الكشاكيل و الاقلام و المسطرة المعتاد شكلها منذ الطفولة و لكن اليوم يشد المشهد تعير بقوة قد فرضت علينا وهو امر يغزو العالم اجمع فيروس “كورونا المستجد” أو “كوفيد-19″، وضع العالم اجمع اي حول العالم وجهاً لوجه أمام منظومة “التعليم عن بعد”. جانب اخر من هذا العالم و الانسان وجد نفسه مستعداً شاهراً أدواته المجربة والموثقة في وجه قرار التعطيل ، وجانب آخر يشعر بالاضمحلال ويحارب ويتنافس علّه يلحق بعضاً مما فاته.
وحتى ساعات قليلة مضت، بلغ عدد الطلاب الذين اضطرتهم “كورونا” إلى الانقطاع عن المدارس بليون و344 مليون و914 ألف طالب وطالبة في 138 دولة حول العالم بنسبة 82.2 في المئة من الطلاب المقيدين في مدارس. منهم نحو 83 مليون طالب مدرسي في الدول العربية (بالإضافة إلى أعداد المتسربين من التعليم والمتوقفين عنه بفعل الحروب والصراعات الدائرة رحاها خلال العقد الماضي)، وذلك بحسب “يونسكو” (منظمة الأمم المتحدة للعلم والثقافة).
“كورونا” هو واقع يفرض نفسه على هذا الكوكب وضع أنظمة التعليم في العالم كله في حلبه مصارعه ليس مفر منها ولا بد من مواجهتها و القضاء عليها من خلال التنافسية .
حاصرت تلك الجائحة دول العالم و وضعت لها معاير و شروط و خيارات لا محاله منها فيما يخص التعليم. فإما تعليم عن بعد، أو تعليم يعتمد على درجة وعي واستجابة الأهل، أو لا تعليم. و تلك الشروط التي وضع الجائحة العالم اجمع فيها قد وضعت مفاهيم عدة قيد الاختبار وكذلك الانهيار.
هل يودع العالم العربي و كذلك العالم الاوروبي في آن واحد التعليم التقليدي بمكوناته الكلاسيكية، حيث المدرسة والمعلم والطالب والسبورة والاختبار الورقي، وداعاً بائناً لا رجعة فيه ؟ و الافتراضية الاخرى بمفهوم اخر انه قد يشهد ميلاداً قوياً وتوثيقاً عتيداً للتعليم عن بعد ، حيث الرقمي والتقنية عماده ، و ليس هذا فقط بل هل سوف يخلق جيل رقمي جديد ؟
عصر “كورونا” اصبح مساره يسلط الاضواء على منظومة التعليم في العالم العربي كما لم يحدث من قبل. هذه المرة لا يأتي التسليط نتيجة اجتماع وزاري لعرض الخبرات وتبادل التحيات. كما لا يأتي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أنظمة تعليم ضربتها كوارث؟ وهي لا تأتي بقرار من جامعة الدول العربية لبحث ضمان الجودة أو العدالة في التعليم. الأضواء هذه المرة تنبئ بخطورة لكنها تكشف حقائق وربما تحمل فرصاً. لكن الفرص لا تأتي إلا بعد المكاشفات والتقييمات.
ننظر الان الى المشهد العربي و كيف يتعامل مع تلك الجائحة منها دولة الامارات العربية المتحدة و كيف ساهمت في ابراز هذا النجاح اتجاه تلك الجائحة من خلال انشاء منصات علميه و تعليميه كانت هي الاولى عالميا و اصبحت هي ركيزة اساسيه و ايضا نشهد على الساحة ايضا المملكة الاردنية الهاشمية و جمهورية مصر العربية على سبيل المثال و ليس الحصر وزارة التربية والتعليم و التعليم أنشأت منصة خاصة للطلاب تحوي كل المناهج الدراسية من مرحلة رياض الأطفال وحتى المرحلة الثانوية باللغتين العربية والإنجليزية/ المنصة المتاحة لأضلع العملية التعليمية و منها ( طلاب، ومعلمين، والمديرين للمدارس) .
كرونا قد ساهم في انشاء عصر حديث متطور من التكنولوجيا الرقميه و تلك الأزمة كشفت عن وجه التكنولوجيا المضيء.
و اصبح تعامل المنظومة العلمية كاملها تقوم بالتواصل مع ما يسمى بالمنصات العلمية و التعليمية وهو يتم عبر الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المتصلة بالإنترنت.
و ايضا هل تلك الجائحة سوف تقضي على فيروس الدروس الخصوصية هذا سؤال طرحه الكثير و الكثير من اولياء الامور و المنظومة العلمية و التعليمية و لكن للأسف ما يتصدره المشهد الان استخدام برامج التواصل الاجتماعي و خاصه السكاي بي و الزوم من تلك البرامج في الترويج عن تلك الدروس الخصوصية التي استنفذت حياة الانسان في الوطن العربي .
و لما كان ذلك و كانت تلك المنظومة قد فرضت على العالم اجمع و منها العالم العربي الذي نعيش و اصبحنا جزء لا يتجزأ منه فانه على سبيل المثال ايضا المملكة العربية السعودية
تدخل الاختبار و مواجهه الجائحة من خلال التعليم عن بعد و اعادة هيكلة التعليم و اعداد منظومه رقمية تتفاعل مع العصر الرقمي ، حيث الكثير يفرض نفسه على واقع التعليم العربي في ظل “كورونا “خليجياً و منها دولة الكويت التي عززت منصات علميه من خلال وزارة التعليم العالي بالدولة ، يبدو الأمر أخفّ وطأة. وفي السعودية تحديداً، هناك من خاض تجربة التعلم عن بعد في زمن ما قبل “كورونا”. فكلا النظامين – التقليدي وعن بعد- يسهمان في العملية التعليمية.
اليوم وفي زمن كورونا، أصبح التعلم عن بعد واقعاً في ظل قرارات تعليق الدراسة. بدأ نمط جديد للتعليم، حيث تقع المسؤولية على الطالب والأهل، مع الأخذ في الاعتبار أن متطلبات التعلم عن بعد مرهقة للكثير من الأسر، لا سيما تلك التي تعيش في أماكن نائية.
و لا بد من طرح اخر يستحق النقاش و المتابعة و الفهم وهو دور المعلم في ظل تلك الجائحة في عمليه و كيفيه توصيل المعلومة للطلاب وجذبهم والتفاعل معهم أثناء العملية التعليمية
فان المدرس و المعلم ذات الخبرة و الكفاءة العالية يستطيع و ايضا قادر على إيصال المعلومة عبر التعلم عن بعد كقدرته على إيصالها في عملية التعليم التقليدية و ايضا في مخيلتي في عدم قدرة المعلم على توصيل المعلومة للطالب او التلميذ عن بعد يعني فشله في الأسلوب التقليدي “.
ايلا ننسى الدور الاسري اتجاه تلك الابناء في متابعة تعلم الأبناء من البيت، مشيراً إلى أن وزارة التربية و التعليم في الوطن العربي قد خصصت قناة فضائية تعليمية لمراحل التعليم العام المختلفة، اذا لا بد من دور فعال و تعاون الأهل في هذا الشأن، فهم من يقع عليهم العبء الأكبر في عملية التعلم عن بعد، حيث ضرورة معرفة أوقات بثّ الحصص، وتهيئة الجو المناسب لتلقي الدروس ، فان شبكة الإنترنت، وتحديدا منصات التواصل الاجتماعي هي ما ستعتمد عليه رجال التعليم التي لابد للطالب في ظل غياب التفاعل القدرة على استيعاب الطالب للدرس و تفاعله اتجاه تلك المنظومة كانه تفاعل صحيح كما كان عليه في السابق حيث ان استيعاب الطالب أحد أهم الجوانب المقلقة في عملية “التعلم عن بعد”.
حيث أنّ العقل الباطني للطالب اعتاد الحضور إلى المدرسة بسِحرها وانضباطها وإطاراتها. بالتالي من الصعب أن ينضبط في الحضور الذهني في درس يتلقاه عن بعد اذا هنا يأتي دور الاقناع و الاستيعاب من خلال المنظومة العلمية و التعليمية “.
و من الرغم تفاوت الإمكانات التقنية في العالم العربي فانه ما سوف يشهده العالم العربي في المستقبل يجب أن نعمل على هذه التقنية ونستفيد منها و العمل على تطويرها باستمرار “.
ايضا لابد من مراعاة في مجتمعنا العربي المجتمع الطلابي غير المتصل بالإنترنت يمثل عقبة حقيقية لابد من النظر اليها بعين الاعتبار ايضا و هو امر مهم من خلال تطوير تلك الفئه و الرفع من مستواها العلمي و الفكري و العمل على تعايشها من تلك المنظومة و ايضا كان لابد و يجب أن يخطط له من قبل، لأننا نحتاج تجهيزات تقنية. كما أن أولياء أمور الطلاب يجب أن يكون لديهم حد أدنى من الوعي لمواكبة الطالب، لا سيما في المرحلة الابتدائية على وجه الخصوص “.
حيث شهدنا على الساحة العربية مبادرات فردية رغم عتمة الإنترنت والهواتف المحمولة، يبزغ ضوء المبادرات الفردية، حيث الآباء في العديد من القرى ممن هم على درجة من النضج المعرفي يتبرعون لمساعدة الطلاب في دروسهم في زمن “كورونا”. ضوء آخر خافت تضيئه وزارات التربية و التعليم التي لم تستطيع تغطيه مساحات كبيره للعمل على التعليم عن بعد بتخصيص القناة لبث برامج تعليمية ليستفيد منها الطلاب غير المتصلين بهواتف محمولة أو كمبيوتر هذا امر جدير الاحترام و التقدير لهم ايضا كما هو الحال في دولة فلسطين و التعلم عن بعد يحتاج بنية تحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأنظمتها، بما في ذلك البرامج والأجهزة وتأمين الشبكات والمواقع وغيرها، وهو ما يفتقده معظم المؤسسات التعليمية في الوطن العربي. التعلم عن بعد الناجح في العالم أتى بعد تراكم تجارب على مدار سنوات، وتطور الفكرة. أما المؤسسات التعليمية التي ليست لديها شبكة معلوماتية قوية فلا يمكنها التحول الفجائي إلى نظام التعلم عن بعد”.
أن الوضع الحالي فاجأ عدداً كبيراً من الدول التي لم تطوّر التعليم لمواكبة التحول السريع في مجال الرقمي .
حيث أنه يمكن في الظرف الحالي الإسراع في بناء وإطلاق منصات تعليمية افتراضية تشمل جميع المواد وكل الأقسام تمكن الطلاب من الولوج إلى المواقع المخصصة لهم ومتابعة دروسهم، وذلك في انتظار رسم استراتيجية تعليمية بعيدة عن السياسة والأيديولوجيات، ومبنية على المعرفة والتكنولوجيات الحديثة. المطلوب إرادة سياسية للتحول الرقمي لمن لم يمتلك الإرادة بعد.
و السؤال هنا هل أخفقت أم نجحت الدول العربية في مواجهة “كورونا” بالتعلم عن بعد؟ الإجابة تتراوح بتراوح إمكانات كل دولة على حدة، وفي داخل كل دولة، حيث فجوات رقمية قومية و وطينة، وجاهزية بنيتها التقنية التحتية. تخفف المبادرات الفردية من حدة الأزمة هنا، وتظهر أفكار مبتكرة عبر مجموعات ” وأتساب ” أو “فيسبوك” تقدم العون في حدود المتاح هناك.
حيث تتدخل الدولة بمنصات يتم تدشينها على عجل أو قنوات فضائية تم تعطيلها في زمن فات. وتظل المنظومة قيد التجربة، وفي مرحلة لاحقة القياس والتقييم، وربما المبادرة بتغيير الدفة بعد انتهاء الأزمة أو إبقائها على ما هي عليه.