مقالات

الانفلات الخطير

#الشبكة_مباشر_بغداد_د.كاظم المقدادي

ما قيمة الوطن .. الذي يتآمر عليه ابناؤه ويقتله سجانه .. وسط بيئة سياسية اجتماعية متريفة .. طاردة للحب والجمال ، ميالة للسوء والابتذال .

ياله من مواطن .. لا يخشى من الظهور امام الكاميرا .. وهو بحالة مزرية ، يمزق ملابسه ، يبكي ويندب حظه .. لانه ولد في العراق .. ومن حوله مدنا تبنى على قدم وساق .

هذا المواطن .. امسى متذمرا معيطا ، مشتما ، مرتبكا ، يلعن اسياده ، ويسب اسلافه ، ويبصق على طفولته وخيباته .

المسؤولون .. يسمعون ، ولا يستحون ، ومن السب والشتم والنقد لا يتعضون ، ومن الظلم لا يخشون .. في غيهم ساهون ، وبالحكم لاهون .

يا سادتي .. لقد افتقدنا عذرية المفردات .. واستهلكتنا العبارات ، فلم يعد البطل بطلا ، ولا الجبان جبانا ، لم يعد الصدق صدقا ، والكذب كذبا ، ولا الاخلاص اخلاصا ، والخيانة خيانة .

لم يعد في قوس الوطن من منزع … لم يعد الدستور دستورا كي يشفع ، ولم يعد القضاء قضاء كي ينفع ، ولم يعد الفساد عيبا وحراما كي يركع .

نحتاج الى حب عظيم يتخطى مفاهيم البشر .. نحناج الى وطن اثير ، يتسع الى نبضات قلوبنا كي نصغي ونسمع ، قبل ان نرقد ونهجع ، نحتاج الى عقد انساني ، يحيل نفوسنا الحائرة ، الى ارادة جبارة ثائرة .

نحتاج الى ( أنسنة ) المجتمع من الوريد الى الوريد .. انسنة نفوسنا ، وتهديب سلوكنا ، كي تعود انسانيتنا .. بعد ان فقدنا سماحة ديننا .. وألفة طوائفنا .. وسعة مذاهبنا .. وهيبة عشائرنا . وقيمة تنوعنا .

نحتاج الى عودة الروح في دواخلنا .

سادتي .. هذا الوطن يقتلني .. وهو في موت معلن ، اراه يمضي في ازقة خفية .. بعد ان فقد مستقبله والهوية ، فتكالبت عليه الهويات .. وما هو آت .. آت .

هذا العراق .. سندمره قبل ان يدمرنا .. وهو يعيش ليوم الموت .. فلا حصانة عنده ولا صوت .

من منا وضع نفسه امام صرخة طفل يولد ، باحثا عن وطن النور ، بعد ان غادر رحم العتمة والشعور .. يبحث عن وطن غير الرحم .. وطن يتسع للجميع ، بعد طرد من يشتريه .. ويبيع .

نحتاج الى بطل قومي يبني لنا دولة مؤسسات .. نحتاج الى قائد “مغناطيسي” يجذب اليه كل انواع السلاح ، من الدبابة الى المسدسات ..ففي بلادي صار كل شيء منفلت و مستباح .. وليس وحده السلاح .

نحتاج الى سياسي .. يحاسبه ضميره و يخجل من نفسه .. مثل عبد المحسن السعدون .. الذي انتحر ، لطرد الشبهات عنه في بلد مجنون .. نحتاج الى رجل ” مبدأ ” يغار على وطنه ، ويضعه في مأمن .. مثل جعفر ابو التمن .

في عراق اليوم .. المسؤول منفلت .. والمواطن منفلت .. والرئيس منفلت والسياسي منفلت .. و رجل الدين منفلت ، والمعلم منفلت والتلميذ منفلت ، والطبيب منفلت ، والمريض منفلت ، والتاجر منفلت ، وصاحب المولدة منفلت ، حتى

“الديكة” تعاني من الانفلات .. بعد ان اختلط عليها وقت الصياح .. وهي في عز الصباح .

الزمن .. هو الارض التي تدور ، وغاليلو الايطالي فقد حياته ، لأصراره على دورة الارض حول الشمس بعلم لا يبور .

في العراق ” العظيم”

.. ما عادت دورة الارض تشغلنا ..

ولا شروق الشمس يغرينا .. ولا غروبها يأوينا .. وليس منا من يصرخ .. بأن البلاد تدور عكس دورة الارض .. وستلعننا وتؤذينا .

هذا الزمن .. غاب عنه الحب ، والاحباب ، لا قيس يشتاق ليلاه .. ولا عنترة يثأر لعبلة .. في بلد تعب من الموت من اقصاه الى اقصاه .

اخيرا .. لم بسلم منهم لا البشر و لا الحجر .. فاطلقوا الرصاص على تمثال السياب .. على شعره ، وعراقه وصوته الوثاب .

لقد سال دم الوطن هذه المرة ، من فم السياب .. هذا الشاعر النحيف بجسده ، المكتنز بعراقيته واصالته .. وهو القائل :

الشمس اجمل في بلادي

من سواها

والظلام حتى الظلام ،

هناك اجمل ..

انتهى ..&
كاظم المقدادي

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى