ساهم الإعلام في الوطن العربي بنشر مفهوم ” النسوية” ففهم في المجتمعات المحافظة بشكل مضاد ، وبرز من خلال عرض الأنشطة والانجازات للمرأة في مختلف جوانب الحياة ، وجاء ذلك الظهور العلني واللافت بعد ثورات نسوية في بلدان عربية وخليجية منذ ما يقارب القرن .
واتخذت المرأة في الإعلام المعاصر شكلاً وحضورا في خروجها للعمل وتقلدها المناصب ووجودها في مناصب قيادية ، لتصبح المرأة شريكاً فاعلاً في النهضة بالإعلام العربي الإذاعي والتلفزيوني .. ولتظهر لدينا النخب الإعلامية والإذاعية من الرائدات على مساحة بلدان الشرق الأوسط .. ولست بمحور ذكر
أسماء الرائدات والنخب النسوية وكل التحية لهن في هذا المقال بقدر ما أريد أن أسلط الضوء على تحجيم وتخصيص الإعلام النسوي خلال السنوات الماضية .
أصبحت المرأة شريكاً مجتمعياً متفوقاً بحكم التعليم والصحة والانفتاح الثقافي الذي فرضته الحياة العصرية و الدساتير السياسية إلا أن مازال بعض ” الذكوريين” يرون أن ظهورها ” موضة عصرية ” وليست الحاجة المكملة لشريكها الرجل ، وأن ظهورها أفسد ثقافة المجتمعات المحافظة بشكل أو بأخر .. ولقد
تجانبوا الصواب في هذا الرأي لأن الانفتاح على التعليم والمطالبة بالحقوق يواكب المدنية المعاصرة ، وأنا أؤكد أن ليس كل المستورد جيد ومنتج لائق ، لكن الحكومات مسئولة عن معالجة هذا الخلل بسبب استيراد الثقافات الفاسدة ومازالت تدفع ضريبة الانفتاح اللامدروس مجتمعياً وحياتياً تنموياً .
إن العمل النسوي في تنامي وتطور وتنظيم مذهل ، بل التنسيق أصبح بالجهود النسوية غير مدعوم من الجهات الرسمية أحياناً، و لجهودها على مستوى الأمم أصبحت سفيرة السلام لأوطانها ، ومازالت الأصوات ” الذكوربة ” تتعالى مستهدفة المرأة العربية ، هكذا ينظر البعض عندما نتحدث أو نكتب عن الجندر ،
وأن تحقيق العدالة والمساواة بين المرأة والرجل في المجتمع .. تحقق وماذا تريد المرأة أكثر؟..
إن تدخل الثقافات الرجعية مازالت تسقط هيبة ودور المرأة في المجتمع و للأسف شاركه الإعلام العربي بتحجيم انجازاتها ومنها المرأة في الإعلام العربي بالعشرين سنة الماضية ، لتصبح المرأة ” فاترينة” متحدثة لا تحمل رسالة اجتماعية واضحة في كثير من البرامج الاجتماعية ، بجملة من التناقضات ، بل
كثرت الفبركات الإعلامية لأن الإعلام اليوم يعمل على إنتاج العمل أكثر مما يعمل على حمل العمل الإعلامي رسالة مجتمعية هادفة ، ولذلك قامت تطبيقات الميديا الأكثر تداولاً بالتنمر على المرأة الإعلامية وكثير من ” مقدمات البرامج ” لفراغ المحتوى الإعلامي الهادف “فأصبح ” الترند” هو الإعلام الحقيقي ،
فما يأخذه المجتمع هو ترند للمحتوى الفارغ ويصبح الجمهور متنمراً، وتلك جرائم إعلامية بحق الأوطان فهو تجهيل للعقول الواعية .
إن الرسالة المرجوة للمعنيين والتي يجب أن تبحث في اجتماعات وزراء الإعلام العرب للجهات الإعلامية الحكومية والخاصة .. أن تحرص الدول العربية قاطبة من الجهة الإعلامية .. على تنظيم العمل الإعلامي من جهة إعداد السيناريو المكتوب والحضور الإعلامي المهني من الإعلاميات ذوات ” الحضور الإعلامي”
اللافت والمتميز والإخراج المحترف والمحافظة على ثقافة المجتمعات .
لأن المحتوى الإعلامي يؤثر تأثيراً مباشراً ويأخذ حيزاً من السلوك المجتمعي الأسري شئنا أم أبينا ، وبالإضافة إلى تنظيم الإعلام من الضرورة الإلمام بالقوانين والتشريعات التي تواكب النهضة الإعلامية المعاصرة ( السوشيال ميديا)، وأخيراً .. عدم المساهمة في نشر الإعلام النسوي الغير هادف بالتوعية
بالمفاهيم والمصطلحات من خلال الكتب الدراسية للمراحل الثانوية بشكل عام في التربية والتعليم في مجتمعاتنا .. ولكل المقبلات على العمل في الحقل الإعلامي من بناتنا في الوطن العربي ، (الإعلام الحقيقي ما هو إلا رسالة صادقة لتوعية المجتمع والمحافظة على أمنه النفسي وكيانه الأسري ومعالجة
مشاكله واعتلالاته ودون ذلك فهو تجهيل للعقول وإسقاط للسلطة الرابعة .