على الرغم مما عاناه شعبنا الكريم من أسى وعذابات وقساوة في العيش منذ عقدين من الزمان،،دفع فيها عمره ودمائه من اجل ان يكون رغيدا في حياته ، سالما غانما بما يحصل من مكاسب ،،ولكنه وجد في النهاية انه كان ضحية لاقاويل واحاديث صدرت من افواه ارادت له ان يتنازل عن حقوقه من اجل اثراء تلك الافواه وزيادة ثرواتها هي واتباعها من نفس الفصيل .
عندما نقوم بدراسة التاريخ لاي بلد ،،نجد ان الكتابات والاحافير واللقى الثرية غالبا ماتجسد ثروة ذلك البلد في فترات سابقة قد تصل الى الاف السنوات ،،ونقف متعجبين متأثرين بذلك التاريخ ونقول مع انفسنا ،،بالرغم من محدودية الثقافة وروادها في ذلك الجيل ،،ولكن تلك الشعوب صممت وحققت من الانجازات مالم يتصوره العقل ،،و
حتى اننا عندما نبدأ باجراء المقارنات بين ماكان قبل الاف السنين وبين مانحن فيه الان من تخلف في جميع نواحي الحياة ، نقف متعجبين عندما نقرأ ان الجنائن المعلقة هي احدى عجائب الدنيا السبع ،،وهي اول تجربة للزراعة العمودية في التاريخ قام بها الطيب الذكر والخالد الأثر نبوخذنصر الذي حكم قبل الميلاد بمئات السنين ،،حكم بلا الرافدين وهو لم يكن مرشحا من قبل اي حزب ،، ولم يجري التصويت عليه من قبل البرلمان ،،بنى تلك الجنائن ارضاءا لزوجته التي كانت ابنة احد قادة الجيش ،،لأن زوجته تكره العيش في ارض مسطحة ،،فبنى لها تلالا فيها جنائن مصنوعة بهمة العراقيين النشامى انذاك ،، علما بانه عندما شيد ذلك الصرح الزراعي والذي لازال باقيا اثرا خالدا الى هذا اليوم ،،لم ينتظر نبوخذنصر اقرار الموازنة المالية لعام 600 قبل الميلاد ،،بل قرر ان يبني صرحا يخلده التاريخ من بعده .
وكذلك عمل السيد جلالة الملك سنحاريب الذي حكم في نينوى بمئات السنين قبل الميلاد ،،حيث بنى سورا من الطين يتقدمه سور دفاعي حجري لتحصين نينوى منذ ذلك الحين ،،وعندما بنى السورين ايضا لم تكن هناك منظومة للكهرباء ولا رافعات هيدروليكية ،،وايضا لم تكن هناك مناقشات مستدامة حول التخصيصات المالية التي سيتم اقرارها في الموازنة السنحاريبية لفقرات الاسكان والري ،،ولم ينتظر سنحاريب موافقة المعنيين والخبراء في اللجان المالية ،،بل قرر ونفذ بناء السورين تحسبا لاي عدوان طاريء مفاجيء ،،الا انه للأسف فقد سقطت تلك الأسوار في بداية القرن الواحد والعشرين ،،اي بعد 2500 سنة من بنائها مما سهل دخول مليشيات داعش الى الموصل وحصل ما حصل،،علما ان سنحاريب بنى السورين ولم يتم اقرار الموازنة في حينها ،،في حين سقطت الموصل وتم تدميرها بعد إقرار الموازنة ……!!! .
اما أعزائنا خوفو وخفرع ومنقرع فقد اصروا والحوا اصرارا والحاحا على بناء اهرامات الجيزة بين عامي 2600 و 2500 قبل الميلاد ،،أيضا بالرغم من عدم إقرار الموازنة المالية في حينها ولسنوات عديدة ،،وعدم وجود درجات شاغرة تستوعب الخريجين الجدد من المهندسين انذاك ،،،!! وبقيت تلك الأهرامات خالدة منذ الاف السنين وتجتذب اليها مئات الالاف من السياح الاجانب .
اما مافعله أبو جعفر المنصور فانه يستحق التوثيق ،،حيث انه أيضا أصر وألح على بناء مدينة حديثة على أن تكون مدورة على مساحة أربعة أميال ،،رغم وجود بعض حركات المعارضة في حينها ،،وايضا عدم موافقة اللجان المالية لقلة التخصيصات ،،إلى ان أكمل بنائها وأصبحت مدينة بغداد ،،حيث ينعم قادتها وحكامها الان بالعيش الرغيد قرب ضفاف دجلة ،،علما باننا الى الان ونحن في منتصف الشهر السادس لم يتم اقرار الموازنة المالية ،،اي نفس مشكلة ابو جعفر المنصور .
اعزائي ،،لانسرد هذه الحكايات لغرض الاستهزاء لاسامح الله بالرغم من كونها حكايات قليلة عن مافعله اجدادنا ومما قدموه للانسانية ويشهد لها التاريخ ،،فلم تكن هناك احزاب ولاتكتلات ولامليشيات ،،ولكن تم البناء ،،لم تكن هناك شبكات للاتصال ولا انترنيت ولاموبايل ،،ولكن تم البناء ،،لم تكن هناك دوواوين ولا اقسام للرقابة المالية ولا لجان متابعة من هذه الجهة او تلك ،، ولكن تم البناء ،،وايضا وايضا لم تكن هناك ملفات فساد ولا منافذ لتحويل الاموال للخارج في جيوب المنتفعين ،،ولكن كان هناك بناء ،،وهكذا فان القانون الازلي للبناء هو الهمة والاصرار ،،وقبل هذا وذلك الحب والولاء للبلد وشعبه وسيادته وحمايته قبل كل شي .
والان السؤال المثير للجدل ،،الأفضل العودة لماضينا ومايحمله من مفاهيم وانجازات اخلاقية،،ام الانتظار لمستقبلنا لعشرين سنة قادمة ،،بعد ان ذقنا كل ما لذ وطاب من الحرام والفساد،،في ظل الديكتاتوقراطية ،،،، هل ننتظر لعشرين سنة قادمة ،،ام ان مستقبلنا بما حققناه قبل الاف السنين في ماضينا !!!!!