مقالات

الأشياء النفيسة لا تباع على الطرقات

#الشبكة_مباشر_بغداد_محمدصالح البدراني

لطالما يسأل العاملون في السياسة أو من يستشرفون بعض المعاني من الظواهر، سؤالا متكررا، لم لا تندفع النخب في العمل السياسي.

النخب تتعامل مع عالم الأفكار، لكنها تحتاج إلى عالم الأشياء في حراكها وتفعيله على الأرض، ولكي يفهم أصحاب النفوذ والذين لا يرون حقيقة وضعهم فان عالم الأفكار هو الرؤى والبرامج وخارطة طريق تحريك المسارات التي تحتاج أن تكون على الأرض وهذا يحتاج عالم الأشياء أي أموال ومكاتب ووسائل نقل وسفر ووسائل تدريب ونشر وغيرها وهذه لا يملكها المفكر فيكون كمن يتكلم بكلام يحسبه الجاهل انه سفسطة لا تؤدي لشيء.

في هذه الجزئية يحتاج المفكر أصحاب النفوذ والمال، من اجل أن يجعلهم مفيدين لبلدهم وليس قراد في ضرع بقرة، أي ليرتقي بالأمة وبهم، لكنهم ولجهلهم يظنون أن من يعرض على إخوة الجهل هذا هو يتسول منهم وانه لا ينبغي أن يكون على أنفته وهم يعطوه وسائله غير مدركين أن راس ماله أنفته أما مالهم فسيستخدم لرفع غطاء العماء الذي يغلفهم لإعمار البلاد بدل امتصاص دمائها عندما يكونون كالقراد.

أثر في نفسي صديق، كان متفائلا يحمل الطيب كأي حكيم ينظر بعقله إلى الإيجابية ويتوقع الخير من الأخرين، عندما سألني عن رأيي في ذهابه إلى فلان من الناس وانا يبدو مثله انظر من زاوية ينظر منها لم اعترض بل زودته بأفكار الخير والرجاء أن تمتد أيادي المتمكنين لتيسير امر المصلحين خصوصا وان بلداننا جميعا تحتاج إلى إصلاح.
لكن حذرته أن نقطة خافية عني عند من سيذهب إليه فلا يصطدم إن حصلت فقد يكون ممن يظن أن أمثاله يتسول منهم وليس يطلب عونهم ليكونوا هم فاعلين في مكانهم وبناة بدل أن يكونوا معاول هدم، وهذا ما حصل فعلا، عندما أراد أن يشرح له خطة ما، بادره انهم يعملون مثل هذا قبل أن يسمع المدخل مما يعني أن الرجل يظن أن هذا المصلح يتسول منه، وهو بحصافته استعاد ما قلت لهوهو في طريق سفره إلى بلد مجاور لبلده حيث يسكن منذ عشرات السنين وما أتى به إلا حبه لبلده الأم.

الناس تتغير والأكثر تغيرا والأسرع من يتجه إلى منحدر فكما هنالك منحدرات وارتقاء في طرق سير الناس هنالك منحدرات وارتقاء في طريق سلوكية الناس.

جدلية السلوك والارتقاء:

تجد الناس بسيطة لدرجة الخجل، عندما لا تكون لها سلطة، وبعد السلطة، يأتي الذباب على العسل وينقل أمراض التكبر وتعطيل الاندماج مع النافع وإقفال فرص الارتقاء الإيجابي بل التكبر والابتعاد عن قبول النصح.

نحن أمة سرى بها التخلف بحيث أبدعنا في إفساد كل شيء حتى وسائل التواصل الاجتماعي، التي ملئت بالجدل العقيم، وعندما وفرت ميزة في الواتس مثلا لإخفاء تلقي الرسالة كي تتيح لنفسك التفكير فمن راسلك ينتظر جوابا، فعلت هذه الميزة على طول الزمن بحيث يبقى أمام من يقابلني إما أن يغضب ويبتعد عني أو يصبر لمعرفته بجهلي ويستمر ضخ المعلومة لعلها تفيد، وغالبا ما تفهم هذه خطأ فلا تفيد، لان من يفهم أدوات التواصل الاجتماعي بطريق متخلفة لا شك أن مفهومه للمدنية مقلوبا.

تغيير السلوك مع الارتقاء سببه تقديم النفعية وطريق فهمها، لهذا فجيش المنافقين يجعل الشخص المتصدي يشعر بالاكتفاء بل انه فوق ما يتوقع من علم وموهبة في القيادة والسيطرة، فلماذا يأتي بشخص لا يرى نفسه أمامه بذات الشعور فللعلم مكانة لابد أن تحترم والا أهان الإنسان نفسه بإهانة علمه.

عندما يرتقي الإنسانإلى مكان غالبا لم يك يحلم به أو انه تمام حلمه، ينحصر تفكيره بديمومة مكانه وليس بواجبات مكانه، فلا تخطيط ولا رؤية ما يريد وإنما يريد حاشية تشبع غريزة حب السيادة التي أخذت بالطغيان وهي تضم أكبر الدهاة إلى بلد البلادة والعميان.

عندما تأتي هذه النوعية من البشر فإنها تتحول زنابير حتى لو كانت نحلا، ولا يتوقع العاقل من الزنبور عسلا.

تذكر عندما تتعاملوالرويبضاتأن الأشياء النفيسة لا تباععلى الطرقات

في موضوع يحتاج كتاب، فما يمكن أن يقال في هذا أن الغاية عندما تكون السلطة والمال وليس ما يمكن أن تنجز من أعمال، عندها فالمطلوب هو المنافق، حيث هو متاح، أما العلماء والنخبة فلديهم نفائس والأشياء النفيسة لاتباع على الطرقات.

عندما سمع سليمان ﷺ تحذير النملة (وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ) نعمة فهمه لغتها أبعدته عن إيذائها، هذه هي الإمارة وليست الجبروت، وهذا الملك الذي يرعى الخلق وليس تعالي عبيد الغرائز الذين قرروا ألاّ يفعلون صالحا شكرا للرب، أشحة في الخير مبددين ثروات في الخلافات والتفاهة أولئك من يهدمون ولا يبنون، انه حقا زمن الرويبضات حيث التفاهة بأبسط الكلمات.
محمدصالح البدراني

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى