استراتيجية لطالما اتبعها الاستعمار للسيطرة على المجتمعات ، حيث يدخل المُستعمِر في شرايين كل مكوِّن قوي ليُقطِّعه ويتلذذ بامتصاص دمه، ثم يرميه لتعبث بما تبقى منه ألسنة الجهّال من الشعوب اللاهية بملذات سطحية الحياة. في التاريخ الحديث، شهدنا اندلاع الحروب في البلد الواحد بين الأهل في الحي الواحد، وذلك وفقًا لافتراضات حماية الوجود من جار ينتمي إلى دين مختلف. هذا أدى إلى زيادة الانقسامات والانحيازات الفرعية، بحجة حماية الوجود والهيمنة على قرار الوطن.
في ضوء الحرب في غزة اليوم، اتخذ الإجرام وجهًا بشعًا مريضًا، حيث يصنِّف البشر وفقًا لانتمائهم إلى الجنس البشري، مما يبرّر إبادتهم دون الحاجة للتبرير، وذلك بحجة أنه السلطة المطلقة والمنفّذة للقوانين. الأمر الغريب والمقزّز هو أن الحكومات التي تدّعي حماية الإنسان واحترام حقوقه، تساند الجزّار بكل قوة وتمدّه بالدعم المادّي واللوجستي والمعنوي أيضا…. يا إلاهي ماذا حصل للعالم؟؟؟؟
بهذا الشكل، نجح المستعمر في زرع التفرقة الدينية والعرقية والجغرافية، واليوم يسعى جاهدًا لإقناع الرأي العام بوجود مخلوقات لا تنتمي إلى الجنس البشري، والتي خُلِقت لخدمته. وهكذا، انتقلت استراتيجيته في التفرقة إلى المجال الإنساني ولكن استفحال إجرامه وذبحه الأطفال والنساء والتفاخر بأفعاله سبب هزّة وعي عالمية ثارت على أثرها المجتمعات على مدى المعمورة واستنفرت لإنسانيتها فتهدمت كل القصص التي لطالما نسجها في عقول هذه المجتمعات لكي يصوّر الإنسان العربي وبالأخص المسلم وكأنه هذا المجرم الإرهابي المتخلّف البعيد كل البعد عن الحضارة والتقدم وإذ بالعالم يلتفت ويتلهّف لمعرفة هذا الدين الذي يثبّت الإنسان الفلسطيني في أرضه متمسكا بحبال الإيمان بالرغم من الظلم والقهر والقتل والدمار والإجرام الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية……
هي أفكار مختلطة ثائرة غاضبة تراودني كل صباح وكل مساء … أحاول أن أتجنب مشاهدة النشرات الإخبارية التي تصوّر الأمهات الثكالى التي تودّع عائلاتها وهنّ يصرخن ويُسلّمن أمرهن إلى الله الواحد الأحد. كل صباح أتجرأ وأتابع بين المحطات المقاوِمة والمحطات العدوّة وأحاول أن أقرأ بين السطور علّني أجد أجوبة لهدف العدو من الاستفحال في إجرامه بالرغم من فشله في تحقيق مآربه والخسارات التي يكبّدها لشعبه ولإقتصاده ولأمانه ولصورته الداخلية والخارجية… إلى أين يريد أن يصل؟؟؟
كما أحاول أن أستفسر عن طبيعة هذا الطفل الفلسطيني وهذه الأم الفلسطينية وهذا الشيخ الفلسطيني وهذا الشاب المستبسل في الدفاع عن أرضه مرتديا ” شحاطة أبو إصبع” متحصّنا ب” جعلنا من بين أيديهم سدّا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون. قال الصهيوني هم ليسوا بشرا وأنا أوافقه الرأي، نعم ليسوا بشرا لأن البشري لا يمكن أن يتحمل هكذا ظلم وهكذا قهر، هم ملائكة أمثولة بعثهم الرحمن لكي يهزوا العالم ويذّكروه بالقيم والأخلاق والقوة والمحبة الحقيقية للوطن والأرض التي كانت قد تلاشت مع مفاهيم العولمة الخبيثة.
ليس من حال يدوم ولا بد للحق أن يظهر ولا بد للخير أن يسود