مقالات

إختناقات حكوميّة

#الشبكة_مباشر_بغداد_د.كاظم المقدادي

لست من الذين يعانون من غواية الاسقاط السياسي على حياتنا الاجتماعية ،، فلكل مرحلة سياسية ، ظروفها ، وملابساتها واحزابها ، وحكامها ، وكل ما ينتج عنها من ممارسات ورسم سياسيات ، ومن حروب و جرائم واخطاء وهفوات وهنات .

ما يشغل البال .. مع حكومات الحرام و الحلال ،، هذا التسيًد السياسي ، و العبث التراكمي ، حتى بات موروثا جاهزآ يمارسه الحزب الواحد ، و القائد الواحد ، و النظام السائد .

وحده السياسي المغفل ، الذي لايقرأ انتفاضات وثورات الشعوب ، ولا ينتبه الى كواليس حكمه اللعوب ،، فمثل هذا السياسي الاثول،، كثيرا ما يعتمد على تقارير مخابراته ، واعجاب حاشيته ، واطراءات وزرائه ،، ولا يهمه سوى نعته بالزعيم الاسطورة ، والقائد الضرورة .

هذه النماذج من الزعماء ، تراهم يتباهون ويتفاخرون ، ببقاء الانظمة الدكتاتورية الشمولية ،التي ظلت محاصرة من بفعل الانتفاضات الشعبية .

العراق ،، القلق على مستقبله ، منذ سقود بابل سنة 559 قبل الميلاد على يد القائد الاخميني كورش الاول ، ثم سقوط بغداد سنة 1258 على يد هولاكو ,, كان ومايزال يئن من صخب الكينونة ، واغتيال الهوية بفعل الازمات ، وكثرة الاحتلالات والوصايات .

ولا يغرنك تبجح بعض الزعماء بالشعارات الوطنية والمظاهر الديمقراطية ، طالما ان السيادة الوطنية ظلت منقوصة ، واليد باتت مغلولة ، والارادة امست مشلولة .

الاجراءات الحكومية الاخيرة لفك الاختناقات المرورية بتشيًد المجسرات نافعة ومطلوبة ، لكنها بدأت بداية خاطئة فوقعت بالفخ ،، في لحظة البدء بمشاريعها في الرصافة والكرخ ، فزادت الاختناق اختناقاً ، وكان يفترض ان تقوم باجراءات مؤقتة منها تطبيق نظام الزوجي والفردي ، او منع السيارات ، التي تحمل ارقاما غير ارقام العاصمة بغداد ، ولو بشكل مؤقت الى ان ننتهي من بناء المجسرات .
لكن وكما يبدو وفي معظم الحالات ، فأن سوء التخطيط ، لا يفارق مناهجنا في جميع المناسبات .

فالحلول الناقصة ، هي التي تتجاهل الزيادة في حجم استيراد السيارات ، وتتغافل عن الهجرة الى العاصمة من الارياف والمحافظات .

لاشك ان التوقيتات المتفاوتة لدوام الموظفين لجميع الوزارات والدوائر والهيأت ، والعودة الى النقل الجماعي ، ستكون مجدية ومفيدة ، شرط ان لا تكون هناك استثناءات وخروقات ، وقرارات لاتنفذ من قبل بعض الاحزاب والشخصيات .

اذكركم بسدة الناظمية ، وطريقها المحاذي لنهر دجلة ، والموازي لشارع الجادرية ، الذي يوصلنا الى نادي الفروسية فجامعة بغداد

.في هذا الشارع ، تقع قصور رئيس الجمهورية ، ومجمع تيار الحكمة ، وتسكن فيه مجموعة من رؤساء الوزراء السابقين ، ومسؤولين لاحقين ،، استولوا على قصور النظام السابق ، حتى امسى كل شيء في هذا الشارع بحكم الواقع ،،!! .

وطالما ما زلت في موضوع الاختناقات المرورية ، والاختناقات الحكومية ، فأن اخطر القرارات التي لم تدرس جيدا ،، كان قرار رفع اسعار البنزين المحسن والسوبر ، للحد من استخدام سيارات “الكشخة ” واصحاب الكفخة ، من الذين لا يتأثرون اصلا ،، لا باسعار شقق بوابة العراق ، ولا بارتفاع اسعار بنزين السوبر الخلاق .

من الاخطاء السياسية القاتلة ،، ان نلعب بقوت الشعب ، و باسعار وقود الشعب ، وبكهرباء الشعب .

والبنزين مادة احرقت انظمة وزعزعة حكاما ،، منهم الباشا الراسخ ، ومنهم الزعيم الشامخ ، ومنهم الوزير الكاشخ ، الذي شهد عهده ، حرق عدد من محطات البنزين الحكومية ، لانه تجرأ وزاد من سعر البنزين بعد استولت عليه فكرة عبثية .

احد وعاظ السلاطين يقول ،، ان قرار حكومة السوداني برفع سعر البنزين ، لا يؤثر على دخل اصحاب السيارات الفارهة ، التي يتجاوز سعرها مائة الف دولار ،، ونسي ان ارتفاع سعر البنزين ، ضريبة جديدة تدفع من جيوب الفقراء ، بسبب زيادة اسعار نقل المواد الغذائية وغير الغذائية ، وفرصة جديدة لوضع تسعيرات لكل ما يتعلق بحياة الناس اليومية .

ختم الكلام ،، قد تأخذ بعض القرارات التجريبية طريقها الى التطبيق ، وتتجاوز الثلاثة اشهر شمسية ، لكني غير واثق ،، من مرور قرار رفع اسعار البنزين بسلام ووئام .. والافضل ان تتراجع حكومة السوداني عن هذا القرار ، لانها اصلا حكومة خدمات ،، وليست حكومة اختبارات ، سوف تربك الشارع ،، وتزيد من تفاقم الازمات .

د كاظم المقدادي

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى