فم الحقيقة هو تمثال يعتبر من اكثر المنحوتات التي يهتم بها السياح في روما ، وهو عبارة عن قناع من الرخام الضخم يزن اكثر من 1300 كغم ةعلى شكل قرص مع نقوش لوجه ذكر، وهذا الوجه له سمة مهمة وهو انه يحتوي على فم مفتوح على مصراعيه مع وجود فتحتي انف وعينان مخيفتان تبحلقان بمن يقف امامهما من شخوص.
ان هذه المنحوتة على بساطتها الا انها تعتبر من اشهر المنحوتات ويعود تاريخها الى الاف السنين، وتحيط حولها الاساطير والروايات ، حتى قيل ان الكذابين الذين يضعون ايديهم داخل فم هذا التمثال سيفقدونها على الفور ، اي ان هذا التمثال الذي ابتدعه الرومان كان بمثابة بداية
تصميم جهاز كشف الكذب للذين يرتكبون افعلا تسيء الى من يحيطهم من افراد وتشكيلات مجتمعية .
أفة الكذب والمراوغة وممارسة الافعال غير المقبولة هي أفة متوارثة منذ عصور ماقبل التاريخ ، ومن يمارسها من افراد يمتلكون دراية وخبرة في كيفية تطويرها وتقديمها للمجتمع بأطر وتقاليد وعادات جديدة لكي يتقبلها المجتمع ويصدق بها ثم يصبح ضحيتها.
البرت أينشتاين الذي ولد عام 1879 يتم وصفه بأنه ارتفع عن كافة معاصريه لانه يمتلك تكوين عقلي فذ، حيث انه يتصف بالخجل والهدوء ولايميل الى الالعاب التي تحدث ضجيجا ، ولكنه كان ينسجم ويتناغم مع الطبيعة من حوله ويسير طويلا في الغابات ، وفي مدرسته كان نادر الكلام ولايجيب عن اي سؤال الا بعد ان تنقضي عدة دقائق لانه لايقول اي شيء بل لديه ثقة بانه يقول الاشياء الصحيحة ، كان يفكر كثيرا وطويلا حتى اطلق عليه زملائه في المدرسة اسما هو ” فم الحقيقة ” .
كان اينشتاين يرى ان التعلم على ظهر قلبه غير مجدي واضاعة للوقت ، ولذلك كان يركز بدلا عن ذلك لمعرفة سبب كل شيء ، واول ماجذبه هي البوصلة التي اهداها اليه والده ، حيث كان يريد ان يعرف وهو في سن صغير لماذا تتجه الأبرة السحرية دائما نحو الشمال !! وهكذا بدأت علميته الى ان وصل الى نظريته النسبية التي انتشرت حول العالم.
فكم نحن نحتاج الى ” فم الحقيقة ” الذي يقص ايادي الكذبة والمنافقين والفاسدين بمجرد ادخال اياديهم في فمه ، و ” فم الحقيقة ” الذي يمثله اينشتاين الذي اشتهر واصبح معروفا عالميا وخصصت له صحف العالم صفحات باكملها، لابل بدأت اكبر الجامعات والمعاهد العالمية بدعوته لألقاء المحاضرات.
ان الأفواه المتوفرة لدينا والتي تحملها وجود الفساد الكالحة ممن تتحكم بالقرارات السيئة ،،لاتتقن سوى التلاعب بعقول الجهلة ،،ان افواه هؤلاء المتحكمين بشؤون المليارات يتصفون بمعايير ومقاييس ذات جودة عالية ولكن في مجالات محددة ، افواه مسؤولينا عندما يغردون بشؤون الحرام والحلال ، فانهم يتفقون بمفردات الحلال وينشرونه بانجازات ووقائع خيالية وجمالية تصدع الرؤوس في الوقت الذي يتم فيه غلق الفم التي تبتلع ايادي المفسدين ، حيث ان اجهزة الرصد والنزاهة والرقابة تغط في نوم عميق ، وحتى لو تم ابتلاع ايادي المفسدين فسرعان مايتم توفير ايادي اصطناعية بديلة وتحمل مواصفات الانياب لكي تمنع ايا كان من اتهامها او ادانتها.
الكل يتفق بانه ليس من الصعوبة ان نقوم بتصنيع افواه تبتلع الفاسدين ، وايضا ليس من الصعوبة خلق عباقرة ومبتكرين مثل ” فم الحقيقة ” لاينشتاين ، ولكن المشكلة الرئيسية هي ان شعبنا مسامح وقلبه رقيق ، فما ان يبتز اي مسؤول ملايين من الكنوز ويوزع شيئا منها على اتباعه ، حتى ترى وتسمع افواه المفسدين تلعلع باصواتها ، وهناك من يهتف لمساندتها ، فها نستطيع ان نخلق فم الحقيقة لابتلاع المفدسن ، ام نخلق فم الحقيقة للانجازات العلمية.