مقالات

زواج المتعة …طرازة من نمط خاص للعلاقة الأمريكية الإيرانية

#الشبكة_مباشر_دبلن_أ.د.طارق السامرائي

البعض يقول متوهمأ وفي منتهي التحليل الطفولي ان ….طبول الحرب قد دقت …..مسرحية غبية اعلامية تصلح لذوي العاهات !
لو واكبنا واقع المستور في العلاقات الامريكية الايرانية لأصاب البعض بلوثة الجنون البدائي ،فهل يعقل ان يكون كل هذا السيناريو المنمق وهذه السريالية ما وراء العقل بأن تقيم امريكا علاقات زواج المتعة مع ربيبتها ايران ؟ كيف ؟

هي السياسة التي بات ادراكنا لها فقيرًا محددًا لا يتجاوز الا ماوراء الظاهر في منطق الفلسفة !!نحتاج الي ان نخترق الا مرئي ونزيل قضبان السجن ونحرر افكارنا ونري ما يطبخ في المستور ونحرر خاصتنا في تحليل المواقف !

امريكا تواجه انفصاما وازدواجية بين طابعها السياسي وطابعها العسكري وقيمها كأمة وهو صراع بلا قواعد كما هو في الامة العربية والصينية والهندية والفرنسية وغيرها في قارة امريكا الجنوبية ومنها الحقيقة والانصاف الايرانية ….هذه التركيبة الازدواجية شكلت محاور في السياسة الامريكية الناعمة وايدلوجة مسارها العسكري وهم في تقاطعات أدب الي غلق ابواب القيم واسس الشريعة الانسانية وعادت امريكا الي تغليب ميزان المصالح والمنافع علي كفة العدالة وقانون التعايش السلمي وحق الشعوب في تقرير مصيرها (شريعة القوة )!

من طرف ثاني فأن السياسة الايرانية سياسة ثعلبية تعتمد الصبر الطويل والأناة والتلاعب بالاوراق وهي لا تمثل واقعها وواقع مجتمعها الغير متجانس والمتعدد القوميات لكنها قدمت النعرة الفارسية ومجد تاريخها علي كل مقومات هذا الواقع واصبحت أيران لاعب الشطرنج مع الغرب وامريكا التي لها محركات فكرية متباينة موسمية اداء أزمات العالم وقرارها فيه نوع من التفاوت والازدواجية أداء طبيعة هذه الازمات وطبيعة مخاضها .

ايران حاورت امريكا عقودًا من الزمن الصعب وفي تقديري انها درست وقرأت العقلية الامريكية ومنذ رئاسة رونالد ريغن واجادت بهذا الغزل والتي حفزتها وفتحت لها جبهتها في افغانستان ومطاردة طالبان ودعمت احتلالها العراق في جبهتها الغربية وجندت فلول منظمة بدر وخبرة الحرس الثوري في خدمة التوغل الامريكي علي العراق عبر مناطق البصرة والناصرية وديالي ….خدمة لا تثمن من أيران !!
أيران تفهم ما تشتهي المعدة الامريكية فهي تبسط ذراعيها عند الضرورة ووقت الضيع وتلعب علي وتر التناغم !
واصبحت العلاقة الامريكية الايرانية حميمة وتفاهم مشترك وتوجت بمشروع (البزنز)وتوفير عامل التفاهم لصالحه .

لا حرب ولا ضربة قاصمة لايران من امريكا او اسرائيل الا بعض المزاح والضحك علي الذقون !

مفاعل (بوشهر)ان يكون هدفًا لامريكا وأسرائيل إطلاقًا ولكن ما يشغل دوما امريكا وإسرائيل هو تصاعد الفكر الصناعي النووي الايراني في المنطقة والتي تحرص امريكا ان يبقي في ايادي اسرائيل حصرًا ولاجل تبني هذا المشروع لابد من تقليم الأظافر الطامعة في انشاء او تأسيس نووي في المنطقة !!

أذن كيف تم تمرير نووي أيران ؟بالحكمة والدهاء الايراني وظريف المفاوض الذي ركع باراك اوباما وسحب البساطين تحت ساقية بشفافية ونمط ناعم يفتقر له العرب !!هكذا احرزت أيران النصر لكنها دفعت فاتورة اقتصادية باهضة ودامية ….لكنها كعادتها تصبر ثم تلدغ !

ولاجل عينك يا تاجر اقدمت كلتا الدولتين امريكا وأسرائيل علي تبني الاغتيالات لصناع النووي وام فعلا قتل عددًا من هؤلاء عراقين ومصرين وباكستانيين وايرانيين والحصيلة هو دور مسرحي مطلوب وضروري يصاحبه تعطيل زمني جزئي لكي تبرر الوسيلة الغاية ولم تضرب المفاعل الايرانية واستمر نشاطها وتبلورت امكانياتها الخلاقة في انتاج (السلاح النووي)الذي اصبح هو عمود المفاوضات الامريكية الايرانية.تحركت أيران بذكاء سياسي بعيدا عن التفاوض التقني النووي ونجحت في زمن ظريف علي مستوي الوكالة النووية وقناعة القيادة الامريكية والغربية ومنها فرنسا ومواقفها المرنة في هذا الخصوص كذلك التأييد الصامت الروسي والصيني ونجحت أيران ظريف !تقاسمت ايران وامريكا علي طريقة (زواج المتعة )كل له مصالحه وله منافعه دون صدام ،استغلت أيران امريكا في مشوارها في العراق ولبنان وسوريا واليمن وتأججت هذه الذبذبات الرومانسية في زمن ترامب وعقليته التجارية واستغلت هذا الموقف ونجحت في أبعاد شبح الشك عن الاستمرار في تناول المفاعل النووي كمادة ابتزاز امريكي ايراني !حيث احرز الوفد الايراني المفاوض في فيينا نجاحا بهذا الخصوص بجانب نجاحهم ودورهم في تغذية النزاعات المذهبية في العراق واليمن ولبنان وسوريا ،وتحول الموضوع من نووي الي فض النزاعات والحروب مع ذيول أيران ومراتع خصوبتها .

ساهمت ايران في تقديم خدمات جليلة عندما قرر صقور المجرم بوش الصغير احتلال العراق وهي مشروع لنظرية المؤامرة بعد ان تأكدت امريكا والصهيونية ان النظام العراقي ثابت علي مواقفه والقيادة العراقية اصبحت خارج السيطرة الامريكية و ورقة سياسية معادية و تمدد شعبيته عربيًا ودوليًا ومواقفه العنيدة والمتمردة للقرار الامريكي بات خارج الصلاحية (expire)وتمت الصفقة في احتلال العراق وتم تقسيم الكعكة وكان نصيب ايران منها التوغل في برنامجها المذهبي الي العراق وسوريا ولبنان وبعضًا من فلسطين وتهديد الامن القومي لدول الخليج والاردن ومصر والسعودية بجانب ان دول الخليج ليس لديها ما يستر عوراتها السياسية المكشوفة والذي زاد في شهية ايران في التحرش وم حاولة زعزعة المجتمع الخليجي هو غلبة الاستيطان الغربي الاسيوي في مجتمعاتها واستشراء العمالة الغربية والتوطين والسكن الفارع كان له حفزا نفسيًا وواقعيًا في تحريك المجسات الايرانية (الشيعية) للمطالبة بمزيد من الحريات وأقامة الفعاليات المذهبية وتشييع الشباب ونؤكدها استراتيجي خطير تمت ممارسته في تجربة انفصال سنغافورة عن ماليزيا!

اذن ما هو المانع ان تسري هذه التجربة في دول الخليج وتبدأمسلسلات الانفصال تبعًا للاغلبية ..لا يوجد مانع إطلاقًا ،وامريكا وإسرائيل ترحبان لمثل هذه المشاريع بل وتشارك في طبخها !!
اذن ما الذي يدعوا امريكا والغرب للتريث في تدشين هذا البرنامج وهذا السيناريو والمؤهل متوفر في أيران كما حدث في تمزيق العراق علي ايادي جلادي ايران الميلشيات والذيول المذهبية …لا مانع بعد ان حصلت ايران علي حق الفيتو الامريكي للتوغل المذهبي في العراق والانتقام من كل من شارك في حرب ايران وتدمير البنية التحية واعادة العراق الي ألان الثورة الصناعية وهو مشروع امريكي منذ عام 1991 .

ايران سنويًا تؤهل اكثر من 3 مليون زائرًا للمراقد الشيعية في العراق ولديها قاعدة جماهيرية شيعية في مدن جنوبه الاربعة واقرب مدن ايران والتي لا تبعد اكثر من 80-100 كم عن العراق ،وأزاء هذا الواقع التاريخي لا تستطيع امريكا تجاهله في محاولة فصل النسيج الشيعي الايراني عن النسيج السني العربي او ألغاؤه لذلك لم تتورط امريكا والغرب مع ايران بهذه الخصوصية بل احتكموا للمقايضة والتسوية وافية المغانم .
امريكا وعبر عقد زواج المتعة مع ايران لديها ثلاثة شروط

١- حصتها في منابع النفط العراقي

٢-أبعاد الطيف السني عن كل مسؤولية في النظام الجديد لانهم اعداء للغرب وامريكا

٣- عدم التقرب من تواجد القوات الامريكية وسفارتها في بغداد وغض النظر عن النشاط المذهبي الايراني في العراق وذلك بسبب عدم قدرة امريكا في فك الاشتباك الديني المذهبي بين العراق وايران وعليها القبول بهذا الواقع .

وبات العراق صالة حفل زواج المتعة بين الطرفين(زواج المصالح والمنافع).

امريكا عقدت المعادلة في سياسة التراخي من الوجود الايراني في العراق بسبب سعة الانتشار السكاني والتواجد البشري الايراني وتأسيس المنظمات والمليشيات لديهم اكثر من 40 ألف مستشار عسكري ومهني في بطون الدولة العراقية مع الهيمنة علي مناطق الجنوب واعتبارها معقل لكل توجه عسكري ومذهبي ،لذلك سقط الخيار الامريكي في أدارة دفة الحكم للنظام العراقي وتحول الي التحكم الايراني به .

تهدف كل من الطرفين (ايران وامريكا )الي مشروعين في العراق وبأتفاق متكامل الأوصاف هما :-١- تقسيم العراق الي ثلاث أقاليم ٢- تفتيت المجتمع العراقي وتمييع شعوره القومي والوطني وربما ألغاء وأنهاء دوره كقوة استراتيجية وهو استهداف مركزي غربي امريكي صهيوني أيراني.

اإيران هي القوة الفاعلة في الشرق الاوسط حاليًا بتعدادها السكاني (75)مليون مع توفر زخم عسكري وميلشاوي متطرف في خمس دول شرقي اوسطية وهي الدولة الرابعة في تصدير النفط عالميًا ومؤثرة في محيط دول قزوين ومتماسكة مذهبيا فهي دولة برامتيكية .

الادارة الاميركية لن تتورط في حرب مباشرة مع ايران بل امريكا وإسرائيل قلقتان من التوسع الايراني وحضور صيني في المنطقة كما لا يهمهم موضوع فلسطين ولا يشغلهم هذا المشوار،انما هو ورقة مطروحة للحل .لذلك لا مكان لفلسطين في جدول مخاوفهم .قال الرئيس (رونالد ريغان)في احدي تصريحاته (الخصام مع العرب لا يضر بقدر ما يضر الخصام مع أيران).

الامريكان قلقين من توسع دائرة أسلحة الدمار الشامل يصاحبه توسع في استخدام الارهاب وهجماته علي قواعدهم وربما يمتد ليصيب الجغرافية الأمريكية من الداخل .

قلقون من تجول الصين خارج بحر الصين وتهديد تايوان وطموحهم في غزو الاقتصاد الأوربي وتعميق العلاقات مع دول الشرق أوسطية…مرتعبون علي مستقبل مصالحهم خاصة بعد مؤتمر البريكست الذي تبنته روسيا وربحت فيه الورقة الاولية ،قلقون من نهضة وصحوة عربية تطيح رياحها العاتية بذيولها العربية .

من طرف ثاني ولكي لا ننسي ان ايران قاسية في استراتيجيتها وأديبها مشاريع حول كيفية بلورة وصناعة هذا العنف وبصورة ناعمة فهي تعلم
ان امريكا لا تستطيع ان تستغني عنها وهي المعين الذي يفجر النزعات الطائفية والدينية في المنطقة العربية واسيا وتغذي احداث العصيان لكي تديم زخم الأزمات فهي لا تميل للسلام لانه يضرر بمصالحها وهو يتطابق مع سيناريو أمريكا والغرب في خلق حروب محدودة وسريعة وتفادي الحروب المباشرة حفاظاً علي المصالح .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى