هذا السؤال الجوهري الذي نتغنى به ” من أين لك هذا ” هو بطبيعته سؤال مشروع يتصدى لكل من يحقق اي امتيازات دون وجه حق ، هذا السؤال الصاعق يتطلب ان تكون الأجابة عليه بالأرقام ،فالامتيازات والمكاسب غالبا ماتقاس بالأرقام التي تعكس القيم النقدية والمالية.
لاشك ان ظواهر الأنحراف الأقتصادي والمالي المتعلق بالأموال العامة ينعكس سلبا على عموم قطاعات المجتمع بدليل ان جميع معايير الأداء التي تسجلها تلك القطاعات تميل نحو الأنخفاض والسلبية ،في الوقت الذي تهدف فيه الدول المتقدمة للوصول الى اعلى المراتب نتيجة للمنافع التي حققتها لمجتمعها وافراد شعبها نتيجة لاستثمارها الكفوء لمواردها . وبحسبة بسيطة اذا كانت المبالغ والتخصيصات التي انفقت لتنمية القطاعات ، عالية جدا قياسا بنا حققته من مستويات متدنية من الأداء ، عندها يظهر ان الانحراف والتسيب واضح وناصع،،السواد ، والأتعس من ذلك انه لايتم محاسبة المقصرين والمنحرفين ،،لعدم امكانية ذلك ،،وما شعار ” من أين لك هذا ” سوى لاغراض ديكورية !!!.
ان عملية تقديم المسؤول لقائمة ممتلكاته والأفصاح عنها كل فترة زمنية هو اجراء روتيني ليس الا ، ولايترتب عليه اي عواقب ، ولهذا نجد ان مسيرة الفساد سائرة بخطوات واثقة لاتترنح ، فالكل يساند الكل وما على الشعب سوى القبول بتدني جودة المنتجات والخدمات .
من الممكن تفعيل وابتكار لشعار ” من اين لك هذا ” وهو ان لايتم توجيهه الى المسؤولين المتنفذين بالقرار ، بل توجيهه الى فئتين ينوء منهما المجتمع ، الفئة الأولى هم اصحاب المليارات الدولارية والمصالح الخاصة الناجحة مثل شركات الاستيرادات والجامعات والمستشفيات والاتصالات وغيرها كثير ، لكي يطلع الشعب على تجربتهم المهنية الناجحة في كيفية تحقيق تلك الثروات لعلها تكون دروسا مفيدة للأجيال القادمة لكي تقتدي بها ، لابل وان هذه النجاحات لو تمت بطرق علمية وفنية وتربوية سليمة ومبتكرة ومشروعة ،ستكون منهجا للمستقبل يشهد به الأخرين ،
فما احوجنا الى معرفة المسيرة الناجحة لرجال الأعمال والمستثمرين ، فاذا كان قانون ” من اين لك هذا ” من الصعوبة تطبيقه على المسؤولين ، فما احوجنا لتنفيذه على القطاع الخاص لكونه يضم نخبة من المتفوقين والناجحين في تشغيل قطاعات العمل التي تقوم على الربح ،، مادامه ربح حلال !!وقد نذهب اكثر من ذلك ونمنحهم ادارة القطاعات العامة المتلكئة في تنفيذ برامجها ،،لقاء حصة من الموارد !!!
اما الفئة الثانية التي لابد ومن الضروري توجيه قانون ” من اين لك هذا ” اليهم هم فئة الضحايا والمغلوب على أمرهم من جراء عدم تنفيذ القانون عليهم من المسؤولين ، للتعرف على اسباب الواقع المأساوي البائس الذي يعيشونه ،،ونقول لهم ” من أين لك هذا ” الفقر والتعاسة التي تعيشونها ، و ” من أين لك هذه ” العشوائيات التي تسكنونها مع عوائلكم ، و ” من اين لك هذا ” التدني في صحتك وغذائك ، و “من اين لك هذا ” الذي جعل اولادك واحفادك يفترشون الأرصفة بدون تعيين !!!
لعل هاتين الفئتين فيما لو تم تطبيق ” من أين لك هذا ” عليهم ،، لحصلنا على اجابات يمكن من خلالها تفعيل هذا القانون وشمول فئة المسؤولين الرسميين به ،، لاحقا !!!!