في عيد المرأة نستذكر الشاعرة فدعة العراقية ..
رند علي الأسود / العراق/ بغداد
فدعة ابنة عِلي آل صويح شاعرة عراقية تركت بصمتها في سجل تاريخ النساء القويات ، فدعة ايقونة الشعرية العراقية الشعبية في العراق في القرن الثامن عشر لايمكن أن يمر عيد المرأة دون استذكار هذه المرأة القوية والشاعرة المبدعة .
في القرن الثامن عشر الذي اشتهر فيه العراق بكثرة النزاعات العشائرية بين القبائل ذاعَ صيت الشاعرة فدعة العراقية ابنة مربي الجاموس عِلي آل صويح وعِلي تكتب هنا بكسر الياء ، في ذلك الزمان كان عِلي من مربي الجاموس المتنقلين ، ممن لاتعرف له عشيرة ، وكان يملك عدداً هائلاً من الجواميس ، وكان يأمر رعاته بأن يتركوا الجواميس ترعى في زرع ومحاصيل الناس ، فيثور الناس عليه ويطردوه ، لأن جواميسه تكون قد دمرت محاصيلهم فينتقل إلى منطقة أخرى ويعيد الكرة وهكذا ، إلى أن وصل إلى مزارع حمد آل حمود (شيخ عشيرة الخزاعل) وترك جواميسه ترعى في محاصيل حمد ، فلم يتعرض له أحد ولم تطرد دوابه من المزارع ، عندها قال لعائلته إن هؤلاء الناس كرماء وسوف نقضي حياتنا بينهم ، وهنا امتزج عِلي آل صويح بقبيلة الخزاعل ، إذ كان له صفات متميزة جعلت حمد آل حمود يغض النظر عن انحداره من رعاة الجواميس ( المعدان) ويقبله كصديق يعتمد عليه ويتشاور معه في كل صغيرة وكبيرة.
وهنا بدأت فدعة تعيش واسرتها في صريفة في احدى أرياف الرميثة وكانت ترعى الجاموس وتصنع القيمر والجبن واللبن وان مصادر وعيها لاتتعدى الاختلاط بمثيلاتها من النساء والمشاركة في الأفراح والأحزان الى ان يصاب (حسين) الأخ الأصغر لفدعة في احدى الحروب القبلية بعد اشتراكه في حرب الى جانت الخزاعل بعد انتمائهم الكلي الى القبيلة، وهنا تشير فدعة في احدى قصائدها عن المها وحرنها لإصابة شقيقها في الحرب واحتمالية فقدانه بعدما فقدت زوجها وإبن عمها (عبود ) كذلك في إحدى الحروب .
يبات الگلب يحسين ملهود
يجمـع بمـدة ويخـزن چبود
سادة وخزاعل عندك جعود
شي تندعي وشي گلوبها سود
يحسين چيف بثار عبود؟
عگبـك تظـل زنـودها بنـودو يبدأ التحول في حياة فدعة حيث بدأت تتفتح قريحتها الشعرية أكثر بعد إصابة أخيها ، ولانعرف هل توفي اثناء إصابته ام انه بقي يعاني منها لانها تشير في إحدى قصائدها الى طول مرضه وأنينه فتقول :
اشما تون يحسين أنا شيط
والنوم عفته والغطيط
يلتعدل العوجة عدل ميط
يمعزب الخطار تشريط
ردتك على گومك گليط
يلچنهم بعقلك زعاطيط
على خشومهم منقار كطكيط
يفحل النخل يملجح العيطوتبدأ فدعة بالثأر لأخيها وزوجها وزوجها فترافق عشائر الخزاعل في قتالها ضد عشائر زبيد والمنتفك.
گطعيت هيمه ونشف ريجي
ومعرف عدوي من صديجي
تمنيت خال ابني رفيجيورغم قلة المصادر عن الشاعرة فدعة إلى انها تشير الى ان معظم الشعر الذي قالته يدور حوَل اخيها حسين بإستثناء بعض المقاطع الشعرية التي قالتها عند وفاة حمد آل حمود شيخ عشيرة الخزاعل :
حمد مرضي العرب
والروم والباشات
يجالسها ويكلمها
بسبع لسنات
لسان للعرب ولسان للبيكات
ولسان لعد الروم والشاهاتويتضح في هذه القصيدة ان فدعة كانت تلحظ بين ضيوف حمد آل حمود بعض الأجانب من العثمانيين وربما الإنكليز ، وإن حمد كان يتحدث التركية على مايبدو ( وهو امر غير مستبعد في تلك الفترة) وهو مشهور بالفراسة والألغاز والكلام المبطن الذي كان شائعاً في تلك الفترة ، ويجمع الموروث الشعبي العراقي على ان حمد آل حمود كان متكلماً ممتازاً وحكيماً ، وهو شيخ القبيلة الوحيد الذي وصلنا عنه هذا النوع من المعلومات المتعلق بحكمته وقوة منطقه وحجته.
وفي احدى قصائدها تتمنى فدعة ان يكون لها خمسة وخمسون ولداً لتوزعهم بين خدم الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام) و خدم إبنه الإمام الحسين (عليه السلام) والاخرين بين صانع للقهوة ومكرم للضيف، وبعضهم للشدائد والاخرين حاملي البنادق.
تمنيت البزر خمسه وخمسين
خمسه ابعلي وخمسه بالحسين
وخمسه يدگون الهواوين
وخمسه يديرون الفناجين
وخمسه اسباع امسلسلين
وخمسه يزرفون الحياطينومن المواضيع التي تناولتها فدعة وصفها لقلعة بناها والدها علي صويح وكانت القلاع الطين في تلك الفترة من المباني المعروفة لكثرة النزاعات العشائرية والقبلية وخشية من الهجمات التي قد تحصل بين القبائل إذ تقوم كل قبيلة ببناء قلعة طينية كبيرة وفيها نوافذ للنظر الى الاشخاص القادمين فتقول فدعة:
بناها علي وية الغيم زمت
وبيها بني مالج التمت
بلابوش منه الخيل حمت
محصن علي يالبيه تشمتشاعرية فدعة وشهرتها في ذلك الوقت إذا دلت على شيء فهي تدل قوة المرأة في كل الأزمنة خصوصاً ان فدعة ولدت في العراق في القرن الثامن عشر عندما كان خاضع للسيطرة العثمانية ويتميز هذا القرن تحديداً بندرة وجود اسماء نسائية عراقية بارزة ، فأستحقت فدعة بلا منازع أن تلقب بشاعرة الكرامة .