
الإنسانية
————
الدكتورة سرى العبيدي
سفيرة الجمال والطفولة والإبداع العالمي.
لم يكن للإسلام هدف على هذه الأرض في دعوته ، ولا غاية ينشدها في رسالته ، غير هدف الإنقاذ ، وغاية الخلاص ، خلاص البشرية من جبروت الطغاة ، وضلالة العقائد ، وفساد الأنظمة ، وتدهور الأخلاق والقيم ، ليظل البشرية بظلال العدل والرحمة ، وينشر في ربوع الارض الأمن والسلام …
فتنعم الإنسانية بفردوس الحياة ، وتتفيأ ظلال اللطف والنعيم الإلهي …
من غير أن تجنح هذه الدعوة ، أو تنحرف هذه المباديء ، نحو مفاهيم الجاهلية ونظرياتها التي تضرب وحدة البشرية ، وتمزق أواصر الأخوة الإنسانية بمخالب العنصرية والطبقية ، أو الحزبية والقوة والمال والنسب …الخ .
لذلك جاء الخطاب الإلهي الكريم موجها إلى الإنسانية جميعها ، كمنقذ لها ورائد لخيرها ، لايفرق بين غني وفقير ، أو قوي وضعيف ، أو طبقة وطبقة ، أو عنصر وعنصر …
( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) الحجرات/ ١٣ …
وفي موارد قرآنية أخرى خاطب نبيه الكريم ، مؤكدا هذه الدعوة ، ومقررا لها .
( وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين) الانبياء/ ١٠٧ …
( وما ارسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) سبأ/ ٢٨ … وقد تجسدت هذه الصفة الإنسانية في الشريعة الإسلامية بمبدأين اساسين هما :
حب البشرية والعطف عليها اولا .
وحذف الفوارق والامتيازات الجاهلية التي مزقت أبناء النوع الإنساني ، من العنصر والاقليم والطبقة وغيرها من الفوارق وأساليب التقسيم والتعالي المقيت..ثانيا .
وبذا كان الإسلام رسالة عالمية تتصف بالرحمة والود والسلام ، وتتسم بنزعتها الإنسانية النبيلة التي لاتحرم أحدا من خيرها ولاتحيف على أحد ، ولقد كان الرسول الاعظم صل الله عليه وآله وسلم المثل الاعلى والصورة الصادقة ، لتلك المثل والقيم الإنسانية النبيلة .
فقد حدثنا التاريخ عن مواقف وعبارات إنسانية رائعة لمنقذ البشرية ، وداعية الخير والسلام محمد عليه افضل الصلاة والسلام ، تعبر عن روح رسالته ، وتشهد بصدق دعوته يوم جرح في معركة أحد ، وكسرت رباعيته ، ودخلت حلقتان من حلقات المغفر في وجنتيه ، وأوذي أذىً شديداً ، فقال له أصحابه لو دعوت عليهم يارسول الله ، فرد عليهم بإنسانيته المعهودة ، وأخلاقه الرسالية الفذة : ( إني لم أُبعث لعاناً ، ولكني بُعثت داعية ورحمة : اللهم أهدٍ قومي فإنهم لايعلمون) .