رفع اللاعب الارجنتيني ميسي الكأس بيديه.. وهو يضع العباءة العربية على كتفيه .
انها .. اشارة قوية ، ومبادرة ذكية من امير قطر ، بل هي رسالة فطنة الى العالم الغربي .. ساهمت وتساهم بقوة وفعالية مدهشة لتغيير الصورة النمطية عن العرب الذين “يرعون البعران ، وسط صحراء جرداء .. ويتفاخرون بكثرة النسوان ” .
الذين يعيشون في الخارج .. يعانون من تلك الصورة النمطية المؤذية ، التي تضع العرب في اخر خانة من السلم الاجتماعي للعالم المتحضر انها خانة ” العالم الثالث” وهو مصطلح بائس ، وصورة عنصرية وفوقية .. تصر انثروبولوجيا الأثار والحضارات والثقافات الاستعمارية الغربية ، على لصقها بالعرب عن قصد
معلن .. تبريرا لمنهج الاحتلال والاستغلال .. فمصطلح “العالم الثالث” وحسب الفهم الغربي .. يعني ( فضلة العالم) .
كنا نقوم بحملات عربية في العواصم الاوربية لتغيير هذه الصورة النمطية.. لكن مظاهر السلوك العربي من قبل بعض اثرياء عرب الجاهلية ، والبذخ العربي في البارات و الملاهي والنوادي الليلية .. يقف حائلا لتحسين صورة السلوك العربي ، في داخل وخارج الحدود العربية .. علما ان الذين نراهم على هذه
الصورة في العواصم الغربية لندن وباريس وروما.. وحتى في مدن الولايات الامركية المتحدة الامريكية .. لا يمثلون سوى نسبة متدنية من مجاميع السياحات العربية .. لكنها كثيرا ما تستغل ، وتنشر على صفحات كبريات الصحف الاجنبية في المدن الغربية.
حسنا فعلت دولة قطر .. وتحدت ونجحت ، واقامت دورة كأس العالم .. معلنة عن تقديم صورة جديدة مشرقة عن العرب.. وعن دولة عربية فتية .. سخرت مواردها ، وطاقاتها ، وراهنت على نجاح هذه الفعالية الرياضية الكبيرة .
مثل هذا العرس الانساني الكبير والانجاز الرائع المثير .. كان لا يجرأ على تنظيمه وادراته و اقامته .. سوى الدول المؤهلة التي تمرنت وتدرجت في اقامة سباقات كأس العالم الكونية .
الثابت.. ان افضل النتائج هي ..
تلك المفاجأة التي جعلت عيون وقلوب المليارات من البشر تتوجه نحو دوحة العرب .. وهي تنظم بطولة العالم لكرة القدم بدقة وحرفية عالية.. نعم انها دولة صغيرة بحجمها .. لكنها ظهرت كبيرة وعظيمة في ارادتها وتحديها وانجازاتها وادارتها .
المفرح في بطولة 22 ..
انها لم تقم فقط على ارض عربية.. و لا وسط ملعب جميل ومدهش من ابداعات مهندسة معمارية عراقية .. بل انها توهجت بحالات ومشاعر عربية وطنية قومية .. وغرست ثقة عالية في نفوس اللاعبين من الفرق العربية .. كالسعودية التي فازت على الارجنتين .. وتونس على فرنسا.. اما مملكة المغرب
الشقيق .. فكانت هي القدح المعلى بصوت عال من الايمان الرصين ، و مفاجأة كبرى للعرب والناس اجمعين .. بوصولها الى المربع الذهبي ، فافرحت قلوب العرب .. شعوبا وقبائل ودولا وممالك وامارات .. وزرعت في نفوس الجميع الثقة والاطمئنان ، واضافت بعدا اخلاقيا رياضيا جديدا وسط الملاعب ، تمثل
بالتلاحم بين الجمهور واللاعبين وعوائلهم ..
فكانت تلك المشاهد الانسانية المؤثرة .. طاردة لعبارات ورسومات المثليين .. ومن الذين لا يحترمون ثقافة الشعوب والاخرين .
اخيرا.. كانت كرة القدم محاصرة ، ومحصورة لدول بعينها ، وفرق لذاتها .. وبين اقدام اللاعبين ، على ارضهم ، وتحت سمائهم ، وبين مشجعيهم .
اليوم انهت دولة قطر تلك المعادلة الفجة .. والمتوالية الرياضية الرثة ، وتلك التنافسية التراكمية الممتدة .. لينطلق الرياضي العربي الى افاق جديدة بلا حدود .. وتلكم هي البداية الصحيحة للامة العربية التي فشلت في السياسة والاقتصاد ، والحوار والواقع والخيال .. لتسجل اليوم حضورها ونجاحاتها في علوم
الرياضة والتنظيم والادارة .. وتكنولوجيا التواصل والاتصال .
انه موسم الهجرة الى الجنوب و بجنون
.. دبي .. الدوحة / وغدا بغداد ..
قرة العين ومركز الثقافة والفنون ..&