( المتجاذبان )
قصة قصيرة
كنانة ونوس / سورية
يعيش قلبي في كنف عقلي طوال النهار عزيزاً، كريماً، ضمن رفاهية لا محدودة..
عندما يستيقظ يخرج إلى الحديقة يجمع الزهور ويقدمها لجميع المارة، يلاحق الأولاد الصغار الذين هم بدورهم يلاحقون الفراشات وأسراب النحل، يصاحب التراب والطين، يتمدد عليها وينثرها عليه كلحاف، يلملم الأوراق المتساقطة وبقايا الأعواد، يجرح يديه ووجهه وأنحاء جسده ولايتأثر… يكمل..
يتدمّى مراراً وتكراراً.. يبكي بحرقة وبثانية واحدة ينسى ماإن يرى دعسوقة تلطم خده بلطف.. يجري وراءها، يقع ثم يجري، يقع ثم يجري.. تغيب الشمس ولم يكمل بعد القلعة التي شكلها من الطين.. ينتهي عشقه لما يفعله عندما يفتح عقلي الباب ويبدأ بالصراخ:
– أيها الأحمق.. يامبهدلني.. ادخل حالاً..
يلملم قلبي خيباته ويستعد للنوم.. يخرج عقلي إلى الحديقة، يعتذر من المارة واحداً واحد، يطلق كل الفراشات والنحلات التي كانت تأتمر لقلبي، ينظف كل شيء مر عليه قلبي، يهدم القلعة التي مازالت قيد البناء.. ويدخل..
يقترب من قلبي النائم، يمسح عن خديه قساوة الخارج.. ثم يشعل التلفاز على حفلات الأوبرا وتبدأ سهرته الراقية بهدوء..