بينما ننشغل نحن العراقيين .. بأرتفاع درجة الحرارة ، ومعضلة الكهرباء وازمة الجفاف ، وبؤس المتقاعدين ورواتبهم الزفت ، والتفرج والتكاسل عن جمع السلاح المنفلت ..
وكلها اضحت مشاكل مستدامة ، وظلت امتحانا واختبارا مباشرا ، لكل رئيس وزراء يجيء ، يوعد ويخلف ، مقدما برنامجه الحكومي بصوت عال ثم يخفت .
كثيرا ما ننشغل ، ونحزن ونتبصر .. وحولنا عالم ملتهب يتقهقر ، بمجزرة جنين .. وجيش محتل احرق الحرث والنسل والمال والبنين .. اما العرب ، فهم مستعدون للشجب والاستنكار .. بينما حكومة ناتنياهو ماضية في تحديها ، بصلافة ووقاحة واستكبار .
وهذه الحرب الروسية على اوكرانيا ، وقودها حلف الناتو ودباباته الاوربية ، مع امريكا وقنابلها العنقودية .
وسط هذ العالم المضطرب ، تشتعل الان جبهات حرب الكترونية حقيقية .. قوامها امراء مواقع التواصل الاجتماعي والمال .. وتنافس محموم لا يخطر على بال .. بين جبهات ومواقع الكترونية يقودها مؤسس الفيسبوك مارك روزكر بيرغ ، ومالك موقع “تويتر” الشهير ايلون ماسك .
لقد جعلوا من الكرة الارضية ساحة لمنازلاتهم ، والمليارات تحت تصرفهم وتنتظرهم ، والمستخدمين وسيلة لبلوغ غاياتهم .
وكما انقسمت الولايات الامريكية بين حزبين جمهوري وديمقراطي ، وبين مشروبين غازيين كوكا كولا وبيبسي كولا ، وبين وجبتين للطعام مكدونالدز وكنتاكي .. نجدها اليوم منقسمة بين امبراطورية فيسبوكية بقيادة مارك زوگر بيرغ ، وامبراطورية تويتر بزعامة ايلون ماسك .
ويبدو ان وطيس هذه الحرب ستستمر الى وقت طويل .. بعد اطلاق منصة جديدة ( ثريدز ) من قبل مؤسسة ” ميتا بلاتفورم” المملوكة لزوگر بيرغ ، التي باشرت فعلا بتنزيل تطبيق هذا المولود الجديد على متاجر الهواتف الذكية ، بشكل يجمع بين مزايا الفيسبوك وانستغرام ووتساب ، لقطع الطريق على طموحات ومستقبل موقع تويتر المتخبط في مسيرته العنكبوتية ، منذ ان اشتراها ايلون ماسك في شهر اكتوبر الماضي بأقتدار ، وبسعر ناهز الاربعين مليار دولار .
كان من اشد هفوات ادارة تويتر .. الاستغناء عن الاف العاملين ، وفرض اجورا على بعض المستخدمين ، وعدم احترام عقول المتصفحين ، وجعلهم عرضة للابتزاز .. مما سبب تمرد الكثير من مستخدمي تويتر .
لكن صاحب تويتر .. تدارك الأمر وقدم اخيرا عروضا خدمية ، من تسجيلات صوتية وفيديوية .
مارك زوگر بيرغ ، كان يراقب هذه الفوضى التي ضربت اطنابها نظام شركة تويتر ، المنافس الحقيقي لمواقع مهمة مثل الفيسبوك والانستغرام والوتساب التابعة لشركة “ميتا بلاتفورم” .
هذه الانطلاقة التسويقية السريعة ، التي اتبعتها ادارة الفيسبوك لموقعها الجديد( ثريدز ) بدأت باستغلال الملايين من الذين يتابعونها على الانستغرام ، بعد ان سهلت لهم اجراءات دخولهم للموقع عن طريق متاجر الهواتف الذكية .. وبهذا وصل عدد المشاركين في الموقع الجديد ( ثريدز ) في الساعات الاولى ، الى خمسة ملايين مشترك داخل الولايات المتحدة الامريكية ، لكن موقع ” ثريدز ” لم يدخل بعد السوق الاوربية بسب قوانين حماية الخصوصية .
لم يقف ايلون ماسك وشركته تويتر متفرجا .. بل لوح بمقاضاة مؤسسة ميتا بلاتفورم ، لتعينها موظفي تويتر السابقين ، العارفين بأسرار تويتر المهنية .
المشكلة الان .. ليست بالحرب بين رجلين لهما طموحات ومهارات وارباح مليارديرية لا تنتهي .. واخرها محاولة استغلال الذكاء الاصطناعي في توسيع خدمات مواقعهما ، انما ستكمن المشكلة في المحافظة على الخصوصية للمستخدمين ، وعدم استغلالها لصالح جهات امنية ، وجماعات متربصة من المبتزين .
لهذا فأن الدعوات تتواصل اليوم وبقوة ، لتنظيم عمل المواقع باجراءات وقوانين تحمي الخصوصية الشخصية .. ولاتعرض المستخدمين الى مخاطر جدية ..
& د كاظم المقدادي .