(عزيزي الرجل هكذا نفكر نحن وهكذا أنت تفكر )
نراها تحتضن طفلها بين ذراعيها وتقوم بإرضاعه بينما لصق جانبها الأيمن يجلس طفلها الآخر لتساعده في إنجاز فروضه المدرسية وهي تمسك بهاتفها النقال تكتب رسالة إلى أختها المريضة تطمئن فيها على صحتها ، وفي المطبخ قد اوقدت النار تحت عدة قدور لتعد طعام اليوم واليوم الذي يليه ومن ناحية أخرى كانت غسالة الملابس تطحن أول وجبة ملابس متسخة وضعتها فيها.
نعم كل تلك الأمور تقوم بها المرأة في وقت واحد ، فهي تفكر في عدة مواضيع في ذات الوقت ، وعند تعرضها لموقف ما فهي تربطه بكل شيء وكل امور حياتها وكأن دماغها مكون من أسلاك كهربائية متشابكة تسري فيها الشحنات سريعا في كل الإتجاهات.
ولها ذاكرة قوية صلبة كالفولاذ وبمساحة رقمية كبيرة جدا فهي تتذكر متى قلت لها بأن صينية البطاطس فيها ملح كثير وقد حدث ذلك قبل اربع سنوات وفي يوم الأربعاء الساعة الثانية والنصف ظهرا!!
فتخيل مالذي سيحل بك لو نسيت تاريخ عيد زواجك أو عيد ميلادها مثلا !
احذر عزيزي فهي لن تنسى لك شيء فعلته ويعود كل ذلك لأنها تربط كل أمور حياتها بالعاطفة ، وكل امر نربطه بالمشاعر ونتفاعل معه عاطفيا سيرسخ في الذاكرة ولايمكن نسيانه.
ففي داخل أدمغتنا تركيب صغير يسمى التركيب الحوفي (limbic system) مسؤول عن العواطف والمشاعر وهو يكون بحجم اكبر في دماغ المرأة منه في دماغ الرجل.
هل عرفت السر الآن عزيزنا الرجل؟
هكذا وبكل بساطة لقد خلقت المرأة عاطفية تفكر بالقلب ثم بالعقل، بينما تفكر أنت بالعقل ثم بالقلب.
فأنت ايها الرجل تفكر في المواضيع بشكل فردي ، موضوع واحد في وقت واحد ، تفكيرك مستقيم في حين أن تفكيرها هي حلزوني ، تفكر في عدة امور في الوقت ذاته.
قابلية رهيبة ما شاء الله!
أما الرجل المسكين حين يتعرض لضغوطات ومشاكل فطريقته للخلاص منها هو الصمت والاسترخاء ، لن يتحدث الرجل عن مشكلته لأحد إلا إذا أراد ان يساعده الآخر في ايجاد حل لها.
بينما نحن النساء طريقتنا للخلاص من المشكلة هي بالحديث عنها، نحن نريد ان نتحدث وأن تستمعوا لنا فحسب، لانريد منكم أن تجدوا لنا الحلول، بل سنغضب إن اقترحتم علينا حلا، استمعوا لنا فقط فإن لم نتحدث عن المشكلة ستنفجر أدمغتنا بالتأكيد، اصغوا لنا وتعاطفوا معنا لاأكثر.
والحديث عن المشكلة هو أحد الطرق العلاجية النفسية الناجحة كما أشار فرويد فهي تخفف الأعراض العاطفية وتقلل من القلق والمضاعفات النفسية للمشكلة.
فالإختلاف بيننا هي في طريقة التفكير والتفاعل وردود الأفعال مع أمور الحياة ، وهذا مثبت علميا بدراسات وتجارب عدة ، أما الذكاء واستيعاب المعلومات فهي متساوية بين الجنسين،
فهناك عالمات فضاء مثل (بارلي روبن) ومعماريات معروفات عالميا (زها حديد )مثلا ، (هايدي لامار) مكتشفة اللاسلكي وهو ماتطور اليوم كهاتف نقال ، (ماري كوري) مكتشفة عنصر الراديوم والبولونيوم المشعين ، ، (سيمون دي بوفوار ) مفكرة فرنسية وفيلسوفة وجودية ،(اوزاليند فرانكلين) عالمة كيمياء مكتشفة البنية الحلزونية المزدوجة للحمض النووي ، (ملوسي وونغ) عالمة فايروسات وبايولوجي جزيئي ، (كيلوباترا) الحاكمة الموصوفة بالذكاء والحكمة . والقائمة تطول.
فأنت تختلف عني بأنك منطقي جدا وعقلاني قليل العاطفة وأنا عاطفية عقلانية .
فلو كتب على رجل ان يمر بتجربة الحمل والولادة مثلا وكل الآلام النفسية والجسدية الكارثية المتعلقة بها فسيقول بعد التجربة الأولى بأنني مختل العقل ومجنون لو عرضت نفسي لهذا العمل الجنوني مرة ثانية.
في حين أننا نكرر الجنون هذا مرات ومرات رغم قساوته التي لاتحتمل وكل ذلك لأننا نفكر بحب ونتصرف بحب قبل أن نطبق كلام العقل.
#د_تهاني_محمد