مقالات

أعلنها الإحتلال بالأمس بوضوح: “لا دولة فلسطينية”!!

#الشبكة_مباشر_بغداد_الكاتب سماك العبوشي

بالأمس، نشرت وسائل الاعلام العالمي والعربي خبرا هذا نصه وأقتبسه نصا: (زعم وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو قارعي، أنّه “لن تكون هناك دولة فلسطينية هنا ولن نعود أبدًا إلى أوسلو”، معتبرًا أنّ “الدولة الفلسطينية هي ما سيُعرّض أمن الشعب اليهودي للخطر”، وفي وقت سابق، نددت الرئاسة الفلسطينية بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حول استعداد حكومته اليمينية المتطرفة لاحتمالية خوض حرب ضد القوى الأمنية الفلسطينية بالضفة الغربية، واعتبرتها دليلا على نيته إشعال الضفة.

من جهته، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ إن “تصريح نتانياهو الذي يساوي بين اتفاق أوسلو وما حصل في السابع من تشرين الأول يؤكد أن حربه ضد الكل الفلسطيني”، وأضاف “نحن نقول لنتانياهو إن أوسلو ماتت تحت جنازير دباباته التي تجتاح كل مدننا وقرانا ومخيماتنا من جنين حتى رفح”)… انتهى الاقتباس.

وإزاء هذا التطور اللافت للنظر والخطير، لا يسعني إلا أن أتوجه لرئيس السلطة (الوطنية!!) الفلسطينية برسالتي المفتوحة هذه:

سيدي الرئيس هداك الله وأنار بصيرتك:

السلام على من اتبع الهدى…

أما بعد.

إن كنت تدري عواقب و تداعيات ومؤشرات تصريح وزير الاتصالات الإسرائيلي هذه، وما سبقها من تصريحات النتن ياهو المدرجة في مقدمة ومستهل مقالي هذا، والتي هي ولاشك كانت من تداعيات اتفاقية أوسلو فتلك تالله لمصيبة، وإن كنت حقا لا تدري عواقب ذلك فالمصيبة أعظم!!، ولا أشك لحظة أنكم لم تدركوا حقيقة توجهات النتن ياهو واعلانه واستعداد حكومته اليمينية المتطرفة لاحتمالية خوض حرب ضد القوى الأمنية الفلسطينية بالضفة الغربية، تلك القوات الأمنية التي لطالما حمت المستوطنين وغضت الطرف عن قوات الاحتلال عند كل اقتحام لقرى ومدن الضفة!!

سيدي الرئيس هداك الله وأنار بصيرتك:

سبحان الله …!!

هل أدركتم تلك الحقيقة أخيرا، في وقت كنا نحن قد أدركناه قبل ثلاثين عاما!!

هل أيقنتم الآن أنه لم يكن في مخططهم الموافقة على إقامة دولة فلسطينية!!؟، وأن اتفاقية أوسلو لم تكن الا خديعة جعلت منكم مطية لتنفيذ مآربهم، وما أن أينعت ثمرة أوسلو وكادوا أن يقطفوها أعلنوا تبرؤهم منها وألا عوة إليها!!؟

هل أدركتم الآن أن حرب دولة الاحتلال إنما هي في حقيقتها ضد الكل الفلسطيني، سواء في الضفة أو غزة!!؟

ولما سبق أعلاه، وإزاء تلك التصريحات الخبيثة وما سيليها ويعقبها من خطوات كارثية عليكم وعلى شعب فلسطين برمته، فلا يسعني إلا أن أقول لكم بأن القادة في العالم – كما نعلم- صنفان:

– صنف يحترمه الصديق ويهابه العدو لأنه إنسان محترم، موزون، مُهاب الجانب، لا ينخدع بسهولة ولا يسير خلف أضغاث أحلام، لا يفرط في حق، يحترم شعبه ويقوده بتفان وصدق نحو بر الأمان وتحقيق الأماني والعز والكرامة، فيستحق بذلك أن يُحترم، وبالتالي سيُسجّلُ اسمه بأحرف من نور في سجل التاريخ الناصع.

– وصنف آخر – والعياذ بالله – يوصف بالتبعية والخذلان وقصر النظر السياسي، وتفريط حقوق شعبه وهدر كرامته – ، وهذا لعمري يستحق اللعنة، ويدخل في سجل العار والشنار إلى أبد الآبدين!!.

فأي صنف بربك تختار أن يُدون اسمك بسجله!!؟

ذاك لعمري أمر متروك لكم ولفطنتكم وتدبركم.

ولطالما سبق وأن حذر شرفاء أمتنا العربية من سراب وعبث ما سرتم به في أعقاب توقيع اتفاق أوسلو في أيلول 1993 (والتي قيل بأنك مهندسها)، وأن الأمر لن يكون إلا خدعة ماكرة يتم من خلالها فتح الباب لكل أنواع الموبقات السياسية، سواء على المستوى الفلسطيني والعربي والإسلامي وحتى الدولي، وذاك لعمري قد تحقق ورأيناه رأي العين!!!!

سيدي رئيس السلطة الفلسطينية أنار الله بصيرتك:

لم أفاجأ حقيقة ويقينا – كغيري من معارضي اتفاقيات أوسلو ومنتقدي عبث مفاوضاتكم مع دولة الاحتلال – بتصريحات وزير الاتصالات الإسرائيلي تلك، هذا كما ولم نستغرب مواقف النتن ياهو، فذاك لعمري كنا قد توقعناه جميعا مبكرا، لكننا استغربنا في حقيقة الأمر تأخر إعلانهم الصريح والعلني لمواقفهم تلك!!

سيادة رئيس السلطة الفلسطينية أنار الله بصيرتك:

قديما قيل: “يمكنك أن تُهزم في معركة أو أكثر، لكن لا يجوز أن تخسر الحرب”، وكي تعرف الأسباب الحقيقية والموضوعية لتلك التصريحات والمواقف الإسرائيلية التي كشفت حقيقة مشروعهم الذي سعوا من أجل تحقيقه، ومن أجل معرفة حقيقة وحجم الوهم الكبير الذي سرتم به، فإنني سأتطرق بمقالي هذا تحديدا عن تداعيات توقيع تلك الاتفاقية المشؤومة على المستوى الفلسطيني، والتي تصديتَ لها مبكرا بعد رحيل الرئيس ياسر عرفات رحمه الله فصرت بذلك مؤتمنا عليها، وما جرّت على أبناء رعيتك (شعب فلسطين) طيلة ثلاثة عقود خلت من ويلات ونكبات ومصائب، والتي أوصلتكم لهذا المستنقع القذر، وأدرجها بالنقاط التالية:

1- أتعلم أم أنك لا تعلم بأن اتفاقية أوسلو قد شقت الصف الفلسطيني بين معارض لاتفاقية أوسلو ونهجها وتداعياتها الكارثية، وبين من يدعو لها ويتبناها ويتغنى بمحاسنها.

فمن عارض اتفاقية أسلو فإنه كان قد اجتهد بتقييم الموقف واتخذ قراره برفضها فأصاب بحمد الله ولطفه، أما من سار بنهج اتفاقية أوسلو وارتضى تبعاتها فإنه – بنظرنا المتواضع – له احتمالان:

– أيسرهما أنه (لربما !!) كان قد اجتهد لكنه أخطأ في تقييم ودراسة الموقف من اتفاقية أوسلو وتداعياتها وظن خيرا بوعود دولة الاحتلال، فخدع للأسف الشديد!!.

– والاحتمال الثاني (عافاكم الله وإيانا منه)، فإنني أترك لكم سيدي الرئيس المفدى ولمخيلتكم وصفه وتحليله لتحددوا هويته ومواصفاته وما قد ينطبق عليه من جرم وعقاب!!

2- أتعلم أم أنك مازلت لم تعلم، بأن بنود اتفاقية أوسلو إنما صيغت بدهاء وحنكة، حيث راهنت دولة الاحتلال الإسرائيلي على الزمن والتسويف والمماطلة لغرض العمل الدؤوب والجاد على قضم المزيد من أراضي الضفة الغربية الفلسطينية وإقامة المستوطنات عليها، في وقت أمضيتم ونحن بمعيتكم في أجواء اتفاقيات أوسلو قرابة الثلاثين عاما، تمكن العدو الإسرائيلي خلالها من تنفيذ ما خطط له حرفيا على أرض فلسطين وبنجاح منقطع النظير، والتي جرت تحت أعينكم ومشاهدتكم وصمتكم!!، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد كان عدد المستوطنين في الضفة الغربية قبل أوسلو لا يتجاوز 100 ألف مستوطن بأعلى تقدير، والآن بات الحديث يدور عن نحو 600 ألف مستوطن بأقل تقدير، هذا كما وتضاعفت المساحات التي تسيطر عليها المستوطنات!!.

3- أتعي حقيقة أن قيادة سلطتكم الفلسطينية الموقرة عن تنازلت وتخلت عن المقاومة من دون أن تحقق أهدافها، كما وتم فصل القضية عن الشعب والأرض، وتم بذلك تحييد أكبر فصائل المقاومة الفلسطينية وأكثرها عراقة (فتح)، وإخراجها من مشهد المقاومة بإلقاء سلاحها والانغماس في سلطة (وطنية!!) فلسطينية لا حول لها ولا قوة، بلا سيادة حقيقية، وجل ما اضطلعت به للأسف الشديد أنها أخذت على عاتقها حماية أمن الكيان الصهيوني ورعاية قطعان مستوطنيه من خلال مبدأ التنسيق الأمني (المقدس!!)، وبالتالي ملاحقة شباب المقاومة وزجهم في معتقلاته!!

4- أتدرك بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي قد تمكنت من الحصول على تنازلات كبيرة من منظمة التحرير الفلسطينية والتي كان أخطرها على الاطلاق الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود والعيش بأمن وسلام على 78% من أرض فلسطين، من دون أن تعترف إسرائيل بأي حق من الحقوق الفلسطينية، مقابل حكم ذاتي لقيادة فلسطينية مقيدة سياسيا واقتصاديا وأمنيا!!

5- أتعلم أم أنك لازلت لا تعلم بأن فطنة ودهاء ومكر المفاوض الإسرائيلي قد مكنه من تجزئة التفاوض لتكون بمرحلتين اثنتين، احداهما انتقالية، والأخرى نهائية (كما جاء بالاتفاق)، هذا كما وتم فصل قضية القدس عن باقي الأرض الفلسطينية المحتلة، وجعلها تحت رحمة الاحتلال وذلك من خلال تأجيل التفاوض عليها، إضافة الى قضايا الحدود والاستيطان وحق عودة اللاجئين الى المرحلة الأخيرة من التفاوض!!

سيدي الرئيس أبا مازن أنار الله لكم بصيرتكم لطريق الحق:

والشيء بالشيء يذكر، فلقد فطن الرئيس الشهيد أبو عمار رحمه الله مبكرا خطأ حساباته وسوء ثقته بالجانب الإسرائيلي وتلاعبه ومكره، وأدرك حقيقة اهداف الاستيطان الإسرائيلي في قرى ومدن الضفة، وحاول أن يتصدى للمشروع الاستيطاني في جبل أبو غنيم، وخاض معركة حامية ارتقى فيها عدد من الشهداء، معظمهم من أفراد الأجهزة الأمنية، كما وحاول أن يربط تطبيق الالتزامات الفلسطينية بتطبيق الالتزامات الإسرائيلية التي رد عليها رابين بأن “لا مواعيد مقدسة”، فما كان من دولة الاحتلال الا اتخاذ قرار تصفية أبي عمار بتنسيق تام مع أطرف فلسطينية داخل قيادته في رام الله!!

بمختصر شديد أقول لكم:

ما ظننتموه حلما جميلا ويقينا متحققا لم يكن في حقيقته الا مجرد أضغاث أحلام، فلقد ضحكت حكومات دولة الاحتلال التي تعاقبت بعد اتفاقية أوسلو حتى يومنا هذا على ذقونكم لثلاثة عقود متواصلة وتم التلاعب بكم من قبل وظننتم أنكم بعنادكم على تشبثكم باتفاقية أوسلو فإنكم ستحققون حلمكم بإقامة دولة فلسطينية على مساحة 20% من أرضها التاريخية مقابل التنازلات الكبيرة التي قدمتموها، وها هو وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو قارعي، يوقظكم من غفلتكم ووهمكم ويعلنها صراحة وبمنتهى الوضوح أنّه وأقتبس نصا: “لن تكون هناك دولة فلسطينية هنا ولن نعود أبدًا إلى أوسلو”، معتبرًا أنّ “الدولة الفلسطينية هي ما سيُعرّض أمن الشعب اليهودي للخطر”!!.

فماذا بالله عليكم أنتم فاعلون !!!؟

لا حل من وجهة نظرنا المتواضعة إلا:

1- إيقاف التنسيق الأمني الذي قيد عطاء شبان المقاومة في الضفة وعطل نشاطهم، على أن يعقبه التنصل التام والكامل والفوري من هذه الاتفاقية المشؤومة التي جلبت الويلات والكوارث على شعب فلسطين أولا وعلى عموم الوضع العربي خاصة تلك الأنظمة العربية التي هرولت للتطبيع ثانيا.

2- الإعلان الصريح والواضح الذي لا لبس فيه عن اصطفافكم المطلق مع المقاومة الفلسطينية الشريفة في غزة العزة والكرامة ودعمها بكل ما أوتيتم من قوة كي يستمر عنفوان وأجيج نارها التي تحرق جنود الاحتلال هناك.

3- العودة إلى أحضان جماهير شعب فلسطين وإعادة الالتحام به، وإعادة بناء المؤسسات الوطنية الجامعة لاسيما قيادة منظمة التحرير الفلسطينية – الممثل الشرعي والوحيد لشعب فلسطين- بحيث تكون ممثلة للجميع من دون استثناء أو إقصاء لفصيل أو حزب.

ختاما … أقول:

في مقال سابق لي بعنوان ” الى مناضل (فتحاوي قديم) ورئيس دولة فلسطين حاليا!!”، كنت قد ختمت مقالي ذاك بمقطع من عبارات، أعيد إدراجها هنا من باب النُصح والتذكير عسى أن تستفيق أنت ومن معك في قيادة السلطة الفلسطينية الموقرة من وهمكم وأضغاث أحلامكم، وأقتبس نصا:

“أقول لك صادقا مخلصا مرشدا ومنبها وناصحا:

ليس عيبا أن يتراجع المرء عن خطأ سار فيه، ولكن الخطأ كل الخطأ، بل هو العار كل العار، أن يتشبث المرء بخطئه ويتمسك به دون تصحيحه، ويبني عليه آمالا وأحلاما سرعان ما ستتبخر وتتطاير في الهواء عند أول لطمة يلقاها المرء على جبهته… وحينذاك لن يُغفر له، بل وسيسمع حتما من رعيته عبارة (ولات ساعة مندم)!!، وتذكر جيدا بأن وقت التراجع والاعتراف بخطأ ما سرت به وسعيت من أجل تحقيقه لم يفت بعد، وأن العمر يتقدم بك سريعا، وباب التوبة مفتوح دوما، توبة نصوحا مقرونة بندم واعتذار حقيقي لأبناء شعبك الصابر المحتسب لما حل بهم منذ اتفاق أوسلو وجراء سيرك في وحل عمليته السياسية وعبثها التي جلبت الكوارث لشعبك ولقضيتك، كما وستجلب العار ولاشك لاسمك ولأولادك من بعدك!!.”… انتهى الاقتباس.

قال تعالى في محكم آياته من سورة النحل، آية: 119:

“ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذينَ عَمِلُوا السّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابوا مِن بَعدِ ذلِكَ وَأَصلَحوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعدِها لَغَفورٌ رَحيمٌ”.

وقال تعالى في محكم آياته في سورة البقرة، الآية 120 :

“وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ”.

العراق

13 / 12 / 2023

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى