جهاد الكلمة (213)
هذا جُلّ ما أستطيع بذله وقد تجاوزت الحادية والسبعين من عمري بشهرين ونيف، أفعل ذلك ابتغاءً مني وسعياً لمرضاة الله تعالى (أولا)، ولأرسال دعوة صادقة بناءة لاستثمار واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي عموما، وصفحات (الفيس بوك) على وجه الخصوص، وذلك بغية خدمة قضايا الامة وتوسيع مدارك وزيادة وعي أبنائها (ثانيا)!!
سماك العبوشي
الثالث من شهر تموز / يوليو 2024
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استهلال وتوطئة…
السلام عليكم أحبابي وأصدقائي الطيبين…
ترددت كثيرا في كتابة خاطرتي هذه ونشرها، وبعد أن استخرت الله تعالى فإنني قررت أن أنشر منشوري هذا لأفصح عما يؤرق تفكيري ويجول في خاطري، ولسان حالي يردد ما جاء بكتاب الله تعالى، حين قال في محكم آياته من سورة هود، الآية 88: ” قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب”… صدق الله العظيم.
هذا … والله تعالى من وراء القصد.
أحبائي وأصدقائي:
أعلم حق اليقين بأن من دوافع وأهداف إنشاء واستحداث (الفيس بوك) كان لأغراض (التواصل الاجتماعي) بين البشر في العالم، والتعريف بهم وبأنشطتهم الاجتماعية، واستمرار وديمومة العلاقات الاجتماعية وتمتينها، لاسيما في زحمة الحياة وانشغال الناس بأمور معيشتها، وتلك لعمري خدمة نبيلة قدمها لنا من استحدث وأوجد (الفيس بوك) وقدمها لنا، ويستحق الشكر والثناء والتقدير!!
لكنني …
وفي ظل ما نعيشه نحن العربَ من مؤامرات دولية خبيثة وطامعة تهدف للنيل من هويتنا، وكسر إرادتنا، وزرع اليأس والخنوع داخل أنفسنا، والاستحواذ والسيطرة على عقولنا، فإنني أرى ضرورة استغلال واستثمار وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة صفحات الفيس بوك منها، لأغراض نبيلة وسامية أخرى تتجاوز الغاية الحقيقية من استحداث التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال تجنيدها لخدمة قضايانا المصيرية، والمحافظة على مستقبل أولادنا وأحفادنا، ورفع درجات وعيهم، لنكون جميعا – الأجداد، والآباء والابناء – على درجة واحدة من التأهيل والاستعداد لدحر تلك المؤامرات، وتفويتها ووأدها في مهدها!!
أحبائي وأصدقائي:
الكلمة، والخاطرة، والخبر، والمنشور الهادف هو بحد ذاته جهاد في سبيل الله ورسوله، وإني والله وتالله وبالله لأستغرب كثيرا إزاء ما أراه من عزوف كثيرين منا عن استغلال صفحته الخاصة لنشر الوعي السياسي والقومي، وحتى الديني، في ظل هجمة دولية خبيثة تستهدف حاضرنا ومستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة، واكتفاء هذا البعض منا على استغلال صفحات الفيس بوك بنشر التهاني والتبريكات، والأنشطة الاجتماعية الأخرى، وبعض الطرائف والمسابقات الذهنية، متجاهلين تماما أهمية هذه الصفحات وانتشارها في نشر الثقافة والتوعية المجتمعية!!
وأتساءل، وفي ظل ما أتلمسه من أنشطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي:
أولا … ما الذي سيخسره الفرد منا لو خصص بعض دقائق من يومه وقام بين الحين والآخر بنشر رابط لمحاضرة أو دراسة علمية أو دينية أو أدبية، أو موضوع هادف يأتي بالخير العميم على ذهنية القارئ وتوسع من مداركه وفطنته ودرجة استيقاظه!!؟
ثانيا … ما الذي سيخسره الفرد منا لو خصص بعضا من دقائق ساعات نهاره وليله الطويل لنشر خبر هام عن مأساة غزة على سبيل المثال لا الحصر، وتبيين حجم المؤامرة الدنيئة التي تجري هناك، وتسليط الأضواء على ما يجري على أرضها الظاهرة من صمود وإباء وتضحية ورباط، على الرغم من سفك لدماء أبنائها، وتجويع وتهجير لهم، وتدمير لبناها التحتية كي تصبح موطنا يستحيل العيش فيه!!؟
والشيء بالشيء يذكر، وبهذه المناسبة أتساءل أيضا مستغربا:
– متى سيدرك بعضنا حقيقة أن اطماع دولة الاحتلال تتجاوز فلسطين عموما، وغزة خاصة، وأنها تشملنا جميعا نحن العربَ عامة، والمسلمين خاصة، كي لا نصل يوما ما لحال الثور الأسود الذي أدرك حقيقة المأزق الذي وقع فيه والتهلكة التي قد أقدم عليها فصرخ قائلا: قد أكلت يوم أكل الثور الأبيض!!؟
– ومتى سيعي بعضنا حقيقة أن تأسيس الكيان الصهيوني في فلسطين، وتجمع شذاذ الأفاق من يهود الخزر والغرب فيه، إنما كان تأسيسا لقاعدة متقدمة يثبتون فيها ركائزهم وأسسهم، لتكون بعدها منطلقا لهم للتوسع بعدها شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، لاحتلال سوريا والاردن ولبنان ومصر والعراق وصولا الى خيبر في مدينة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، تحقيقا لشعارهم المتمثل (من النيل الى الفرات)!!؟
قال تعالى في محكم آياته من سورة الحديد، الآية 25: “وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ”.
ثالثا … ما الذي سيخسره المرء منا لو أنه قام بفضح مؤامرات خبيثة مدفوعة الاجر يقوم بها أفراد من سَقَطِ متاع أمتنا، كان قد ضل وفقد بصيرته وغاب وعيه وجعل هواه وغايته جمع المال الحرام بأي وسيلة، أولئك النفر الذين يتحركون سرا تارة وعلنا تارة أخرى عبر القنوات الفضائية المأجورة، للإجهاز بلطف وخبث ودهاء على عقيدتنا وقيمنا ومبادئنا، من خلال تشويه الاسلام الأصيل ونشر ما يُسمى بـ (الإسلام المعتدل)!!
إن حقيقة (الإسلام المعتدل) هي دعوة خبيثة لتحريف وتشويه الإسلام الحنيف، وهي خطوة جاءت بعدما استكمل الملحدون والتنويريون في الغرب خطواتهم الشيطانية في تحريف ومسخ ديانات الغرب، ثم قاموا بنشر الالحاد والفساد الخلقي والمثلية الجنسية هناك، وحين فرغوا من مهامهم في الغرب، وجدوا أن مشروعهم الخبيث غير مكتمل إن لم يتحركوا لمنطقتنا العربية والإسلامية، لإدراكهم ويقينهم أن مشروعهم الخبيث ناقص ولا يكتمل الا بعد القضاء على الإسلام الحنيف كونه القلعة الصامدة والعقبة الكأداء بوجه استكمال نشر أهدافهم الخبيثة هذه في العالم، فجندوا لهذا الغرض بعض نفر من سقط متاع أمتنا من ضعاف الايمان بالله وممن باع نفسه للشيطان لنشر ثقافتهم وأفكارهم المسخ تلك في بلادنا العربية والإسلامية!!.
قال تعالى في محكم آياته من سورة البقرة، الآية 217:
“وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”.
رابعا … متى سيعي بعضنا بأن مرحلة الشباب لحظات تمر ولا ترجع، وهم طاقات هامة وأساسية وأمل بناء نهضة الأمة، ورسم ملامح مستقبلها، وإن شبابنا العربي والمسلم يواجهون تحديات كثيرة ومتشعبة تهدد كيانهم، وقد تهدر طاقاتهم التي هي من رصيد طاقة الأمة في إطار حرب شعواء تستهدف الأمة بأسرها، وتراهن على شبابها، وكان واجبا ولزوما علينا جميعا أن نتصدى لهذه الحرب الشعواء التي تستهدف شبابنا وأمل أمتنا من خلال تحصينهم من خلال نشر الوعي بينهم وتوسيع مداركهم وتحصينهم فكريا وعقائديا من خلال استثمار وسائل التواصل الاجتماعي!!.
ختاما … آمل وأرجو أن أكون قد وفقني الله تعالى في إيصال رسالتي التحذيرية هذه.
قال تعالى في محكم آياته من سورة الذاريات، الآية 55: “وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ”.
اللهم إني قد بلغت …
اللهم فاشهد.