فوجئت الأسبوع الماضي، بخبر مفجع تداولته وسائل الاعلام كالنار في الهشيم حول وفاة المستشارة الخاصة والإعلامية للرئيس السوري بشار الأسد لونا شبل.
شخصياً، كانت لي لقاءات قصيرة معها على هامش عدة مناسبات، اذ تخرجت بنت السويداء في جامعة دمشق عام 2003 وعملت كاعلامية في التلفزيون السوري الرسمي، ثم انتقلت إلى قناة الجزيرة في قطر.
وفي عام 2011، مع بداية الأزمة في سوريا، اتخذت لونا الشبل موقفاً مؤيداً للدولة السورية، و تركت قناة الجزيرة وعادت إلى سوريا، وتم تعيينها في البداية كصحفية ومسؤولة إعلامية تدريجياً في مكتب القصر الرئاسي، من ثم مستشاراً خاصاً وإعلامياً لبشار الأسد.
لونا شبل، التي لُقبت في السنوات الأخيرة بـ”السيدة الثانية” لقربها من بشار الأسد والسلطات في سورية، كان لها تأثير كبير في مختلف مستويات الحكم، لدرجة أن العديد من الأشخاص المنسوبين إليها يتولون مناصب مختلفة في البلاد.
أصيبت لونا بجروح خطيرة إثر الحادث الذي تعرضت له، وفارقت الحياة في نهاية المطاف في المستشفى.
لكن توجد العديد من الشبهات التي تحوم حول هذه الحادثة، والتي لا تزال غير واضحة بالنسبة لي. خاصة بعد أن حاولت قناة الحرة الأمريكية نسب هذا الهجوم إلى الأجهزة الأمنية السورية، أدركت أن هذا الحادث له تشعبات معقدة وراء الكواليس.
حيث اشارت منظمة هيومن رايتس ووتش في سوريا الى أن النهاية الدراماتيكية لهذا العرض وإقامة جنازة لونا بحضور عدد قليل من ابناء الشعب السوري.
منذ عدة أشهر، سرت شائعات عن وجود شبكة تجسس في القصر الرئاسي السوري. ومن الواضح أن أعضاء شبكة التجسس هذه كانوا عدداً من الأشخاص المهمين الذين يمكن الوصول إليهم وعناصر أمنية في القصر الرئاسي السوري.
كما تجدر الإشارة إلى أنه في الأشهر القليلة الماضية، تم اعتقال شقيق لونا والتحقيق معه من قبل الحكومة السورية، مما أدى إلى حل اللغز إلى حد ما.
حيث أبلغ شقيق لونا عن وجود شبكة تجسس وتسلل محترفة كان لونا بصفتها رئيسة للشبكة، تقوم بتجنيد وتوجيه الشبكة. واعترف ايضا بأنه بسبب الصلاحيات التي كانت لونا تتمتع بها وقربها من جهات عليا في الدولة، تم تجنيدها من قبل صحفي فرنسي في الخدمة الأمريكية عام 2021 لنقل الأخبار والمعلومات السرية المتعلقة بسوريا وإيران وروسيا من خلال توغلها في القصر الجمهوري.
كما أن لونا كانت قد أنشأت مطعماً روسياً فخماً وباهظ الثمن في منطقة المزة بدمشق عام 2022 بهدف التعرف وجمع المعلومات من الجنود والضباط الروس ونقلها إلى الأميركيين.
وبعد هذه الحادثة حاولت الحكومة السورية التعرف على أعضاء الشبكة، فقامت بتقييد أقارب لونا. ولهذا السبب، تم طرد عمار ساعاتي (زوج لونا)، الرئيس السابق لاتحاد الشباب والطلبة في حزب البعث السوري والنائب السابق في مجلس الشعب السوري، والذي كان يعمل أستاذاً جامعياً، من جامعة دمشق، وبناءا على ذلك تم تقييد جميع أنشطته.
وقبل أيام قليلة من الحادثة التي تعرضت لها لونا، خططت هي و زوجها للسفر إلى سوتشي بروسيا، لكن الروس عارضوا ذلك.
إن وفاة لونا المشبوهة و الغامضة هي الضربة التي قصمت ظهر البعير لأنشطة شبكة تجسس غربية لأن العديد من العملاء الأمريكيين الآخرين تم التعرف عليهم أيضا مع اكتشاف شبكة التجسس هذه.
لذلك، ومن أجل منع الكشف عن مزيد من المعلومات من قبل الحكومة السورية، نفذت وكالة المخابرات المركزية الامريكية عملية طارئة لتصفية لونا.
ومنذ أن قتلها عملاء امريكا بشكل عاجل، كانت هناك أخطاء وعثرات كثيرة في هذه الحادثة، وتم تعقب آثار أقدامهم بوضوح. ولذلك قرروا إلقاء اللوم على إيران والحكومة السورية في جريمة القتل هذه في وسائل إعلامهم.
في الواقع كان بقاء لونا أكثر فائدة للحكومة السورية من وفاتها. لهذا يمكن القول بوضوح ان تصفية لونا الشبل والتخلص من هذا الصندوق الأسود كان الخيار الوحيد والافضل لمن كانت تعمل لصالحهم.
المصدر: برافدا تي في