أخبار العائلة العربية في المهجرالاخباراوربي

الدكتورة سعاد خيري العراقية اليهودية في ميلادها 91 الذي فضلت السجن عن تخليها عن الجنسية العراقية

#الشبكة_مباشر_استكهولم

و أن تتخلى عن الديانة اليهودية وتعتنق الديانة الإسلامية، فاختارت الإسلام واحتفظت بجنسيتها العراقية، وعندما زارها في السجن وفد من حزب العمال البريطاني عام (1948)،
وكانت تقضي حكماً بالسجن المؤبد، وعرض عليها الوفد إطلاق سراحها فوراً، مقابل منحها الجنسية الإسرائيلية والسفر إلى إسرائيل، رفضت سعاد خيري بشدة وقالت لهم، “الذنب ليس ذنبكم أنتم وإنما ذنب الحكومة العراقية، التي سمحت لكم بالمجيء إلى العراق وبزيارتي في السجن، ولو بقيت مائة عام في السجن لن اترك بلدي ولو ليوم واحد)).
و ارتبطت مع رفيق دربها  زكي خيري، حيث تزوجا وكونا عائلة مناضلة، منهما وأبنائهما يحيى زكي ووداد زكي. لم تكن حياتها تسير بسهولة، وبعد انهيار الجبهة كانت عضوة في سكرتارية مكتب صحافة حتى اللحظات الأخيرة من عمل طريق الشعب العلنية تمد العاملين في الجريدة بالحماس

غادرت الى محطات كثيرة منها براغ، حيث مكث مع عائلتها فترة من الزمن، وحضرت مع زكي خيري أعمال المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي العراقي الذي عقد في كردستان بحماية (البيشمركة)  ومن ثم بعد محطات عديدة منها سوريا ثم استقرت مع العائلة في السويد، وفقدت رفيق دربها زوجها  زكي خيري.
وبقيت هذه السيدة قوية صامدة تواجه الحياة بكبرياء وتكتب وتؤلف وتعد وتساهم بكل النشاطات رغم كبر سنها، نجدها في مقدمة الواقفين في الحملات التضامنية لا يمنعها ثلج أو برد.
 اليوم ورغم السواد الذي يلف العراق والعالم لكنها كانت أكثر حماس وثقة بالمستقبل، واملها كبير بالجيل الجديد.
قدمنا لها الزهور وبطاقات التهنئة، والقيت الكلمات الجالية العراقية في السويد ومن قبل رابطة المرأة العراقية فرع السويد، كما غنوا معها ورقصنا معها، ومدتنا بالقوة والعزم والتفاؤل، طوبى لكِ أيتها النبيلة، ومجدا لأعوامكِ التسعين.
 قالت : “ إن بيتنا  في مدينة العمارة كان يتميز بأرقى مستوى من الأناقة والثقافة, بفضل جدي وأمي .فقد دخل الراديو في بيتنا منذ أواسط الثلاثينات من القرن الماضي .وكان الجميع يستمع لنشرات الأخبار . وتتسرب المفاهيم السياسية والمشاعر الوطنية عفويا إلى عقول الصغار . قتل الملك غازي  في نيسان 1939 ولبسنا السواد في المدرسة , ولكن في البيت علمنا بان مؤامرة انكليزية مع عميلهم نوري السعيد. لان الملك غازي كان وطنيا . ولبسنا الخاكي وكان لي ثلاث خيوط لتفوقي بالدراسة في فترة رشيد عالي الكيلاني. وتظاهرنا في المدرسة فرحا بإسقاط طائرة بريطانية , واخيرا تبين انها كانت عراقية . وفرحنا عندما أعفينا من الامتحان باللغة الانكليزية في بكلوريا الصف السادس عام 1941 كرها للمستعمرين . وفي السنوات المتقدمة من الحرب العالمية الثانية كنت الاحظ أمي وأحد أخوالي يذهبان ليلا الى السرداب حاملين الراديو ليستمعا الى إذاعة موسكو , ويفرحا بالانتصارات التي حققها الجيش الاحمر على الفاشية الهتلرية. وحتى الاجتياح الغوغائي للمحلات والبيوت اليهودية والأعمال الوحشية التي راح ضحيتها الكثير في بغداد , لم تؤثر على مشاعر العائلة وعلاقاتها . فقد جرى تعليله بتدابير الانكليز لعودة نفوذهم   ” .وأضافت : “ شاهدت بغداد لأول مرة عام 1941 , وقد أنهيت توا المرحلة الابتدائية. كم تجولت في شارع الرشيد وبهرني عنفوانه الذي تجسده حركة الجماهير وحيويتها رغم مظاهر الحزن العميق والحقد الدفين.وكم سحرتني واجهات المحلات الكبيرة بمعروضاتها . وتجولت في حديقة غازي في الباب الشرقي, وأعجبت بتمثال عبد المحسن السعدون.حيث كنا نقيم في بيت عمة أمي الواقع في الباب الشرقي.في حين تسكن عمتي في شارع غازي الذي أصبح اسمه شارع الكفاح بعد ثورة 14/تموز. وعلى الرغم من كل اهتمام عمتي وأولادها بنا,كنت لا اميل للبقاء عندها للفارق الحضاري بين شارع غازي وباب الشرقي والبتاوين.فالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في شارع غازي لا تختلف كثيرا عنها في العمارة. حيث كثافة السكان الكادحين ومعاناتهم التي تعكسها سحنتهم والازقة المزدحمة بالأطفال الحفاة . أما في الباب الشرقي والبتاوين , فترى الأبنية الجميلة والحدائق الغناء والجماعير المترعة والسيارات الفارهة والنسوة الجميلات السافرات المرتديات احدث الموديلات . ومع ذلك بقيت في ذاكرتي تلك الجولة في محلة أبو سيفين وهي من محلات شارع غازي.حيث تجلس النسوة على عتبات البيوت يحكن الصوف او يطرزن أو يبعن الكبة وأنواع الأغذية وكثيرا ما يتشاجرن بسبب الأطفال”  .
    قالت أن خطيب شقيقتها  (حبيبة ) حسقيل قوجمان كان له تأثير مباشر في اعتناقها الفكر الماركسي : ” استطاع حسقيل  قوجمان أن يغذي شغفي لمعرفة كل شيء عن الشيوعية ولاسيما عن قوانين الديالكتيك التي شرحها لي مرفقة بالأمثلة العملية. وهكذا بدأت أتبين الواقع وأقيس العلاقات الاجتماعية واعدت النظر بكل مواقفي وعلاقاتي واخترت سبيل حياتي وحددت أهدافي. ثم جاءت محاكمة الرفيق فهد العلنية ونشر وقائعها في الصحف, لتحدث انعطافا حاسما في حياتي” . لقد استطاع الرفيق فهد أن يحول المحاكمة إلى محاكمة للنظام الذي كان يتعاون مع المستعمرين لنهب الوطن واضطهاد الشعب. كما جسد وطنية الشيوعيين قائلا, “كنت وطنيا قبل أن أصبح شيوعيا ، وعندما أصبحت شيوعيا شعرت بمسؤولية أكبر تجاه وطني” ,وعبر عن تواضع الشيوعيين وتقديرهم للحركة الوطنية ودورها في النضال الوطني , رافضا اعتبار كل النشاطات الجماهيرية من اجل القضايا الوطنية والعربية بقيادة الشيوعيين وحدهم. وكان لشموخه وهو مهدد بحكم الإعدام تأثير معنوي كبير على الجماهير عموما وعلى الشبيبة خصوصا , وكنت منهم. فكنا نتلقف الصحف يوميا لنقرأ وقائع المحاكمة ونحلق بأحلامنا وآمالنا بالسير على طريقه. وكان للضجة العالمية التي أحدثها حكم الإعدام لأسباب سياسية في وقت كانت البشرية لم تتذوق الحرية إلا لماما بعد النصر على الفاشية , أثرها في اضطرار الحكومة الى تغيير الحكم إلى المؤبد وعزز الثقة بقدرة البشرية على تحقيق أهدافها.
ومنذ ذلك الحين اتخذت قراري في تكريس حياتي لخدمة شعبي والإنسانية عن طريق النضال الوطني والاممي , في سبيل وطن حر ..وشعب سعيد يسهم في تحرير البشرية وتطوير حضارتها”  .
     اتخذت من الكتابة وسيلة نضال على مدى نصف قرن ، وتعترف بأن لزوجها زكي خيري دور كبير في تشجيعها للعمل من أجل الوطن.
    تزوجت من زكي خيري  في تشرين الثاني سنة 1964 وأنجبت ولدا اسمه يحيى ( مواليد 1965 ) وابنة اسمها  وداد (مواليد 1968 )  .ومع أن عمرها عند كتابة هذه السطور 83  سنة ،إلا أنها لم تقض في العراق سوى 44 عاما عشرة منها سجن النساء المركزي في بغداد .وقد امتدت السنوات العشر من 19 شباط 1949 وحتى 27 آب 1958 ومنها ثلاثة أشهر في سجن البصرة .وكانت سعاد خيري قد حكمت بالسجن المؤبد لتوجها الشيوعي ولم يكن عمرها آنذاك يزيد على ال20 سنة .وفي السنوات التالية لسنة 1958 سجنت مرات ومرات ، واضطرت للاختفاء مرات ومرات ، وانتقلت للعيش في دمشق  ومن ثم في موسكو  وبراغ  وأخيرا في استوكهلم بالسويد   .
     في  سنة 1961 واصلت دراستها العالية في موسكو 1961  ودخلت فرع الاقتصاد والتخطيط  ونالت الماجستير سنة 1967 وحصلت على شهادة الدكتوراه  في الاشتراكية العلمية  من جامعة الصداقة في موسكو سنة 1976  .لم تمارس العمل الوظيفي في حياتها سوى سنة واحدة إذ عملت اثر إطلاق سراحها بعد نجاح ثورة 14 تموز 1958 وسقوط النظام الملكي وتأسيس جمهورية العراق ، موظفة في مصرف الرافدين وبعدها تفرغت للعمل الحزبي وخاصة في صحافة الحزب الشيوعي وفي مدرسته المركزية  وفي القضايا التنظيمية والتثقيفية .وفي براغ  عملت سنة 1980 في مجلة قضايا السلم والاشتراكية .
   ألفت عددا من الكتب  منها:  الجزء الأول من كتابها الموسوم : “من تاريخ الحركة الثورية المعاصرة في العراق 1920-1958 وطبع في مطبعة الأديب ببغداد سنة 1974 و”فهد والنهج الماركسي  الللينيني  في قضايا الثورة ” وطبع سنة 1974 وكتاب “المرأة وآفاق التطور في العراق ” ، وطبع في مطبعة الرواد ببغداد سنة 1975 ، وكتاب ” تاريخ الحركة الثورية المعاصرة في العراق ” وهو الجزء الثاني وتتحدث فيه عن ثورة 14 تموز 1958.وكتاب ” دراسات  في تاريخ الحزب الشيوعي ” وقد ألفته مع زوجها زكي خيري وصدر لمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبي للحزب الشيوعي 1934-1984 وطبع سنة 1984 .وكتاب ” ثورة 14 تموز 1958 بعد أربعة عقود وطبع في السويد سنة 1998 وكتاب ” المرأة العراقية : كفاح وعطاء ” وطبع في السويد سنة 1998 وكتاب ” العولمة :وحدة وصراع النقيضين ..العولمة الإنسانية والعولمة الرأسمالية ” وطبع في السويد سنة 2000 . وقد  أعدت كتابين لزكي خيري هما  : كتاب “صدى السنين في كتابات شيوعي عراقي مخضرم ” وطبع في السويد سنة 1996 ، وكتاب ” مراجعات ماركسية لزكي خيري ” الطبعة الأولى في دار الكنوز الأدبية في السويد والطبعة الثانية في بغداد سنة 2006 .  هذا فضلا عن كتابتها لمئات المقالات والدراسات في صحافة الحزب الشيوعي العراقي  وفي الانترنت وفي موقع الحوار المتمدن لديها أكثر من 500 مقالة .ومن أمنياتها أن تعود إلى وطنها العراق .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى