تداعي السلطة في العراق :رئيس هيئة النزاهة يتهم قاضي بحماية الفاسدين
#الشبكة_مباشر_روتردام_أدهم ابراهيم
لقد عانى العراق منذ فترة طويلة من الفساد المنهجي، وهو أحد أهم العقبات التي تعترض استقراره السياسي والاقتصادي. وعلى الرغم من الدعوات الحكومية المتكررة للقضاء على الفساد، فإن إجراءات المحاسبة لم تطال الرؤوس الكبيرة .
وفي الآونة الأخيرة، اتخذت ظاهرة الفساد منحى مثيراً للجدل عندما اتهم القاضي حيدر حنون، رئيس لجنة النزاهة العراقية، القاضي ضياء جعفر بحماية الفاسدين داخل النخبة السياسية والاقتصادية .
يكشف هذا الاتهام عن التناقضات الأعمق والصراع على السلطة داخل النظام السياسي العراقي الذي امتد الى القضاء ، مما يشير إلى شبكة معقدة من النفوذ والولاءات .
يرأس القاضي حيدر حنون هيئة النزاهة، وهي مؤسسة مكلفة بالتحقيق في قضايا الفساد في العراق . وبالرغم من ان الهيئة تعد إحدى ركائز مكافحة الفساد ، الا انها غالباً ما تعمل تحت ضغوط مكثفة من الاحزاب الولائية وميليشياتها، وفي بعض الأحيان، من النفوذ الأجنبي ايضا .
وضع القاضي حيدر حنون نفسه كمدافع عن الشفافية والمساءلة، عندما ظهر في مؤتمره الصحفي الأخير مشددًا على ضرورة استهداف ليس فقط المسؤولين الفاسدين من ذوي الرتب المنخفضة، بل أيضًا الشخصيات رفيعة المستوى الذين يسيئون استخدام الموارد العامة. ويأتي ذلك بعد استفحال شبكات الفساد المتجذرة في العراق والتي تعمل داخل أروقة السلطة، حيث يُتهم مسؤولون على مختلف المستويات بعرقلة التحقيقات أو حماية حلفائهم .
تسلط ادعاءات حنون الأخيرة ضد احد القضاة الضوء على هذه القضية بالذات، مما يشير إلى أنه حتى السلطة القضائية، التي تعتبر الجهة الرئيسة لدعم العدالة، ليست محصنة ضد التلاعب السياسي .
ان اتهامات رئيس هيئة النزاهة للقاضي جعفر بالتستر على مسؤولين فاسدين، يؤكد وجود انتهاكات كبيرة لسيادة القانون، كما يشير إلى أن بعض أعضاء السلطة القضائية العراقية تتواطأ مع جهات فاسدة، مما يتسبب في إفلات الشخصيات الرئيسة من المساءلة القانونية .
وبالرغم من ان التفاصيل الدقيقة للقضايا المعنية غير واضحة، لكن اتهامات حنون تشير إلى مشكلة أوسع تمس باستقلال القضاء في العراق .
لسنوات عديدة، أثرت الضغوط السياسية على القرارات القضائية، حيث تم تأجيل العديد من قضايا الفساد إلى أجل غير مسمى أو رفضها دون إجراء تحقيقات كافية .
إن الفضيحة التي اثارها القاضي حنون ضد القاضي جعفر مع ملف سرقة الامانات الضريبية المعروفة بسرقة القرن ، تضع هذه التوترات في المقدمة، مما يكشف بشكل سافر ضعف السلطة القضائية أمام الطبقة الحاكمة الكلبتوقراطية/ اللصوصية في العراق . كما يظهر الخلاف بين القاضيين الطيف الأوسع للصراع على السلطة ، حيث هناك تضارب المصالح بين لصوص السلطة باوجهها المختلفة السياسية والاقتصادية والقضائية التي تتنافس على النفوذ والسيطرة.
وتشير اتهامات حنون العلنية إلى أنه حتى أولئك المكلفين بحماية القانون اصبحوا جزءاً من الآلية نفسها التي من المفترض أن يقوموا بتفكيكها.
لا يقتصر الفساد في العراق على حوادث معزولة، بل يكاد يكون شاملا ومتجذرا بعمق داخل النظام . وعلى هذا الاساس فإن اي جهد لمكافحة الفساد غالباً ما يتم إحباطه من قبل أولئك الذين في السلطة والذين لديهم مصالح خاصة في الحفاظ على الوضع الراهن.
ان اتهامات رئيس هيئة النزاهة ضد القاضي جعفر تمثل ضربة قاصمة للنظام السياسي ، وقدحا لنزاهة القضاء العراقي ، وسيكون لها اثارا” جسيمة ، حيث إن المجتمع الدولي وأصحاب المصلحة المعنيين سوف يراقبون التطورات عن كثب. ومن الممكن أن يشكل هذا الصراع منعطفا بارزا قد يدفع منظمات دولية للتدخل واتخاذ اجراءات فاعلة للحد من اللصوصية قد تطال رؤوس كبيرة .
وبالنسبة للمواطنين العراقيين، فإن هذا الصراع على السلطة يعد تذكيرا صارخا لعمق الفساد في النظام السياسي الذي حجب كثيرا من الخدمات الاساسية لهم ودفع بتحديات كبيرة تواجه البلاد .
ولعل هذه الفضيحة ستكون بداية النهاية لنظام فاسد متهرئ .
ادهم ابراهيم