الصيغة المثالية التي يعود إليها تشكيل اللجان على اختلاف مكوناتها وتخصصاتها هو للاستئناس بآراء نخبة منتقاة من ذوي الخبرة و الإمكانات ،،
يشتركون جميعهم باتخاذ القرارات المناسبة وتحديد مسارات العمل الحالي والمستقبلي الذي يفترض ان يحقق الأهداف وفقا لمعايير متفق عليها،، وهذه المعايير بالذات هو لتجنب اي انحرافات وخروقات من شأنها ان تؤدي الى خسائر وكوارث وضحايا وفساد ، اي ان نشكيل اللجان في الغالب هم عمل استباقي ولوجستي تمتزج فيه الامكانات البشرية والمادية وتوظف مالديها من جهود متراكمة تسير فيها من اجل خلق مستقبل مفرح ينشر السعادة والطمأنينة وراحة البال في قلوب المجتمع،،ولايخلوا اي نشاط مهم مهما كان من تشكيل اللجان ، فهناك لجان طبية ولجان تربوية ولجان مالية ولجان هندسية ولجان قانونية ،تقوم جميعها بتغذية قنوات العمل ومتابعتها ضمن اختصاصاتها،،للوصول الى الاهداف باقل جهود واعلى درجات الأداء.
وما اكثر جحافل وقوافل اللجان لدينا وعلى كافة المستويات،،اعداد مذهلة من اللجان المشكلة ولانعلم ماقدمته وفي اي قطاع من قطاعات العمل وخاصة مايتعلق منها في شؤون المشاريع الاستثمارية ،،مجرد لجان لاغراض الديكور والمباهاة والشكليات لاتقدم سوى توصيات نظرية ليس لديها اي متابعة ملموسة على ارضية التطبيق ،
والدليل ان قياس عمل اللجان يقوم على معيار واحد لايختلف عليه اثنان، هل منعت تلك اللجان مايحدث من انحرافات وخروقات في الاموال والجهود والإمكانات ؟؟؟ والأتعس من ذلك والمضحك المبكي مانسمعه من تصريحات صاروخية ومن اعلى المستويات بالايعاز الى تشكيل لجان تحقيقية بعد حدوث الكوارث والمصائب والفواجع ،،
وخاصة مايرافق ويصاحب تكليف تلك اللجان من عبارات طنانة رنانة مثل ” سرعة تقديم توصياتها ” ، و ” محاسبة المسؤولين وتقديمهم للقضاء العادل لينالوا جزاءهم ” و ” الايعاز لجميع التشكيلات بالالتزام بضوابط العمل ” ، كل هذه ردود الفعل تحصل بعد حدوث الكوارث وليس قبلها لغرض منعها ،،وما أكثر الملاحم والقصص المأساوية التي عاشها شعبنا البائس ودفع ثمنها من ارواحه،،ثم تشكلت بعدها اللجان !! دخل داعش للبلد ودمر واحتل مايريد ،وتشكلت بعدها اللجان الصاروخية ولازالت تعمل ولانعلم اين وصلت من تحقيقات ومع من حققت منذ عشرة سنوات ،،يرتفع الدولار ويهبط عزيزنا الدينار ،،والدولاريين يتمتعون والديناريين يزدادون خيبة ، وما اكثر ماتشكلت من لجان لاعادة هيبة الدينار ، ولاندري هل هذه اللجان تخدم عملة العم سام ام دينار أبن الرافدين،، وانهارت مباني عديدة في البلاد وصعدت الارواح الى خالقها ، وسرعان ماتشكلت اللجان بعد صعود الارواح واوعزت وهددت الجناة ،،وبقيت الارواح صاعدة واللجان تبحث وتتمحص وتحقق ،،وجيب ليل واخذ عتابة ،،
وبعدها تفاجأ العراقيين النشامى بأن شخصا لعب دور البطولة في الفيلم الكوميدي الكارثي المأساوي ” صفقة القرن ” الذي بلغت كلفة انتاجه في ستوديوهات العراق ،مئات الملايين الدولارية،وحاز على اعجاب جميع سكان العراق ، وعلى اثر ذلك تشكلت العديد من اللجان للبحث في اسباب نجاح بطل الفيلم ، وقد قيل بأنه فضل الهروب خارج البلاد للتخلص من اللقاءات الفنية التي تجريها القنوات اللجانية !!!! وكل يوم نسمع ان مفرزة القت القبض على مجموعة تتاجر بانواع الحشيش وسيتم تشكيل لجنة للتحقيق مع العصابة لمعرفة الرأس المخطط لتهريب ،، ولاندري هل ان هذه العصابة نزلت من السماء ام انها عبرت الحدود،،؟؟فلماذا التحقيق معها وترك الحدود تدار من قبل لجان فنية مختصة بالتهريب و منتفعة من دخول المخدرات.
واخرها ما حدث قبل ايام في العرس الدامي الذي تحولت به قاعة الاحتفال الى مدفن في منطقة الحمدانية الموصلية، حيث صعدت فيه الارواح بمشاركة النيران والابخرة والشموع احتفالا وسعادة ،،وما ان سمع المسؤولين صغيرهم وكبيرهم حتى اوعزوا بتشكيل العشرات من اللجان التحقيقية ،،ولاندري هل ان هذه اللجان لديها امكانية باعادة الارواح الصاعدة الى الاجساد المحترقة!!!
نصيحة لوجه الله،،الى جميع المسؤولين من القمة الى السفوح،،، عليكم بتشكيل اللجان ذات القيمة والمقدرة والخبرة والكفاءة والصلاحية والامكانية ،،،قبل حدوث الكوارث ،،فهي اقل كلفة واعلى كفاءة وفاعلية من تشكيل لجان عبارة عن ديكورات ،،بعد حدوث الكوارث وصعود الارواح .
د. نـمـيـر نـجـيـب نـعـوم
