أخبار العائلة العربية في المهجرأدب وفنحقوق المرأةكلمة العدد

مشروع رحلة التعلم بدأ من العراق …ليضم مبدعي الوطن العربي مع إخلاص فرنسيس-مؤسسة و رئيسة تحرير غرفة 19

#الشبكة_مباشر_دبي_حوار : الاعلامية والكاتبة كريمة السعدي

مشروع رحلة التعلم ، مشروع عراقي ثقافي تربوي ،

بدأ برحلة من قبل الدكتور قيس العبيدي -الباحث والخبير الاستراتيجي العراقي المقيم في بريطانيا

الذي كان هاجسه الأول أن يضم كل مبدعي العراق أينما كلوا وارتحلوا ، من اجل نقل خبرات الأكاديميين والمبدعين العراقيين في كافة مجالاتهم الإنسانية والعلمية من داخل وخارج العراق لكل الاجيال القادمة ، برحلة بدأت من شخص وسرعان ما ضمت الكثير من ابناء الوطن البار من خبراء ومبدعين ومثقفين واكاديميين ، أرادوا أن يضعوا بصمتهم الإنسانية قبل بصمتهم الأكاديمية لأبناء بلدهم من داخل العراق وخارجه وفي اي مكان وجدوا في رحلة تثقيفية تعليمية تربوية ، وعبر منصة الزووم، التي كانت المتنفس لكل المبدعين في خارج اوطانهم ، كي يعطوا لبلدانهم ولاجيالهم القادمة ما حرموا منه وهم في داخل البلاد ، بسبب ظروف الحروب والهجرة القسرية التي طالت كل إنسان وطني مبدع أراد أن يخدم بلده بحب وأن يرد جزءا من جميله عليه قبل الاحتلال والحروب الطائفية التي طالت الجميع ، مما اضطرته للرحيل بعيدا عنه ، ولبلدان تبعد عن وطنه الالاف الأمتار ، وليس له منتنفس في غربته سوى هذه اللقاءات التي تجمعهم مع بعضهم ومع ابناء وطنهم في كل مكان بالعالم ، ليقدموا لهم من جهدهم وخبراتهم وتجاربهم الكثير والكثير …ليستفاد منها جيل المستقبل ..
.
ولم تقتصر رحلة التعلم على مبدعي العراق ، بل كانت لهم رحلة مع مبدعي الوطن العربي الذين طافوا بها من أجل تقديم كل ما يخدم ثقافة المجتمع وثقافة أجيال ،وكان لهم هذا اللقاء مع لدكتورة إخلاص فرنسيس اللبنانية المقيمة في امريكا ، مؤسسة ورئيسة تحرير غرفة 19 ،باحثة في التراث المهاجر، بهذه الرحلة التي جمعتها في منصة مشروع رحلة التعلم، مع

مؤسسها د. قيس العبيدي و بحضور نخبة من المثقفين والأكاديميين، للحديث عن تجربة غرفة 19 و مشروعها وعن تجربتها الشخصية في الحياة والثقافة، الكتابة في المهجر.

⦁ وكان معها هذا اللقاء:

⦁ كيف كانت تجربتك مع الهجرة؟.

– كانت تجربتي سواء على الصعيد الشخصي أو الثقافي او العمل العام بسيطة ، من حيث كوني كاتبة مهاجرة، شأني شأن الملايين الذين هاجروا من لبنان، وشيوع ظاهرة الهجرة في المجتمع اللبناني إلى شتى دول العالم، بدء من سنة ١٨٦٠. كانت لي قضية تشغل فكري، أقول دائما أني تركت لبنان ، ولكنه لم يتركني ، هاجرت إلى اميركا، في ٢٠٠٤ مع فكرة ضبابية او قضية لم تكن واضحة تماما ، مهتمة بشيء حملته معي وجعبة ذاكرتي محملة بالتراث و الوطن، لم أكن مهاجرة كشخص انما جزء من وطن مهاجر فيّ، هويته تقاليده عاداته وما إلى هناك، والمتابع لكتاباتي سيجد الكثير من لبنان في الشعر والقصة والرواية.

* ما هي الأمور التي تعرضت لها في هجرتك؟

-في بلاد المهجر يتعرض الانسان إلى ما يعرف بالصدمة الثقافية، ما بين القبول والرفض والمصالحة مع المجتمع الجديد ، أو التأقلم ، كما قلت تركت لبنان مثقلة بالوجع، وبالهم الإنساني، التخبط والصراعات، نتيجة الحرب الدامية التي بدأت منذ عام ٧٥ وحتى الساعة ما زالت تداعيتها قائمة وعزلة اجبارية فرضتها الحرب، والانقسامات داخل الوطن، واحيانا داخل البيت الواحد نتيجة التحزبات والانتماءات السياسية والدنية، شرذمت لبنان الأخضر إلى بقع متحاربة فيما بينها مما انعكس سلبا، على تكويني الشخصي، كطفلة ذات 10 سنوات، سرقت مني طفولتي وابسط حقوقي والحلم بالدراسة العلمية، الذي استكملته فيما بعد، فرحة الاهل بزفاف ابنتهم الصغيرة، قطعت الحرب الطرقات وأقيمت الحواجز ما بين جنوبه وشماله، وأقامت حواجز بيني وبين حضن أمي، وزغرودة أمي هذا على صعيد لبنان.

⦁ هذا على صعيد وطنك ، فكيف على صعيد الوطن العربي؟
– الوطن العربي الذي رزح تحت الحروب في معظمه ذاق ويلات الحرب وتداعيتها حتى الساعة، بعد وصولي إلى اميركا، اتجهت إلى الدراسة العلمية، وماسي الحرب وترسباتها تحتل ذهني وفكري وروحي فوضعت نُصب عيني ان أبتعد عن كل ما هو سياسي وعرقي وديني وطائفي، نهجاً انعكس في حياتي وفي كتاباتي وفي الغرفة ١٩ فيما بعد.

* من هنا بدأ مشوارك الثقافي؟

– نعم ، في هذا الوقت بدأ اهتمامي بكتابة القصة والشعر والرواية، الحنين الوجع العامل الأكبر في كل ما خطه قلمي، وأكثر ما ساهم في ذلك أن طبيعة مدينة سان دياغو التي هاجرت اليها كانت قريبة جدا من طبيعة لبنان مما أثارت في الشجون، فتجسد الوطن في أول عمل روائي لي رواية رغبات مهشمة حيث حضر لبنان بقوة بكل ما فيه من تراث وجمال، وطبيعة، وعادات وتقاليد.

⦁ في كتاباتك ، كانت لبنان حاضرة وبقوة:

-انعكست البيئة اللبنانية في كل كتاباتي، قلبا وقالبا وموضوعا، مفرداتي مترعة بالوطن، الذي خرجت منه ولم يخرج مني، صُنفت هذه الكتابات بالإبداع الشخصي أو الفردي شأن أكثر الكتّاب اللبنانيين الذين هاجروا الى الأميركيتين في القرن التاسع عشر والعشرين وأطلق عليهم بأدباء المهجر منهم جبران ونعيمة، الذين أسسوا ما عُرف برابطة القلم، والذين اعتبروا نموذج من نماذج الادب اللبناني المكتوب خارج لبنان في ظروف معينة وهجرة مماثلة، وانتهى بموت أصحابه، كما يرى بعض الباحثين وبعض النقاد.

⦁ ما هو الشيء الذي لفت نظرك؟

⦁ لفت نظري إلى قضية هامة جدا، التراث واستلهام التراث استدامته، ومتابعته خارج حدود الوطن الام، خاصة في فترة هجرتي حيث الحروب تعيث دمارا في منطقة الشرق، وهذه كانت القضية مطروحة للنقاش في ملتقيات دولية نعد لها، بسبب أهميتها، منها الملتقى الدولي الثاني عن بعد عبر تطبيق زوم في 28-29 سبتمبر أيلول غرفة 19 ،الملتقى الدولي الثاني سان دياغو عن انعكاسات التراث في الابداع الأدبي والفني وتحت عنوان (التراث الثقافي المهاجر).

⦁ هل استمر معك القلق ؟

-الحرب اللبنانية والربيع العربي وتفكك الاوطان ، سبب لي نوعا من القلق على الثقافة العربية بشكل عام بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية التي حلت بالعالم مثل كورونا، مما ساهم في بلورة الصورة التي كانت في ذهني وحلمي الثقافي، الا وهو نبذ التمزق للوطن العربي، ودفعني إلى إنشاء مؤسسة تهتم بالشأن الثقافي خالية من انتماءات التطرف العرقي والديني والسياسي والصراع الثقافي، لتكون فرصة تجميع شتات المثقفين المبدعين والفنانين من مختلف الوطن العربي من الداخل والخارج، والقصد منها أن يكون هناك تواصل إنساني وثقافي مشترك وإثراء للحركة الثقافية العربية/وكانت الغرفة 19
ذلك الفضاء الازرق.

⦁ حدثينا عن الغرفة 19 ، ربما القاريء لأول وهلة لا يدرك معناها .

-هي غرفة افتراضية تم إنشاؤها في وقت جائحة كورونا في عام 2019، ولذا فقد قد حملت الغرفة ذات مسمى فيروس كوفيد-19، وكانت ردة فعل على الاجتياح السلبي والواقع السلبي من حيث الانعزال، والحجر الصحي الذي فُرض على العالم كله، وكان الموت هو السيد، والخوف هو الشبح الذي يلاحق كل فرد منا، الحجر جعل التواصل مع أقرب المقربين صعب جدا، حتى عناق الاحبة، فقدنا قيمة مهمة حميمية التواصل الانساني، في ارض الواقع وكان تسمية المنتدى، بغرفة 19 لتعكس الجانب الإيجابي من تلك الفترة، حيث شكلت نافذة نطل منها على الاخر، نتواصل معه، وتم تسجيل الغرفة بالشكل القانوني في سان دياغو- كاليفورنيا- الولايات المتحدة، تحت رقم”5102575 “، غرفة ثقافية تشمل منصة إلكترونية، يتم فيها التبادل الثقافي والخبرات والتلاقي الفكري بين مختلف الأجيال والخلفيات من كل الوطن العربي.
كما إنها تمتلك أي الغرفة موقعاً إلكترونياً له أكثر من ٧٠ ألف متابع ومشارك من المعنيين والمهتمين بشؤون الثقافة والأدب والفنون من العرب المقيمين على أرض الولايات المتحدة والعرب المقيمين في أوطانهم وخارجها أيضاً، بهدف التواصل في حلقة من أهم حلقات الفكر الإنساني والحضاري بكل أطيافه، واضعين في الاهتمام البعد عن الاتجاهات العقائدية او السياسية.

⦁ أبرز الملتقيات التي عقدت بهذه الغرفة:
.
-قامت الغرفة بعقد الملتقى الدولي الأول في القاهرة في الفترة من ٢٠-٢٣ أكتوبر عام ٢٠٢٣ تحت عنوان ” سلطة اللغة والأداء ما بين الشعبي والفصيح، شعر الحب والغزل نموذجاً” ببروتوكول تعاون مع جمعية الحفاظ على التراث المصري، كذلك كان للغرفة ندوات ومؤتمرات مشتركة متعددة مع عدة منتديات أدبية وثقافية منها أكاديمية التميز في الهند ومنتدى شهاب غانم الامارات وبيت المثقفين العرب السعودية.

⦁ مالذي يقلقك اليوم ، هل تعتقدين إن الثقافة التقليدية أو القومية مهددة بعوامل الهجرة والحرب ؟

-ما يقلقني دائما أن الثقافة لم تعد تمثل شكلاً من أشكال الخير كما هو متعارف عليه، لان التحزبات هي نوع من الثقافة، الدينية والعرقية، والاضطهاد نوع من الثقافة وادمان المخدرات، وأصبح هناك مفاهيم جديدة (اللاوطن، واللامضمون واللامجتمع) كما أن الثقافة التقليدية او القومية مهددة بعوامل الهجرة والحرب وموت مبدعيها، مما قد دفعني إلى الاهتمام بها خاصة في مجال التراث اللبناني المهاجر خاصة والعربي عامة، حرصاً من الاندثار شيئا فشيئا في الاغتراب ولا يبقى منه إلا مجرد عناوين في تواريخ مجتمعاتنا للأجيال القادمة كما حدث لأدب المهجر،على حد علمي أن التراث درس في أرض المنشأ ولم يكن هناك من اهتمام بمتابعته خارج بيئته وما يحصل من تغيرات.
ولهذا كان لي مصطلح جديد من نوعه وفي طرحه التراث الثقافي التقليدي المهاجر، عادات تقاليد، ما حملنا معنا وما نمارس منه، وما تخلي عنه ما يتناسب مع البيئة الجديدة وما لا يتناسب، المدخلات التي نحملها والمخرجات التي نتجت عن وجودنا في البيئة الجديدة، فالتراث غير المادي حي، وحرصاً على هذا التراث التقليدي الذي توارثناه من أجدادنا، وخوفاً من أن يُفقد في الاجيال الجديدة، بالإضافة إلى العناصر المكتسبة من دول المهجر وفقدان اخرى، وكان هذا الطرح في بحث قدمته في المجلس الأعلى للثقافة في مصر، اذار ٢٠٢٣ تحت عنوان البحث: الاحتفالات والعروض الشعبية حوار متصل بين الثقافات
أثر الهجرة نموذجاً
“بين الوطن الأم لبنان، والولايات المتحدة الأميركية، فرنسا والمكسيك”،وركز هذا البحث على حامل التراث من بلده الام إلى وطنه الجديد، حيث أستقر المخزون التراثي على مدى سنوات الهجرة في عقله اللاوعي.

⦁ هل ساعدت المهرجانات والندوات بالحفاظ على هذا التراث العربي الأصيل ؟

⦁ في المناسبات المختلفة سواء كانت مناسبة دينية او احتفال يخص دورة الحياة ، هي فرصة سانحة لنا لانبعاث هذا الموروث وإعادة انتاجه، كما هو معروف في الدراسات المتعلقة بعلم الفولكلور والأنثروبولوجي عن محاور التراث الأربعة في الشكل، والاستخدام، والمعنى، والوظيفة. وباعتباري حالة من الحالات التي اهتمت بتراث بلدها، التي توارثته من أمي وجدتي، فقد أثار هذا المفهوم في وجداني عدة تساؤلات يمكنني أن ألقي عليها الضوء كنموذج مغترب، نشأ في حياة قروية مشبعة بالثقافة الشعبية.

⦁ كيف هو اللقاء يكون في غرفة 19؟

-لم تقتصر الغرفة على اللقاء عبر الفضاء الأزرق، والذي اعتبره سيفا ذو حدين، إيجابي وسلبي، كان لا بد من اللقاء على أرض الواقع لتكون جزء من علاج للقصور الذي قد ينجم عن سلبيات التواصل الالكتروني، التي كشفت عنها السوسولوجية والدراسات حول التواصل عبر السوشيال ميديا، ودقت ناقوس الخطر، فهي قد تكون عرضة للعودة إلى الانعزالية، والبرود على صعيد العلاقات الانسانية، مما يسبب في تفكك المجتمع مما دفعني إلى النزول لأرض الواقع من خلال الملتقيات والمؤتمرات الدولية ، التي شاركت فيها بتقديم بحوث والتعرف على الحركة الثقافية عن قرب، العراق تونس فرنسا الامارات، مصر وغيرها.

⦁ هل للجانب الذاتي مهم في هكذا مشروع؟

-إن الابداع الذاتي والفردي جانب مهم ، ولكن هناك جانب أهم هو الابداع القومي او ابداع الجماعة او ما يطلق عليه الثقافة الشعبية أو التراث الثقافي غير المادي، او ثقافة الوطن التقليدية، فالثقافة تنقسم إلى قسمين مهمين جدا:

الثقافة الرسمية التي تنتجها الصفوة من المجتمع والجهات الرسمية للمجتمع، وهي ما يطلق عليها الثقافة الرسمية. اقتصاد سياسات تنظيم دستوري، وهناك الشطر الاخر والاعظم من الثقافة، يعرّف الجانب الثقافي التقليدي وفقاً لتعريف اليونيسكو بأنه التراث الثقافي غير المادي المتعلق بالجانب الموروث من الثقافة الموروثة كخبرة حياتية ينقلها إليها الإباء والاجداد، وتتمثل هذه الثقافة في دورة حياة الانسان من الميلاد إلى الموت وتشمل العادات والتقاليد والمعتقدات والأدب الشعبي والموسيقي والعمارة والحرف والصناعات والفنون الشعبية المنتقلة من الأجداد إلى الآباء والمتوارثة من الأجداد، من احتفالات شعبية، واللغة العامية والمحلية المتوارثة، وطرق طهي الطعام والملابس وبناء البيوت التقليدية، والاغاني الشعبية، والرقصات أو ما يعرف بالطابع الوطني الفولكلوري، المأثورات الشعبية، هذا التراث وله مبدعيه ويعرّف حملة التراث بالكنوز البشرية. وبما أن المرأة هي الوعاء الامل والناقل لتراث والعامل الأول على استمراريته من هذا المنطلق زاد اهتمامي بموضوع التراث.

⦁ هل الندوات عن طريق الزووم تعد كافيا للعلاقات الإنسانية؟
-إن الندوات عبر زوم وإن كانت تعود بفائدة جمة إلا انها بعد فترة تظهر انها غير كافية للعلاقات الانسانية، لذا؛ كان القرار أن انزل الى ارض الواقع، في ملتقى أدبي انساني، سياحي تعارفي، بغرض دمج الناس مع بعضها في ارض الواقع مما لهذه الملتقيات من أهمية منهجية علمية، ومن المتعارف عليه أن اللجان العلمية تكون انتقائية، في اختيار المشاركين، فكان أن عكسنا عمل هذه اللجان لتصبح لجان تفاعلية على أساس فتح الفرص امام الجميع للمشاركة ومناقشة في البحث العلمي، كما كان في الملتقى الدولي الأول لغرفة ١٩ تحت عنوان: سلطة اللغة والأداء ما بين الشعبي والفصيح، شعر الحب والغزل نموذجاً.

وفي كلمة كتبتها عندما انطلقت فكرة الغرفة 19، قلت:

لماذا على الإنسان أن يعيش وحيدًا، ينسحب من العالم والطموح قسرًا أو طوعًا؟ لماذا على الغرف أن تكون مغلقة؟ ألا يمكن أن تكون لغرفة ما مواصفات أخرى غير المتعارف عليها من العالم، ودون أن تقع تحت ميلودرامية البشر؟

ينعتون الغرف بالفراغ والوحدة، ألا يمكن لتلك الجدران أن تتجاوز العزلة والضوء الذي هو الفاصل للحياة، وخلف هذا الضوء معنى نلمسه.
لمجرّد القدرة على أن أكون في غرفة، جدرانها بلا طوب ولا معدن، نوافذها تتوسّع لتصل ما بعد حدود الحياة، يكون الإبداع سقفها.
تجارب الإنسان اليومية تتوسّع لتصل إلى معرفة الحدّ الفاصل بين النور والليل، لنسحق خيط الهواء، ونخرج من الذاتية والإيقاع الفردي، لتجمعنا هذه الغرفة، تقدّم لنا كلّ شيء، ونختبر كلّ شيء، نستنفد جوهر الفرد، ونشتعل في الآخر. تؤطّرنا أرضية الغرفة، ونقطة تحول للحقائق، نتشارك بساط الكون والعقل الفطري، جزء من الكلّ، والكلّ مكون من أجزاء، على مرّ الطبيعة وأزليّة الحبّ. نتقاسم استمرارية الغربة في مسار حين نختار ألّا نُصغي لما يمليه علينا الوعي. ماذا لو أنّ هذه الغرفة هي استمرارية الزمكان، تطلق فينا رؤيا، فنعي أنّ المصادفة هي تفاصيل الحرّية التي نقلتنا من عالم الروح إلى المادّة، ومن المادّة إلى عالم الروح، من المرئي إلى اللامرئي، نقلة نوعية بفعل تلك التردّدات للحبّ غير المشروط إلى الكمال المنشود.
بفضل ذلك الحبّ الذي يكملنا في جوهر بعض، نمسك بيد القدر بدل أن يمسك بنا، يقودنا الشغف وموسيقا الداخل، ففي نهاية المطاف ما نحن إلّا قصبة نفخ فيها موسيقاه، وما علينا إلّا أن نردّد صداها.

⦁ ما هي أبرز نشاطات غرفة 19؟

-تعقد الغرفة ندواتها عبر برنامج زووم مرتين على الأقل في الشهر لمناقشة أحد الاعمال الأدبية من رواية، شعر وقصة قصيرة، او موضوع علمي يكون موضوع اهتمام الساعة، وأيضا ندوات شعرية، حيث تضم الندوات عدداً من المشاركين كأساتذة الجامعات والنقاد والمحللين من ذوي الاختصاص، يتحاورون مع مديرة الغرفة ومع بعضهم البعض على مدار ساعتين ونصف الساعة. وحتى وقت كتابة هذا التقرير، فقد تم إنجاز 100 ندوة، ضمت 400 شخصية رفيعة المستوى على مدار أكثر من 300 ساعة تسجيل.

من أبرز الموضوعات التي نوقشت في غرفة 19، هي :
أدب الطفل

الكهوف ما قبل التاريخ

العمارة التقليدية

مستقبل الادب والكتابة في ظل الذكاء الاصطناعي

الطب والأدب

تأثير الهجرة على الاسرة عامة، وعلى المرأة والطفل خاصة
.
الأدب المترجم

⦁ هل برأيك الغرفة نشيطة؟

-نعم ، إن الروح المتفائلة الدؤوبة خلف إنشاء غرفة ١٩، والتي حولت المحنة إلى منحة، لم تتوقف عن النشاط بزوال المحنة، إذ احتفظت بنفس النشاط، بل وزادت عليه أنشطة أخرى تدور في فلك الأدب والثقافة والفنون بشكل عام، حيث لم تقتصر أنشطة الغرفة على مجرد الندوات الافتراضية عبر تطبيق زووم، فلقد تطورت أنشطة الغرفة واتسعت بمرور السنوات لتصدر عنها مجلة وصلت حتى الآن إلى 13 عدد، كما قامت الغرفة بتكريم عدد من نجوم الأدب في عالمنا العربي، و ظهرت لها بعض الإصدارات التي تعد بإنشاء دار نشر من نوع مختلف في القريب العاجل، وأخيراً اهتمت الغرفة بعقد المسابقات لشباب الكتاب.
يصدر عن الغرفة مجلة دورية – تحمل نفس الاسم – مسجلة في مكتبة الكونغرس الأمريكية تحت رقم
ISSN 2996-7708 جميع الحقوق محفوظة.

⦁ هل التكريم كان جزءا من نشاطات الغرفة 19؟

نعم -عرفاناً بقيمة الدور الذي ساهم فيه الأساتذة الكبار في دعم الحركة النقدية وصب مياه جديدة في نهر الثقافة والفنون، قامت غرفة ١٩ بتكريم عدة شخصيات بارزة في النقد والرواية والشعر.

⦁ لهذا مشروعك العربي كان بفتح دار نشر؟

– بالتأكيد ، انطلاقاً من سعيها لإنشاء دار نشر تهتم بالعباقرة في الأدب خارج دائرة الضوء، لذا ؛قامت الغرفة بإصدار كتاب بعنوان ” ذاكرة الضوء”، كذلك كتاب الملتقى الدولي الأول ” سلطة اللغة والأداء بين الشعبي والفصيح، شعر الحب والغزل نموذجاً”، وسيكشف المستقبل القريب عن إصدارات جديدة، تضيف المزيد من الإبداعات الأدبية لمكتبتنا العربية.

⦁ عن الشباب ، كيف كان مشروعك؟

قمنا بتشجيع شباب الكتاب على المشاركة بإبداعاتهم في الحركة الثقافية المعاصرة، كما تقيم الغرفة مسابقة دورية للكتابة الإبداعية وتمنح جوائز مالية وشهادة تقدير محكمة،، أيضا قامت الغرفة بعقد الملتقى الدولي الأول في القاهرة في الفترة من ٢٠-٢٣ أكتوبر عام ٢٠٢٣ تحت عنوان ” سلطة اللغة والأداء ما بين الشعبي والفصيح، شعر الحب والغزل نموذجاً” ببروتوكول تعاون مع جمعية الحفاظ على التراث المصري، كذلك كان للغرفة ندوات ومؤتمرات مشتركة متعددة مع عدة منتديات أدبية وثقافية منها أكاديمية التميز في الهند ومنتدى شهاب غانم الامارات وبيت المثقفين العرب السعودية.

⦁ في النهاية لا يسعنا إلا أن نثمن دورك ونشاطاتك الثقافية من أجل لغتنا وتراثنا العربي الأصيل ، ونبارك خطواتك ومنها للتميز والتقدم باذن الله ، ونبارك لكل مبدعي الوطن العربي ومثقفيه للحفاظ على مورثونا الجميل .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى