في بداية السبعينيات ..
سمح للمستقلين في المشاركة الانتخابية الجامعية .. وكانت قائمة ( الاتحاد الوطني لطلبة العراق ) وهي القائمة الوحيدة المطروحة في جميع كليات جامعة بغداد ) التي كانت واجهة للبعثيين .. لكنهم سمحوا حينها للترشح الفردي عن المستقلين ، وكنت الطالب الوحيد الذي رشح بصورة شخصية في كلية الاداب ، وهي اول واخر تجربة في تحدياتي التي خضتها بشغف .. لكنها كانت اول تهديد جدي لحياتي .
كنت في ذلك الوقت طالبا في قسم الصحافة بكلية الآداب / جامعة بغداد .. وكنت اعمل مساء في ( مجلتي والمزمار ) وقد ساعد عملي الصحافي ، الاستعانة بكبار الرسامين .. / صلاح جياد ، وفيصل لعيبي ، وليد شيت ، طالب مكي ، بسام فرج مؤيد نعمة ، ميسر القاضلي ، سيروان ، ثامر ، عادل .. واخرين .
لقد رسموني باساليب مختلفة .. سهلت هدفي في تحقيق دعاية انتخابية ، مثيرة وناجحة .. استرعت انتباه جميع من كان في الكلية ، اساتذة وطلبة وموظفين .. اولهم عميد الكلية المربي الكبير الدكتور محمود غناوي الزهيري .
كانت حملتي الانتخابية ، تعتمد على الرسوم اكثر من النصوص .. وعلى مبدأ المشاركة الفعالة دون نكوص .
ومن الشعارات القليلة التي رفعتها وكتبتها بخط يدي ( انا لا ابحث عن الفوز .. انا ابحث عن اصواتكم لكي تسمع ) .
كان هدفي الوحيد هو .. تاكيد الرأي والرأي الاخر .. والبحث عن حرية التعبير ، والمشاركة الواسعة للطلبة ، وبشكل خاص للطلبة الذين لا يفكرون كما يفكر انصار الحزب الواحد ، والفكر الواحد ، والزي الواحد .
لم اكن متحمسا لظهور النتيجة .. لاني اعرف مسبقا .. ان الذين نافسوني سيفوزون حتما.. لانهم من يشرف على صناديق الاقتراع الجامعية .. و من سيعلن ويقرر نتائجها النهائية .
في مساء اليوم نفسه .. اعلنت النتائج بفوز مرشحهم الطالب شامل اسماعيل الدليمي .. ولم اسجل اعتراضا يذكر .
لكن وبعد مرور ثلاثين سنة .. التقيت مصادفة في سنة ( ٢٠٠٣ ) باحد الذين رشحوا ضدي من الطلبة الاتحاديين ، وهو الطالب خضير .. الذي اعترف بحقيقة فوزي في الانتخابات .
وعلى الرغم من اني .. لم اعترض على نتيجة خسارتي المعلنة .. لكني وفي الايام التي تلت .. فوجئت بحملة شعواء مفتعلة ، وغير مسبوقة ، نالت من سمعتي .. و وصلت الى حد منعي في احد الايام ، من دخول الكلية.. وامام هذه التصرفات العبثية .. قابلت رئيس الاتحاد الوطني لطلبة العراق ، السيد كريم الملا في بيته ، وكان بحق .. انسانا خلوقا ، ومسؤولا مثابرا .. وكما وعدني جاء في اليوم التالي الى كلية الآداب ، واجتمع بطلبة الاتحاد ، محذرا من التمادي واستغلال سلطتهم في اضطهاد الاخرين ، ومنها محاولات منعي من دخول الكلية .. بحجة عدم ارتداء الزي الموحد ، وادعاءات اخرى وهمية .
وهنا لابد .. من الإشادة ببعض زملاء الكلية .. ممن تعاطفوا معي .. مالك الدليمي ، وعبد المناف النداوي ، ورهيف العيساوي .. وانعام كچه چي ، ومها البياتي .
وعلى مبدأ ( رب ضارة نافعة ) كان قراري ، وبعد انهاء دراستي الجامعية ، وحصولي على بكالوريوس صحافة .. مغادرة بغداد الى الى باريس .. والدراسة على حسابي الخاص في جامعة السوربون الفرنسية ، وبعد سنين من العذاب و الامل ، بين الدراسة والعمل .. وفقت بالحصول على شهادة الماجستير والدكتوراه ، بعدها طابت لي الحياة في باريس ، وامتدت اقامتي لاربعة عشر عاما ، معززا الجانب النظري بالعملي ، محاورا كبار الشخصيات الفرنسية .. عدت بعدها الى بغداد مدرسا في قسم الصحافة / جامعة بغداد .. وهو ذات القسم الذي تخرجت منه ..& .
ترقبوا حكاية الصورة الثانية
كاظم المقدادي