اليوم الجمعة من شهر محرم الحرام ..
ونحن امام تظاهرة ثانية ، لاستعراض القوة بين ( الإطار والتيار ) بعد ان تحول الأختلاف الى خلاف .. بين “إطار” فاقد للصورة ، و بين ” صورة ” بلا اطار .. بين احزاب صنعت لها إطارا من خشب الزان .. ولكن بغياب الربان .. وبين تيار اقام جدارية ،
تحتاج الى اركان .
المتظاهرون .. بين جمهور من طبقة مسحوقة ، جمهور متحمس ومطيع .. جاهز للجهد والمجهود .. وبين جمهور مترف ، جيء به ، بواسطة حافلات مبردة ، وسندويشات ، ومكارم بلا حدود .. الأول دخل الخضراء من غير عناء ، ونصب خيامه
داخل الاسوار .. والثاني ظل يرواح عند محيط الاسوار .. اما حكومة الكاظمي ، فتلعب دور الحكم ، تحذر من طرف خفي بصفارة الانذار .
للاسف.. فأننا امام حرب كحرب ” البسوس” ذكرني بها بائع شربت السوس ، الذي وجد له مستقرا في قلب الخضراء .. و ربما سنجد معه ، بائع اللبلبي ، وعربة المحلبي ، وبائع ملابس الدمج .. وربما من يقدم لنا .. باقلاء بالدهن الحر
والبطنج .
حرب البسوس / يا سادتي ..
دارت بين قبيلة تغلب وقبيلة بني شيبان .. بعد مقتل كليب بن ربيعة التغلبي على يد جساس بن مرة الغلبان .. والجساس هذا ، انتقم لخالته ( البسوس ) ولجارها سعد الجرمي الذي تعود له الناقة المغدورة ” سراب” والتي ضاع معها القفل
والباب .. ومن يومها ، فنحن نعيش في حروب وخراب .. في كر وفر ، و جر وعر .. مرة من اجل ناقة ، وثانية من اجل هاشة .. وثالثة ستكون من اجل ضخامة الباشا .
استمرت حرب البسوس لعقود طويلة .. فهل كتب علينا ، كما كتب على الذين خلفونا .. ان نعيش من جديد حروب الجاهلية الاولى .. ونأكل الكنتاكي الأمريكي بنشوة السكران ، وباليد سيف عنترة الرنان .. بينما تحولت المنطقة الخضراء ،
الى مزرعة للبقر والماعز والخرفان .. فما ذنبنا ، والصراع على السلطة ، نسمعه مع كل أذان ، بحرص وانتظام ، حتى في شهر محرم الحرام ، وبين العراقيين من هم صيام ، وبعضهم نيام ، من قيظ الصيف وتعطل كهرباء اللئام .
يبدو ان حروبنا لا تنتهي .. ستحرق الاخضر واليابس ، واليانع والخايس .. ولم تكن من اجل تعظيم الموارد ، انما من اجل السلطة و المآرب .. وليس من اجل التغيير الجذري ، انما من اجل الثراء الابدي .. والناس دايخة بين “المؤلفة جيوبهم”
، وبين الفارغة بطونهم .. وبين من رفع شعار ” الاقربون اولى بالمسكوف “وبين العارف الذي ذاق ضرعا من العالف و المعلوف .
اما عقلاء القوم ..فهم ساهون لاهون ، من داخل سياراتهم الفارهة يتفرجون ، وامام الفضائيات ينتظرون ساعة الفرج .. من سماء بلا غيث ولا درج .
لحسن حظ العراقيين .. ان الصراع هذه المرة لم يكن طائفيا ، لكنه فتح الباب لتدخلات اقليمية طائفية ، شرقية وغربية ، وربما ستعود بنا هيأة الأمم الى”البند السابع” بكل فخر واعتزاز وتمنيات .. وسيعود الشعب الى ملحمة ” الغذاء مقابل
الگلنات ” .. ان تدخلت ، وتورطت اطراف اقليمية ودولية .
بعد ثبوت الرؤية .. تركز االاختلاف هذه المرة ، حول حل البرلمان .. وكأن البرلمان القادم سيأتي برجال صالحين ، وبنساء حسان .. وان الفساد لم تعد له أذان ، وحياتنا ستكون في أمن وأمان .. والخدمات ستشمل الأنس والجان ..
وتناسوا ان الشعب .. يريد تغييرا كاملا شاملا ( شلع وقلع .. وبلع ) فلا وجوه كالحة ، ولا احزاب طالحة ، فهل فطن الفرقاء / الى من هو صالح .. ومن هو طالح ، ومن هو وطني اصيل .. ومن هو اجير وعميل .
اخيرا ..
الصينيون بنوا السور العظيم .. ليحموا انفسهم ومدنهم من الغزو الخارجي .. والامريكيون بنوا لنا سورا اخضر .. لنتقاتل ونستعين بالأجنبي ..
& انتهى
د كاظم المقدادي