بطلة قصة اليوم… ياسمين، طبيبة مغتربة وأم لابنة ذكية وصاحبة شخصية مميزة “عاليا: 4 سنوات”.
بطلة قصة اليوم… ياسمين، طبيبة مغتربة وأم لابنة ذكية وصاحبة شخصية مميزة “عاليا: 4 سنوات”.
أعيش حياة الغربة منذ 7 سنوات. انتقلت للعيش في البداية وحدي لأستراليا من أجل العلم ودراسة الطب وبعدها انضم لي زوجي، ونوّرت عاليا حياتنا عام 2014. المختلف في قصتي أنني لا أعيش الغربة فقط وحياة الأم العاملة، بل والدراسة التي لا تنتهي مع تخصص الطب، بالإضافة لساعات الدوام المختلفة عن أي وظيفة أخرى في العالم!
ما أصعب موقف واجهك في الغربة وكيف تغلبت عليه؟
قرار الاغتراب وتأسيس عائلة في قارة أخرى يشبه تماماً ركوب قارب شراعي … يسير في البحر حتى يصل وجهته! وفي هذا القارب ربّان سفينة ومساعده فقط! نعم، اخترت الغربة لحياة أفضل ومستقبل أقوى مهنياً ولكن ذلك يعني – بشكل ضمني- أنني وزوجي وحدنا في مهمة التربية. هذا القرار بحد ذاته كان أكبر تحدياتي! عشت أياماً كنت أدرس فيها وأحضر لامتحان البورد الأسترالي، وفي نفس الوقت أعمل 6 أيام بالأسبوع، والمفاجأة الكبرى لكم أن زوجي أيضاً طبيب ولديه امتحانات التخصص بنفس الفترة. لكم أن تتخيلوا كيف مرت هذه الأيام….
النجاح يعني مسيرة من الآلام والتحديات ومهما كانت العزيمة قوية والدعم النفسي قوياً قد نمر بمسيرة فشل – أحب أن سميها “درساً قاسياً ” – أكثر من تجربة فاشلة. هذا الامتحان كان شيئاً كبيراً ومهماً بالنسبة لي …. لمستقبلي الوظيفي، والجدير بالذكر أن الامتحان يُعقد مرة واحدة في السنة وقد خسرت هذه الفرصة. مررت بعاصفة من المشاعر والمواقف المؤذية ممن حولي… انتقادات واتهامات لكوني امرأة وأم ….. احبطت كثيراً ، تألمت، خذلتني الدنيا، شعرت أنني وحيدة في هذا الموقف، والخيار الوحيد الذي تبقى لدي، الوقوف والهجوم من جديد! لم أكن يوماً انهزامية!
لم تكن الأمومة بالنسبة لي مجرد مسؤولية وتربية… تلك الرفيقة ذات الأربع أعوام كانت ملهمتي. ابنتي عاليا هي من دعمتني وذكرتني بحلمي وتعبي وشغفي….. هي الجندي المجهول ونظام الدعم الذي دفعني للوقوف على قدمي مرة أخرى! في ليلة من ليالينا كنت منهكة جداً ومشاعري جياشة وكنت على وشك الاستسلام وفقدان الأمل، سألت ابنتي ” ما رأيك لو ماما تركت العمل، هل عليها التوقف؟” وأجأبتني بكل بساطة: “لا ماما .. لا يجوز. أنت طبيبة وتداوين المرضى وهنالك الكثير من الناس بحاجتك”. وكأن شحنة من الكهرباء ملأت جسدي بطاقة لا مثيل لها …. رسمت الصور الصحيحة ووضعت الأمور ضمن نطاقها. كم كنت فخورة بذلك الفاه الذي نطق جوهراً…. كم شعرت بالحب والدعم منها.
الحمد لله نجحت بالامتحان في السنة التالية. قد تتسألون كيف لي أن أقوم بكل هذا …. قوى سحرية؟… ليس بالضبط ولكن ” وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّـهِ”.
ما أهم درس تعلمتيه في الغربة؟
كل شيء سيسير بعون الله… مهما طالت الصعوبات ستزول الغيمة ويأتي المطر. كل شيء بقدرٍ من الله وأنت وحدك من تعرفين مصلحة عائلتك… استمعي لقلبك!ٍ
تعلمت أن الأمومة أرقى وظيفة على وجه الأرض والتربية والأمومة في الغربة لها قيمة أقوى وأقسى…. صعبة جداً، لذلك أُذكِر نفسي دائماً بأن ما أقومه به “مذهل” بأدنى وصف له، وفخورة بكل إنجاز أقوم به على هذا الصعيد مع عائلتي.
نصيحة تقدمينها للمغتربات حديثاً.
أحيطي نفسك بدائرة من المعارف والأشخاص الإيجابيين ممن يمكنك اللجوء إليهم في وقت الشدة
كوني فخورة بثقافتك وأصولك ولكن لا تنسي تقبُل البيئة الجديدة والانفتاح من أجل “الاندماج” وحتى يسير مركب الحياة.
اعتني بنفسك … ودلليليها واعلمي أنك تستحقين النجاح.
خذي إجازة بين الفينة والأخرى، اطلبي المساعدة من شريكك لتقوي على الاستمرار. فإن غرق ربّان السفينة لن يستمر المركب في المسير….