ماقام به المهاتما غاندي في مقاومة الاستبداد والطغاة من خلال العصيان المدني الشامل والتي نقلت الهند باجمعها الى حالة الاستقلال والتحرر وما وصلت اليه الان من رقي وتحضر،لايختلف عليه اثنان,,بل انهم اطلقوا عليه لقب ” ابو الأمة ” وذكرى ميلاده تعتبر عطلة وطنية . هذا القائد الذي لم يكن متعصبا لمنهج سياسي خارجي ولا كان ينفذ مايريده ارباب السياسة في خارج بلده ، قاد مسيرة لمسافة 400 كلم للاحتجاج على بريطانيا عندما فرضت ضريبة على الملح ، كان همه الوحيد هو ارضاء شعبه الفقير ، وكان يسير على قدميه ولم يكن له جكسارة ورتل من الحماية الذين يقضون وقتا طويلا في الاعتناء بهندامهم وتسريحة شعرهم ومكياجهم ، هذا القائد كان اسمه غاندي الهند ولا يختلف جميع الهنود على تسميته ولايفرقون بين من كان اسمه عثمان او حسنين او نوزاد، دينه هو خدمة شعبه اي انه كان يتمتع بالاختلاف فقط عن طبيعة السلطة التي تحكم بقساوة ، ولهذا كسب حب جمهوره وازاح طغيان الانكليز.
الاختلاف له ضرورة في كافة الممارسات الحياتية دون خرق القانون وخارج الاعراف العامة،بل ان الكون بمجمله قائم على الاختلاف ، فهناك شمس في النهار وقمر في الليل، وهناك جبال عالية وسهول ووديان واطئة وصحارى وبحار وثلج ونار، كما ان هناك حكام مستبدين وطغاة امام شعب فقير يعاني مايعاني من انشطة الفساد والمراوغة والاحتيال التي يمارسها عليه من يحكمون، وكما ان الكون فيه نهار وليل داكن فهناك مليارديرية يجنون مايجنون من اموال الموازنة الوطنية وفي النهار ،، مع غالبية من الشعب يعيشون بين الانقاض وفي الليل ، وعندما يتظاهر الشعب للمطالبة بحقوقه نجد ان اسلحة الدمار الشامل يتم توجيهها ضدهم من قبل زمر وفئات لاتقبل بستراتيجية الأختلاف عن ارائهم ومواقفهم ومايفعلون من مأسي تجاه شعبهم.
عدد سكان الهند يبلغ حوالي 1.43 مليار نسمة وعندنا لايزيد عدد السكان عن 45 مليونا ، في الهند اختلفوا على حكامهم وطردوا من يحتله واصبحوا قدوة بفضل قائدهم غاندي ، ونحن اختلفنا مع من كان يحكمنا قبل عشرين عاما أملا في ان نحقق ما نريد من تطور جامعي وثقافي وصناعي وزراعي ، ولكننا انصدمنا بأن زراعتنا وصناعتنا مستوردة ، وجامعاتنا ترفل باعداد طلبتها بالرغم من شهاداتهم التي لايتم الاعتراف بها عبر الحدود ، كنا نأمل بأن الاختلاف عن ماسبق سنحصل منه على تماسك اجتماعي قوي بفعل الأنظمة التي تقوم على احترام حقوق الجميع ومواكبة المنهج الحضاري المتقدم ، ولكننا نتفاجأ بأن عدد حالات الطلاق في عام 2023 تزيد عن عام 2022 بــ 6973 حالة طلاق ، فأذا اردنا ان نتباهى امام العالم ،بأي ارقام نستعين سوى ارقام الجهل والقتل والطلاق أمام زيادة عدد المولات والسيارات الفارهة التي تتمختر في طرق أكل الدهر عليها وشرب من سوء التبليط وغياب انظمة المرور الرصينة.
الاختلاف مطلوب اذا كان نحو الأفضل ، ومن يؤيد الأختلاف عليه ان يختاره أولا بالكلام والمواقف ، ثم يمتحنه بالتطبيق الفعلي الملموس، فأذا اختار الفرد ان يكون مدمنا على المخدرات لكي يفقد صحته ،فهذا قراره وسيعود حتما الى تركه عندما يرى ان صحته ابتعدت عن العافية والراحة ، مثل نفس الفرد اذا اختار ان يكون محتالا ومختلسا للمال العام وتيقن ان ما يجنيه من أموال حققت له المكانة والرفعة الاجتماعية والرفاهية ، فانه بالتأكيد سيناضل من اجل ان يبقى على ماهو عليه ، ولكن عندما يقع في فخ اجهزة الرقابة وينال عقابه فهو بالتأكيد سيندم على افعاله.
هذه هي اهمية الاختلاف ،فليختلف الكل على بعضهم ولكن ثقافة الشعب الواعي البعيدة عن قصص الدجل والخيال هي من سيختار، وبالتأكيد ان الشعب عندما تزداد لديه ثقافة الجهل فانه سيدفع الثمن غاليا، فمصلحة الشعب والوطن هي فيمن يختلف ليكون الأفضل وليس فيمن يختلف ليحقق مصلحته الشخصية.
اننا لسنا الشعب الوحيد الذي يطمح للأختلاف بالرغم من انه غير متاح لهم ،فالغرب ايضا لديه من يختلف ولكنهم لايكرهون ولايحقدون بعضهم ، الأختلاف بينهم لكي يتخلصون من معوقات تطورهم ،ولكن الاختلاف لدينا يفهمه رواد السلطة بأنه للتنازل عن كراسيهم ومخصصاتهم ومشاريعهم الدولارية المستثمرة.
ربنا عسى ان نكون مختلفين بعيدا عن مزاد العملة واحتياطيات الذهب والقناصة الذين يحتلون اسطح البنايات عند التظاهرات .