مقالات

حرب القرم الذكرى الثانية حرب القرم بين المصداقية والعدمية

#الشبكة_مباشر_بغداد_الكاتب محمدصالح البدراني

هذا عنوانمقال تحدث استشرافا عن حرب القرم تصادف نشره يوم 24 شباط 2022 وهو التاريخ الذي دخلت فيه القوات الروسية إلى أوكرانيا، وقلنا فيه أن القوات الروسية ستتوقف في ضواحي كييف لتبدأ مفاوضات يفترض أن تقود لحل، أو أن هنالك حالة صفرية تتفاقم لتمتلك القرار والذي قد يؤدي إلى حرب عالمية لا تكون تقليدية، واستمر الحال حتى أوضحه لقاء الرئيس بوتن مع صحفي الأميركي، تاكر كارلسون،اللقاء بيّن كثيرا من الأمور التي أزالت غموضا يسمح بتفسير الماضي واستشراف الحدث في المستقبل.
روسيا مدركة لدورها الوظيفي على مضض:
من الواضح أن هنالك خيبة امل من الروس من حالة الجفاء الاستراتيجي التي يقابل بها الروس كلما حاولوا التقارب مع الغرب باعتبارهم وريث الاتحاد السوفيتي لكن بلا شيوعية، وهذا التبرؤ من الشيوعية كان واضحا في حديث السيد بوتن انه كانبنية حياة جديدة تفتح التفاهم والغرب وليس للتخلي عن القطبية؛ ومن خلال استعراضه للقاءاته مع الرؤساء الأمريكيين وطرحه إنشاء منظومات دفاعية شرقية وغربية؛ الرؤساء الذين بدوا أنهم ليسوا صناع السياسة الأمريكية أو لهم القدرة على تنفيد رؤيتهم الخاصة في هذا الاتجاه، وهو سيف ذو حدين فمن ناحية انه عمل مؤسساتي استراتيجي (دولة ودولة عميقة) ومن ناحية أخرى أن الحديث مع الرؤساء ليس للخروج بقرارات ناجعة أو مصيرية في العلاقات الدولية أو بناء الاستراتيجيات وإنما على من يطرح أمراً ألاّ يتفاءل بالجواب الفوري بل ينتظر اللقاء التالي أو الرسالة ما بعد اللقاء الأول.
أدرك يلسن وبعده بوتن أنالأمر يتطلب أكثر من وراثة رسمية لمكانة الاتحاد السوفيتي، فهذه الدولة تحتاج أن تكون قوة اقتصادية وصناعية بلا كوابيس أو مفاجآت، لكن العقيدة الاسبرطية الأمريكيةترىأن انحلال الاتحاد السوفيتي ليسلأنهم يريدون حياة جديدة تعتمد على السوق والصناعة وإنما خسروا المطاولة وركعوا فعليهم الخضوع الأبديأو العقاب.
ما يريده بوتن من تعاون ليس ممكنا. ما السبب؟ الصين دعمها الغرب بخطوط صناعات فاتكل عليها بدل أن يأسرها كانت الغايةلتسوير الاتحاد السوفيتي بالحلفاء بكل الوسائل التقنية؛ وربما لم يبق من هذا السور إلا الهند (التي تتجه إلى محور أمريكا بعد أن كانت تمسك العصا من وسطها) وكوريا الجنوبية؛ بيد أن الصين لم تك أداة لضرب الاتحاد السوفيتي وإنما استفادت الصين لبناء الصين التي نراها اليوم وقد بنت اقتصادا ضاربا وقوة عالمية منافسة مستقلة غير مضمون الصراع معها وهي لا تريد الصراع واللعب باستقرار نسبي لمليار ونصف إنسان أو يزيد لكن الغرب لا ينوي تكرار الخطأ مع روسيا.
لم يفكر الأمريكيونبإقامة علاقات رباعية بينهم وأوربا والصين وروسيا، فهذا سيؤثر على المنافسة الحرة في السوق الرئيس وهو الدول المتخلفة وهي طبيعة النظام الرأسمالي الصناعي، ولهذا فان البقاء يعني سلطة القوة، والولايات المتحدة سلطتها هي القوة العسكرية التي تحمي الدولار وهو عمليا المسيطر على الاقتصاد،لكنالدولار كما قال بوتن يدخل المعركة اليوم بدون تفكير بعيد المدى أويستقي تجربة الحرب وهذا سيجعله معرضا للإبدال كما حصل بإبدال الدولار بالروبل فارتقى الاقتصاد رغم الحرب.
إثارة القلق ودعم المتمردين ودعم أوكرانياالآن ولحد الآن يعد مشكلة هي مصلحة عند الأمريكان، الصين وكوريا الشمالية تراقب الحدث لكن لن يكون من صالحها تلاشي روسيا كقطب دولي وان كان وهميا كما هي حقيقة تصميم وجوده، لذا فان كسر العظم مسألة تحتاج نظر عميق.
تقاسم العالم
روسيا كانت تفكر بتقاسم العالم بين محورين، لكن روسيا ليست لهذا الدور إطلاقا طموح بوتن ليس من استراتيجية الولايات المتحدة وإنما في التكتيك كدوره في سوريا أو ربما العراق أو غيرهما، كفاعل وليس كقطب دولي، فهم لايفكرون في تقاسم العالم أو العمل معا بتنسيق عسكري استراتيجي كبناء سلاح، أو الاتحاد بحلف عسكري، أو التفاهم حول النفوذ في أسواق التكنلوجيا والتقنيات، وهذه النقطة غير حقيقية في التفكير الأمريكي وممكن أن يناور بها الروس لإسقاط عوامل القوة كالهند وحكومتها المتجهة نحو الأمريكان، أو التفكير بالتكامل الصناعي مع الصين ودول نامية مؤهلة لاستقبال التقنيات كالسعودية وممكن أن تحمى أجوائها لتفريغ منتجات المعامل الإلكترونية والسيلكون في إنتاجها، لكن هذا لا يأتي بيوم وليلة، الدول النفطية مازالت متمسكة بالدولار ولا نية عندها لاستخدام عملة خاصة لبيع واستيراد أوأية معاملات تجارية والعالم، فبالتالي مازالت كما كانت دائما كفة الولايات المتحدة وجناحها الأطلسي مسيطرا على الساحة لأي حدث.
مآلحرب القرم:
بعد أن اقتنع بوتن بسحب قواته من محيط كييف للبدا بتفاوض يحفظ كرامة كييفأسقطت كل الاتفاقات الشفوية معه، أو هكذا قال؛ هنالك جرح وإحساس بالاستهانة، وان كان حاليا يوازن اقتصاده وما تستنزفه الحرب، وجمود الحالة ككل، فان صراع القوى والنفوذ في الشرق الأوسطوأفريقيا، سيجعل الأطرافأمام”حلول صفرية” بعد هذه المدة من “الحالة الصفرية” وبلا حلول؛ وربما لا يبقىأمام بوتن إلاخيارات محدودة، الضغط على زر حرب نووية غير معلومة لمن ستحسم وكيف ستحسم مع الأسلحة المتطورة وبعضها دون شك نجهله “وهذا احتمال جدي يتجاهله الغرب”، أو انه سيصل إلى مفرق طرق للتفاوض على إبقاء منفذ على البحر الأسود وربما يعزز تمكينه جنوب أوكرانيا في الفترة القادمة استعدادا لمفاوضات، أما الانسحاب إلى داخل روسيا وهذا مستبعد جدا إلا بغياب بوتن نفسه ووعود ألا يترتب على روسيا أي عواقب أو متابعة عسكرية أو قانونية، بيد أن هذا كرد فعلسيؤديلاندثار روسيا تماما باستسلام خفي، وهذا يعرفه من حول بوتن وربما تغييب بوتن يحتاج بدائل واحتمالات منهم احتياطا لمنع تفكك روسيا بعملية جراحية، الوضع ربما اكثر ميلا لحرب شاملة مع اختلاف اللغة التقليدي بين الشرق والغربلان بوتن في زاوية ميتة وقد استنفد الأمل بقبول الغرب الأمر الواقع ويريدون منهالاستسلام والخضوع لهم وهذا مستحيل.
الحل الأمثل أن يعطىمنفذا على البحرالأسود وان تعتبر أوكرانيا بلدا محايدا ومعترف بتقاربه مع الروس.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى