مقالات

ثلاثية الـ ( طفا ) ،،،حاضنة للتخلف و التدني

#الشبكة_مباشر_بغداد_د. نـمـيـر نـجـيـب نـعـوم

التباهي الذي افتقده المواطن لبلده ، يعد واحد من السمات والعلامات البارزة والمثيرة للجدل، فسابقا يندر ان تجد شخصا لايتباهى ببلاد وحضارة وادي الرافدين التي انجبت ما انجبت من علماء وفلاسفة واعلام في الحضارة والتمدن ، في وقت كان التخلف يسود معظم بلاد العالم.

عندما تنشأ اي حضارة وتسود وتكون مقبولة من الأخرين ، فانها يجب ان تحقق ثقافة جديدة ايضا تكون مقبولة من الأخرين، ولهذا كان مقبولا من الجميع ان يقوم السومريون مثلا باختراع واكتشاف الخرائط المتعلقة بمشاريع الري وبناء الزقورات وحتى بناء المعابد لعبادة الألهة،، كائن من تكون،،،اضافة الى الرموز الرياضية وعلم المثلثات والارقام الأولية ، كل هذا تم عن طريق السومريون منذ مايقارب 2000- 4000 سنة قبل الميلاد،،

في هذا الوقت لم يكن للأديان السماوية اي رموز أو اتباع،، فقد خلق السومريون كما أشار المؤرخ الأميركي صموئيل نوح كرامر ،،الهة لهم حسب الزمان والمكان،،فقد كان للسماء الهة ” أنو ” في منطقة اوروك ، وللعواصف الهة اسموها ” انليل ” في منطقة سومر ،، وللجنة ملائكة وللمياه ملائكة ،،هذه الاقوام خلقت حضارة لاتزال اثارها قائمة الى حد الأن ،،ويكفي ان مسلة حمورابي التي تعود الى الاف السنين قبل الميلاد والتي تم العثور عليها في بداية القرن العشرين، موجودة الأن في متحف اللوفر في باريس وهي تمثل اقدم القوانين التي عرفتها البشرية، هذه المسلة وغيرها تمثل شاهدا تاريخيا على ان هذه الأمة كان همها الوحيد هو ان تكون مبدعة ومتحضرة ، وليس أمة تقوم على الاحقاد والضغائن والكراهية والمحاصصة ،،هذه المسلة وغيرها من الشواهد لم يكتب لها النجاح لو كان المسؤول صاحب المقام العالي بالدولة مشغول بتوزيع المناصب ومنافذ تهريب العملة والخيرات والمحاصيل .

ان تلك النجاحات منعت ايا من الدول بأن تتجرأ وتتدخل في شؤوننا وتقسيم مصالح شعبنا حسب الفئات والاعراق والانتماءات الحزبية والطائفية ،،ولهذا ما ان مرت الاف السنين حتى انقلبت المعادلات رأسا على عقب ،،فالدول والكيانات التي كانت غير متحضرة وتفتقد الى تاريخ عريق اصبحت تستحوذ على العقول النيرة في الدول التي كانت متحضرة ،،لابل وتمارس معها كل فنون الاغراء بشتى الامتيازات والمكاسب لكي تشتريها مقابل ان تبيع تلك العقول ولائها ونسبها من دولها الاصلية صاحبة الحضارة،،وهكذا نجحت الدول التي لاتمتلك حضارة وتاريخ في الاستيلاء على ثروات وكنوز اصحاب الحضارات القديمة ،،لابل عملت على زيادة تخلفها باصطناع شتى الوسائل والمغريات لمسح قائمة الانجازات الحضارية لديها واجبارها على فعل ماتريد.

فالذي طفا في بلدنا هو ثلاثية ( ط – طائفية ،، ف – فساد ،، أ- ارهاب ) ،،

هذه الثلاثية التي اعتدنا على قبولها منذ دخول الديمقراطية الينا بداية القرن الحالي،،هذه الثلاثية لو وجدت بشكلها القوي والقائم حاليا ،،في زمن حمورابي ،،لكان من الصعب عليه ان يتفرغ لكتابة المسلة ونصوصها العريقة،،بل كان سيتفرغ لدراسة ملفات الفساد ومتابعة انجازات لجان التدقيق والنزاهة والاطلاع على حجم ملايين الدولارات التي يتم تحويلها الى جيوب الاحباب من المقربين للسلطة ،،، ولهذا يبدو ان عباقراتنا الاشاوس من المنتفعين بالسلطة ،،،قبلو ووافقو على عرض سلطة الاحتلال في حينها على صفقة ان تكون الديمقراطية مقابل تعميم مادة الــ ( طفا ) لكي ينتشر التخلف والتدني ،،، بدلا من صفقة النفط مقابل الغذاء التي عاشتها اجيالنا في التسعينات .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى