أخبار العائلة العربية في المهجرتكنولوجيامقالات

دور الذكاء الإصطناعي في التعليم

#الشبكة_مباشر_إسطنبول_د. هيثم جبار طه الخبير الدولي في جودة التعليم و الإعتماد الأكاديمي

مقدمة
على الرغم من الفوائد العديدة التي جلبتها التكنولوجيا إلى التعليم، هناك أيضا مخاوف بشأن تأثيرها على مؤسسات التعليم العالي. ومع ظهور التعليم عبر الإنترنت والتوافر المتزايد للموارد التعليمية على الإنترنت، تشعر العديد من المؤسسات التعليمية بالقلق بشأن مستقبل مؤسساتها. نتيجة لذلك، تحتاج العديد من المؤسسات التعليمية إلى المساعدة لمواكبة التغيرات التكنولوجية السريعة وتبحث عن طرق للتكيف والبقاء على صلة بالعصر الرقمي.

كتب العالم والفيلسوف البريطاني برتراند راسل عام 1945 (يولد الإنسان جاهلا وليس غبيا، فما يجعله غبيا هو النظام التعليمي). وأن العديد من المفكرين ورجال الأعمال يرون أن الذكاء الاصطناعي، يمكنها أن تلعب دوراً ثوريا وإيجابيا كبيرا في كافة المجالات بما في ذلك التعليم.

ربما يبدوا تعميم الذكاء الصناعي في التعليم العام الجامعي اومرحلة ما قبل الجامعي في حاجة لمزيد من الوقت ومزيد من توافر الإمكانات والخبرات، لكن ذلك لا يمنع الاستفادة من تقنيات الذكاء الصناعي في التعليم والتدريب التخصصي، وخصوصا من ناحية توفر ميزه عدم الارتباط بمكان وزمان محددين، وبالتالي يصبح نقل المعرفة والخبرة أكثر سهول وفعالية والوصول إلى تعليم عالي الجودة دون تكبد نفقات السفر والمعيشة.

في بداية ظهور الذكاء الاصطناعي فأن العديد من المؤسسات التعليمية حول العالم (الأوروبية) حظرته وبعدها سمحت بالتعامل معه. وتظل تقنية الذكاء الاصطناعي تشكل بعض القلق للمستخدمين، فالتطوير المذهل فيه يجعله تقنية عظيمة تقدم الحلول المبتكرة بشكل سريع وبطريقة كانت في الماضي مستحيلة

وتطور الذكاء الاصطناعي لم يقتصر فقط على التعليم بل كان له دور هائل في مجال التصنيع وتقديم الخدمات المختلفة، ولكن يعد التعليم هو أهم المجالات التي برز فيها الذكاء الاصطناعي بشكل مميز وحقق أهداف كثيرة من أهمها, تطوير وتحسين التعليم بشكل واضح و تدريب العاملين على التعليم والطلاب لملائمة التطور الكبير الذي أحدثته هذه التقنية.

وعملت منظمة اليونسكو(المنظمة الرائدة في التربية والتعليم) على تطوير التعليم بشكل كبير وتلبية جميع احتياجات المتعلم وتعزيز التعليم بأشكال وطرق أكثر ملائمة للتطور الذي يشهده العالم، ولذلك فإن الذكاء الاصطناعي برز بشكل كبير ونال الدعم الكامل لتحقيق الأهداف المستدامة للأمم المتحدة.

الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي في العموم هو علم من علوم التكنولوجيا الحديثة، يهدف إلى زرع الذكاء البشري في الآلات المصنوعة، لتكون تلك الآلات قادرة على أداء الوظائف المخصصة بشكل أكبر كفاءة وأكثر ذكاء. لقد تم استخدام مصطلح الذكاء الاصطناعي لأول مرة في كلية دارتموث المنسوبة لجامعة رابطة آيفي الأمريكية عام 1956م، ليصف هذا المصطلح قسم (العلوم وهندسة صناعة الآلات الذكية، وبرامج الحاسوب الذكية).

لقد بدأ الذكاء الاصطناعي في خمسينيات القرن الماضي، واستُخدم هذا المصطلح لأول مرة في ورشة عمل عُقدت بكلية دارتمورث لمناقشة موضوع الذكاء الاصطناعي في صيف عام 1956، حيث تضافرت جهود الباحثين من تخصصات مختلفة بهدف الوصول إلى فهم أفضل لكيفية عمل العقل البشري، وحاولوا تخيل شبكة عصبية تحاكي كيفية معالجة العقول البشرية للصور وللكلام.
وفي سبعينيات القرن الماضي ظهر مجال الذكاء الاصطناعي في التعليم كمجال متخصص يتعمق في تناول التكنولوجيا الجديدة للتعليم والتعلم، وتحديدًا للتعليم العالي. وفي تلك الآونة كان الباحثون مهتمين باستكشاف كيف يمكن لأجهزة الحاسوب أن توفر نهجًا أكثر فاعلية في التدريس. ثم استمرت التطورات حتى حدثت الثورة الكبرى في المجال خلال العقد الماضي.

الذكاء الاصطناعي في التعليم
تكنولوجيا جديدة ومتطورة، تمنح المنظومات التعليمية قدرة هائلة على التطوير وتحقيق الأهداف، والوصول إلى جميع الراغبين في التعليم وتقديم المعلومات والمعارف المطلوبة بجودة عالية دون تكاليف مادية باهظة ولا مجهود بدني كبير, ودور الذكاء الاصطناعي في التعليم مثل حلقة الوصل بين المعارف والمعلومات المخزنة والراغبين في تلقي العلم، فيوفر لهم الطرق المناسبة في أي وقت وأي مكان.
حيث يعتبر الذكاء الاصطناعي في التعليم حديث الساعة في المجال التربوي كله، فقد اقتحمت تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) ساحة التعليم وأثرت فيه تأثيرًا ملحوظًا، وما زال الذكاء الاصطناعي يوسع رقعة نفوذه ويحتل مساحات أكثر وأكثر في التجربة التعليمية, وإن العصر القادم هو عصر الذكاء الاصطناعي بكل تأكيد، فقد فرض نفسه على كافة المجالات تقريبًا، ومجال التعليم في طليعتها بالطبع، فتقنيات الذكاء الاصطناعي تعيد تشكل المشهد التعليمي. ولذا، يجدر بجميع المهتمين بمجال التعليم مواكبة معطيات ثورة الذكاء الاصطناعي الحديثة، ومحاولة التعرف على الذكاء الاصطناعي والتعمق فيه لتضمينه في مراحل التعليم والانتفاع من مزاياه.

والذكاء الاصطناعي في التعليم هوعلم من علوم الحاسوب والتكنولوجيا الذي يهيئ الأنظمة الحاسوبية بطريقة تجعلها تحاكي الذكاء الإنساني في التحليل، مما يجعلها قادرة على تقليد وظائف يختص بها الذكاء البشري، مثل الإدراك والتعلم والتفكير وحل المشكلات والتفاعل اللغوي وحتى إنتاج عمل إبداعي، أي أنها تتفاعل مع العالم من خلال القدرات التي نراها خاصة بالبشر.

أمكانية استخدام الذكاء الصناعي في التعليم

تتركز أمكانية استخدام الذكاء الصناعي في التعليم بمايلي:

1. يساهم الذكاء الصناعي في مساعدة المعلمين والمحاضرين من خلال تحريرهم من الاعمال المكتبية التي غالبا ما تستهلك جزء كبيرا من وقتهم، حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في أتمتة معظم المهام العادية بما في ذلك العمل الإداري وتصنيف الأوراق وتقييم أنماط التعلم في المدارس والرد على الأسئلة العامة وغيرها من المهام الإدارية النمطية.

2. تعمل تطبيقات الذكاء الصناعي على تحديث المناهج بصورة تلقائية وسريعة في ضوء الانفجار المعلوماتي والتطور المعرفي المضطرد.

3. يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تقدِّم الدعم المطلوب للطالب خارج الصف الدراسي، فالطلبة الذين يتعلَّمون المبادئ الأساسية في القراءة والعلوم والرياضيات وغيرها من العلوم يعتمدون أساساً على الشرح من معلميهم وأهاليهم لفهم هذه الأسس والقواعد.

4. يمكن للذكاء الاصطناعي تخصيص الدورات التعليمية للمعلمين من خلال تحليل قدرات التعلم لدى الطلاب وتاريخهم التعليمي ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يعطي المعلمين صورة واضحة للموضوعات والدروس التي يجب إعادة تقييمها ويسمح هذا التحليل بوضع أفضل برنامج تعليمي للطلاب.

5. خيارات “الخدمات المتخصصة وفق الاحتياجات” التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي من شأنها أن تساعد على تحسين استماع وتركيز الطلاب. كما إن الروبوتات المتخصصة يمكنها استكمال دور المعلمين ذوي الخبرة في تقديم الدروس المتخصصة والحصص الإضافية لتقوية وتنمية مهارات الطلاب.

مزايا استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم
1. توفير الوقت: تساعد المعلمين في توفير الوقت وتبسيط العديد من المهام الإدارية، حتى يتمكنوا من قضاء المزيد من الوقت في الأمور الأكثر أهمية في التدريس، مثل بناء العلاقات مع الطلاب وإنشاء تجربة تدريس جذابة.
2. التعلم المخصص: توفير تجارب تعليمية مخصصة لطلابهم, بمساعدة أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن للمدرسين تتبع تقدم الطلاب وتحليل نقاط القوة والضعف لديهم وتصميم خطط الدروس لكل طالب على حدة, ويساعد ذلك في ضمان حصول كل طالب على القدر المناسب من الاهتمام والدعم لتحقيق النجاح الأكاديمي.
3. زيادة المشاركة: زيادة مشاركة الطلاب في الفصل الدراسي, باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، يمكن للمدرسين جعل التعلم أكثر جاذبية ومتعة للطلاب على الفور.
4. رؤى مبنية على البيانات: تحليل البيانات وتقديم التحليلات المتعلقة بأداء الطلاب وسلوكهم ومشاركتهم, حيث تساعد هذه البيانات المعلمين على تحديد فجوات التعلم ومراقبة التقدم وتعديل استراتيجيات التدريس الخاصة بهم وفقًا لذلك.

البنية التحتية لعمل الذكاء الصناعي

لا يمكن ان يؤدي الذكاء الصناعي وظيفته في مجال التعليم بدون توافر البنية التحتية اللازمة لذلك، وتتضمن هذه البنية الأساسية سرعة انترنت عالية ومتوفرة وتغطية شاملة ذات تكلفة معقولة, وإذا ما كانت هذه الشروط متوفرة في العديد من دول العالم خصوصا ذات الإمكانيات الاقتصادية الكبيرة فان الكثير من دول العالم، خصوصا النامية منها لا تزال بعيدة عن تحقيق هذه الشروط. كذلك يعتمد نجاح وفعالية استخدام الذكاء الصناعي في التعليم على مدى توافر المعدات الرقمية وتدريب الموظفين الفنيين المختصين، يضاف الى ذلك ضرورة تأمين وحماية البيانات الضخمة التي يتم التعامل معها.

وضع الذكاء الاصطناعي في التعليم
يتم في الوقت الحاضر استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم بطرق مختلفة، من روبوتات الدردشة التي توفر دعم الطلاب 24 / 7 إلى خوارزميات التعلم الشخصية التي تتكيف مع احتياجات كل طالب. ويتم أيضا استخدام الأدوات التي تعمل بنظام الذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام الإدارية، مثل تقدير الواجبات وتقديم الملاحظات. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات كبيرة من البيانات لتحديد الأنماط والرؤى التي يمكن أن تفيد في تطوير استراتيجيات وسياسات تعليمية جديدة. في حين أن هناك العديد من الفوائد لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، إلا أنه يجب معالجة القيود والتحديات. حيث يشعر العديد من المعلمين بالقلق من أن الأدوات التي تعمل بنظام الذكاء الاصطناعي قد تحل محل التفاعل البشري وتؤثر على جودة التدريس في الفصول الدراسية. إن ضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة تكمل المعلمين البشريين بدلا من أن تحل محلهم سيكون مهما في السنوات القادمة.

تحديات الذكاء الاصطناعي في التعليم
بما أن هناك العديد من الفوائد لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، إلا أن هناك أيضا اعتبارات أخلاقية تحتاج إلى معالجة, أحد أكبر المخاوف هو احتمال أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى:
• إدامة التحيزات والتمييز الحاليين في التعليم, بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على خصوصية الطلاب وأمن البيانات.
• احتمال إزاحة الوظائف في قطاع التعليم مع استمرار تقدم التكنولوجيا, مع أتمتة العديد من المهام الإدارية، قد يكون هناك عدد أقل من الوظائف المتاحة للمعلمين وموظفي الدعم.
• عدم ضمان المساواة في الحصول على تعليم الذكاء الاصطناعي لجميع الطلاب يمثل تحديا يجب معالجته.
• عدم التأكد من أن جميع الطلاب، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي والاقتصادي أو موقعهم، يمكنهم الوصول إلى هذه الموارد.

أهم محاور استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم

منذ سبعينيات القرن الماضي كان استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم يتزايد، حيث تطور توظيف الذكاء الاصطناعي في السياقات التعليمية على محاور متعددة، بدءًا من الأدوات المصممة لدعم التعلم والتقييم، والتي تستهدف مساعدة الطالب، ووصولًا إلى استخدامات الذكاء الاصطناعي المصممة لدعم عملية التدريس، أي أنها موجهة لدور المعلم. وأيضًا استخدامات الذكاء الاصطناعي في التعليم المصممة لدعم إدارة المؤسسات التعليمية، أي أنها موجهة إلى النظام الإداري في التعليم. الذكاء الاصطناعي قد يمكّن من تحقيق الأولويات التعليمية بطرائق أفضل، وعلى نطاق واسع، وبتكاليف أقل, فبالامكان أن يُستخدم في تولي العديد من أدوار التدريس والتعلم والإدارة.

1. تقنيات الذكاء الاصطناعي الموجهة للطالب

تستطيع تقنيات الذكاء الاصطناعي الموجهة للطالب إجراء محادثات تشبه المحادثات التي يجريها البشر، وهذا بدوره يفتح الآفاق لإمكانات عملية التعلم المخصصة بما يناسب قدرات كل متعلم على حدة, وكذلك بإمكان تقنيات الذكاء الاصطناعي تصميم مسارات تعلم وأنماط معينة تناسب الطلاب ذوي الإعاقة.

2. تقنيات الذكاء الاصطناعي الموجهة للمعلم

بإمكان تقنيات الذكاء الاصطناعي الموجهة للمعلم أن تتولى بعض المهمات الإدارية التي تحول دون استثمار المعلمين المزيد من الوقت مع طلابهم، فمثلًا يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي وضع خطط الدروس وتصميم أوراق العمل وإعداد الاختبارات والتقييمات، وغيرها من المهمات, هذا إلى جانب إمكانية مساعدة المعلمين على التفكير والتخطيط وتحسين أساليبهم التعليمية.

3. تقنيات الذكاء الاصطناعي الموجهة للنظام الإداري

باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الموجهة للنظام الإداري يمكن لمديري المدارس والمؤسسات التعليمية تحليل قدر هائل من البيانات المعقدة بدقة وذلك لتحديد الجوانب التي يمكنهم تحسينها للارتقاء بالمنظومة الإدارية للتعلم, وكذلك يمكنهم استغلال تلك التقنيات في تنظيم جداول الفصول الدراسية, وهذا فضلًا عن إمكانية توفير قنوات اتصال بأولياء الأمور مدعومة بالذكاء الاصطناعي.

الخلاصة
بما أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على إحداث ثورة في طريقة تفكيرنا في التعليم، فأنه لا يزال هناك العديد من التحديات والمخاوف التي تحتاج إلى معالجة, فمن المهم للباحثين والمطورين والمتخصصين مواصلة استكشاف إمكانات الذكاء الاصطناعي في التعليم والعمل على معالجة التحديات والمخاوف التي قد تظهر مع استمرار هذا النوع من التكنولوجيا في التحسن وتنفيذها في نظام التعليم الحالي.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى