مقالات

الشفاء من التسول و التسوس،،خدمة للوطن

#الشبكة_مباشر_بغداد_د. نـمـيـر نـجـيب نـعوم

بعض الأمراض الأجتماعية والصحية مثل التسول والتسوس قد تبدو منفصلة للوهلة الأولى لكون الأولى تعكس ظواهر فردية او تصرفات لفئة من المجتمع ، أما الثانية فانها غالبا ماتكون فردية وتصيب اشخاصا نتيجة لعوامل طبية وفسيولوجية متعلقة بالخلايا البشرية التي يتكون منها الجسم ومايصيبها من اضرار مختلفة ،،ولكن في كلا الحالتين فأن مايصيب الفرد من اضرار صحية اذا ماتم تعميمه وعدم معالجته والوقاية منه فانه ايضا سيصيب عموم المجتمع وقد يسبب كوارث تؤثر على انشطته ، وقد حدث ذلك عند انتشار الاوبئة وماسببته من كوارث مجتمعية.

فالتسوس على سبيل المثال هو اصابة تؤثر على جزء من اسنان البشر نتيجة للتعفن وعدم النظافة، ويتطور في حالة عدم معالجته الى ثقوب صغيرة تكبر تدريجيا وتؤثر على بقية الأسنان بسبب قربها من بعضها ، فالأسنان مجتمعة تكون في فم واحد محدد المساحة ، وعلاقة حسن الجوار بين الاسنان هي علاقة متراصة ولاتقبل النزاعات الطائفية والسياسية ،،فاما تكون جميعها نظيفة وتتحاظن مع بعضها في السراء والضراء، والا فعند اصابة احد الأسنان بغض النظر عن موقعه وحجمه ومركزه في تقطيع الطعام ، فانه سيعم باضراره وفساده وتلوثه على جيرانه واخوته في نفس الفم !!

ان من يتسبب بالتسوس هي مجموعة جراثيم وبكتريا تقتحم نقاط الضعف في احد الأسنان وتشن عليه هجوما عنيفا لتتمركز في نقاط ضعفه ، ويزداد هجومها ضراوة وقسوة اذا لم يتم القضاء عليها، وبهذا ينتشر التسوس ليعم اسنان الفم جميعها وتبدأ عندها كارثة صعوبة هضم الطعام علاوة على الألام التي عيشها الفرد المصاب، علما بأنه لاتتوفر احصاءات دقيقة عن نسبة المصابين بالتسوس من فئات المجتمع ، وهل ان التسوس يصيب اسنان الفئات الفقيرة المعدومة اكثر من اسنان اصحاب المراكز والسيادة والنفوذ والمتلاعبين بصفقات المزاد الدولارية ، حيث يلاحظ ان الفئة الأخيرة لايصيبها تسوس الأسنان وصحتها في اعلى المراتب ، بالرغم من انهم يمارسون تسوس الفساد ويقومون بتعميمه بشكل علني حتى اضحى واحد من مظاهر المجتمع.

أما التسول فانه ظاهرة وعلة مجتمعية تمتهنها فئة تدعي حاجتها الى معونات نقدية ومادية لسد حاجاتها نتيجة لعوزها وفقرها،، حيث تعتمد هذه الفئة على مظهرها الخارجي البائس وجلوسها قرب الأنقاض وعلى الأرصفة ، ويتغنى قسم منهم عندما يشحذ بابيات شعرية او عبارات دافئة لأثارة مشاعر من يحتاجون اليهم لكي يتعاطفون مع حالتهم ويدلون بدلوهم من نقود او حاجات غذائية.

ومن المثير للعجب ان ظاهرة التسول قد تطورت وفقا للبيئة الألكترونية التي نعيشها ، فهناك الأن برامج متقدمة ورقمية للتسول يتم استخدامها عوضا عن التسول التقليدي المتعارف عليه منذ قديم الزمان، اي هناك تسول عبر الأنترنيت يبدأ بحجة علاج من الأمراض الخبيثة او دفع مصاريف علاجية وطبية ، ويتم توصيل تلك الأعلانات بطرق ذكية وفنية وماكرة تثير احاسيس البعض وتدفعهم للتبرع ببعض الأموال وخاصة للأيتام او المصابين بعاهات مستديمة.

ولعل من اول المظاهر المتخلفة التي يلاحظها سياح اي بلد هي كثرة المتسولين في الشوارع وتفننهم في ابراز مواهبهم داخل اطار البؤس والشقاء لكي يحصلوا على اعانات وهبات، فاذا كان التسول هو ظاهرة اجتماعية فانها بنفس الوقت تهدد البيئة والنسيج الاجتماعي وتحط من قيمة الأشخاص وكرامتهم وتنشر الانحلال الفكري.
ولأن بلدنا بلد الرافدين والخيرات وبراميل النفط ، فانه يتميز عن غيره بانه يقوم باستيراد المتسولين حيث يدخلونه بطرق مختلفة مثل السياحة او زيارة الأماكن المقدسة ، بعد حصولهم على سمة الدخول (( التي من الصعوبة الحصول عليها !!!! ))، ثم يقيمون فيه وعوائلهم لكي يتفرغوا لمهنة التسول، رافعين شعار ” نأكل وننام ونشتري السيارات والحمام “.

مرض التسول له مضاعفات اجتماعية اكثر من التسوس ، وفوق هذا فأن خروج اموال مستخدمي مهنة التسول هو منفذ جديد لاستنزاف المال وتحويله للخارج،،والاهم من ذلك ان بلدنا يتصدر دول عربية عديدة في عدد المتسولين ، بدل ان يتصدر بعدد علمائه وخبرائه والمتميزين في تنمية قطاعاته الأقتصادية .
اللهم ابعد عنا تسوس الأسنان وتسوس المجتمع بمتسوليه الذين يحملون جراثيم وبكتريا ويتسببون برائحة كريهة للفم والمجتمع .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى