مقالات

ابحث عن مقعد ….نضال سواس

الشبكة مباشر

أبحث عن مقعد
مساء الخير
ميلادا مجيدا للجميع
أبحث عن مقعد …وطاولة …ومقهى …في بلد العجائب …حيث كل الأمكنة مغلقة …العيد ببلادهم القطبية يغلق الأمكنة …ونحن … السوريون كما أسمينا غجر القرن تائهون ببحثنا عن الأمكنة … ستكون باردة نعم …لكن نحتاج مكانا يضم دفء الذاكرة ولهب الحنين …
حين لاتمتلك سوى فراغك الخصب بألف فراغ آخر …حين يجتاحك الخواء ويسحقك لتصبح نثارة إنسان فقط ويذروك في فضاءه ….يحق لك أن تبحث عن مقعد ….بعيدا عن مقاعد القطارات المبللة بالمطر وبقايا الثلج ….
ليس لي سوى أن احتسي حروفهم …لأثمل بتخيلي أصواتهم ..ينطقون بها …أمد إليهم بيدي ….اقتطف من سماءاتي كلها بعضا من حروف انثرها حولي لتراقص شوقي وشغفي لما كان من أمكنة ووجوه وأصوات ….أجدها الآن تدور حولي كما فقاعات ينفخها مهرج قد تعملق أمامي واقفا بقدم على جبال بلادي وبالأخرى على أعلى قمة كيبنيكيس في السويد ربما يحمل بهاته الفقاعات أحلام من أطلقوها قبل الرحيل ربما مازال بعضها يطل باحثا عن يد مازالت ممتدة على سطح بحر متماوج تتعلق عبثا بزبد من رجاء أحاط بمن تراموا حولها بلا حراك ..
وجدت الآن أخيرا مقهى ألجأ إليه …جالسة الآن أرقب فقاعات سطح قهوتي ….فقاعات مشاغبة …لا أعلم كيف لها أن تنافس هيمنة تلك الأخرى على أفكاري ….تلك …لها ثقل الحقيقة رغم بعدها في خط مدى الفكر ….لكنها تجثم أكثر على الروح تقترب الآن من الساحة حيث اخترت لنفسي زاوية على طاولة أرقب من زجاج يحاذيها وجوه المارة …وأقواس بشكل رؤوس غزلان تتوج رؤوس الفتيات …تعلوا أشعارهم السكندنافية بلونها البلا تيني …
أتساءل ؟ أتساءل عن رؤوسهم …هؤلاء الذين يقتاتون من أحلامهم جوعا أؤلئك الذين يصبرون انفسهم بالتروي …هنالك تحت الخيام ….على الأرض الغارقة بالمطر وبدموعهم ماذا عن رؤوسهم …ماذا يحميها بهذا البرد ماذا عن شعرهم اله لون الطين كما نراه بالصور …يا لتماسنا الهزيل المخجل …أمد يدي إلى شعري .. أخجل ….أخجل من رائحة عطره وأغرس اصابعي في جلدة رأسي جلودنا حقيقة لكنها صناديق كتيمة تغلق على أمراضنا وأفكارنا …جلود صماء …لكن ماذا جلودهم الناطقة ؟
ماذا عن مسامهم ؟ عن جروحهم ؟ عن تقرحات أصابعهم واقدامهم الحافية ….؟
مهما أردنا وساعدنا ….مانحن بقادرون على إزالة غصاتهم
بعض الكلام له عبث الإهتراء …سيسبح بلا جدوى …فالسماء تهوي علينا بالأمطار وإشارات الإستفهام والتعجب والكثير الكثير من الأقفال ….ولا مفاتيح
كسرت أسنان المفاتيح
بردت قهوتي …لكن غضبي مازال مشتعلا

نضال سواس

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى