مقالات

موت منظم الفرهود شلومو هليل

#الشبكة_مباشر_بغداد_حمزة الحسن

أعلن في إسرائيل يوم ٨ شباط ٢٠٢١ عن وفاة شلومو هليل عن سبع وتسعين عاماً وهو من الشخصيات التاريخية المؤسسة لدولة اسرائيل. مواطن يهودي عراقي ولد في بغداد عام ١٩٢٣، لكن الوجه الحقيقي له هو كل ما يهمنا. هو اليهودي البغدادي الذي هاجر الى اسرائيل وعاد للعراق متنكراً، وقاد فريقاً من الموساد جهاز المخابرات الاسرائيلي ، وحرضوا الغوغاء على اليهود عام 1941 وزرعوا القنابل في الكنس اليهودية لدفع اليهود الى الهجرة الى اسرائيل ووقع نتيجة ذلك قتلى وجرحى ونهب ممتلكات، وتلك الحادثة تعرف عراقياً بفرهود اليهود. يعترف شلومو هليل في كتابه”عملية بابل” صراحة إن العراقيين أبرياء من تلك القضية وانها كانت من تدبيره هو مع فريق كامل من بينهم وزير الدفاع الاسرائيلي في حرب حزيران عام 1967 موشي دايان.

كما يعترف انه قابل نوري السعيد بجواز امريكي مزور كصاحب شركات والطلب منه تسهيل هجرة اليهود مقابل الحصول على مكاسب إقتصادية.

الجزء الأهم من عملية بابل هو الوصم العراقي الراسخ وتحميل العراقيين مسؤولية عمليات النهب الفرهود حتى اليوم، في حين يعترف ادباء يهود من اصول عراقية ومنهم الشاعر ابراهيم عوبديا والبروفسور شموئيل موريه ـ سامي ـ يعترف هؤلاء في كتب ويوميات ببراءة العراقيين من الفرهود.

بل أن الشاعر إبراهيم عوبديا كتب في رسالة إن مفوض شرطة عراقي قد ابلغه سراً بأمر القبض عليه كشيوعي، وهرب عوبديا في الليل الى إيران، وكتبت عن هذه الشخصية العاشقة للعراق في رواية: عزلة أورستا، وتأثر عوبديا بذلك كثيراً.

هناك خاصية في العقل العربي المشرقي هي الثبات على السرديات والمرويات الشفوية بلا فحص ولا مراجعة ولا تأمل ولا تدقيق، وهي خاصية تتعلق بالأحداث الكبيرة وحتى في العلاقات الفردية، والغالب في هذا العقل المستقيل، بتعبير محمد عابد الجابري، هي صفة الاقرار النهائي بكل مروية مرتجلة كحقيقة نهائية، الأمر الذي زور التاريخ وشوه الذاكرة، وحتى في حالة ظهور حقائق جديدة، يجد العقل المستقل نفسه عاجزاً عن الهضم والتغيير والاستبدال، لأن التعايش الطويل مع أوهام يحولها الى جزء بنيوي من الذاكرة، وهو أمر تتعرض له الشعوب كما الأفراد. في اسرائيل نفسها ظهرت حركة المؤرخين الجدد لمراجعة المرويات الرسمية واعادة النظر بها وتقديم الرواية المضادة وقد إنتشرت هذه الحركة في الغرب وفي الدول الاسكندنافية وخاصة السويد، ودخلت هذه الحركة في المحظورات التاريخية وهدمت التاريخ الرسمي وتعرض بعض أفرادها للمحاكم ورواية شيفرة دافنشي لدان براون تنتمي لهذا التوجه في رواية المسكوت عنه واللامفكر فيه والمنسي. لكن كما كل شيء بالمقلوب عندنا وبدل ظهور حركة المؤرخين الجدد، ظهرت حركة الدجالين الجدد لا لكشف التاريخ المزور والملفق، بل لتحويل الأساطير والأكاذيب الى حقائق، بحيث تصبح الأساطير واقعاً، ويصبح الواقع أسطورة. اضف الى ذلك ‏أن هذا الكتاب من تأليف اليهودي العراقي شلومو هليل ‏عملية بابل أو ما يسمى في اللغة الإنجليزية Operation Babylon ‏هو ليس بكتاب جديد، ‏حيث انه صدر في الولايات المتحدة في أوائل الثمانينات وأنا شخصيا قرأته وتمعنت فيه.

‏ومما أثار دهشتي ‏في حينها هو كل المفاهيم المقلوبة على موضوع الفرهود اليهودي في العراق والظلم الذي اصاب اليهود في حينها حيث أن الحقيقة عكس ذلك تماما فكما وردفي الكتاب قام شلومو هليل ‏عميل المخابرات الإسرائيلية الموساد بالتنسيق مع موشي ديان ‏وكبار المسؤولين في إسرائيل في حينها وبالتنسيق أيضا مع حاخامات اليهود في العراق ومع رئيس الوزراء العراقي توفيق السويدي ‏بتنظيم عملية هجرة واسعة عن طريق الجو من مطار المثنى وبعلم الحكومة العراقية في حينها. مغادرة يهود العراق وطنهم مرغمين في أغلب الحالات ومعهم رؤوس اموالهم وممتلكاتهم كاملة ‏حيث خرج هؤلاء مكرمين ومعززين ‏على متن طائرات خاصة من مطار المثنى يقودها طيارين أمريكان وبإشراف المدعو Shlomo هليل ووصلوا إلى إسرائيل بأمان وسلام ومن ‏دون أي مشاكل أو ضحايا وبدعم وموافقة وتعاون تام مع الحكومة العراقية وبعدها تم تكريم المدعو شلومو هليل ‏من قبل الحكومة الإسرائيلية لجهوده في إخراج يهود العراق إلى إسرائيل حيث كان هؤلاء من أغنى يهود إسرائيل واكثرهم علما وثقافة وبالتالي اصبح شلومو هليل، بطل قومي وعضو برلمان في الكنيست الإسرائيلي لسنين طويلة، ثم اصبح رئيس الكنيست الاسرائيلي. وكتب مذكراته في الثمانينات.
……………..

التاريخ واضح ويثبت انه، لم يتم ظلم اليهود في ارض الرافدين أبداً. صحيح ان نبوخذنصر الثاني جاء بهم الى بابل كأسرى ولكنهم سرعان ما اكتسبوا حريتهم وحقوقهم كمواطنين عندما اصبح احدهم (النبي حزقيال) وزيرا للملك البابلي وكفل اليهود بالذهب لدى ملك بابل ولهذا سمي ذو الكفل. وبعدها اصبحوا موظفين في الدولة البابلية وتجار وحرفيين واطباء واحترمت ديانتهم وحقوقهم في بلاد الرافدين ونجحوا في التأقلم وأبدعوا في كل شيءٍ. حتى ان التوراة كتبت ودونت رسميًا في بابل والتلمود ايضا. وعندما غدروا في بابل واتفقوا سراً مع كورش (Cyrus the Great)، ملك ألدولة الاخمينية لإسقاط بابل سمح لهم الملك الفارسي بالعودة الى اورشليم واعادة بناء معبد سليمان، رجع بعضهم ولكن الغالبية ضلوا في بأبل اختيارًا لحسن احوالهم وضلوا مسيطرين على المال والتجارة. واستمر الوضع على ما هو عليه في ظل حكم الاسكندر الاكبر والدولة السلوقية والبارثية والساسانية وحتى في العصر الاسلامي الاموي والعباسي والعثماني والصفوي، ضل اليهود في احسن حال ولم يترك اكثرهم ارض الرافدين. وحتى في تأسيس المملكة العراقية الهاشمية كان اول وزير مالية عراقي ساسون حسقيل يصول ويجول وسلم اليهود امور المال والصيرفة والتجارة. عام ١٩٣٢ م يوضح سجل غرفة تجارة بغداد وجود ١٧ تاجر يهودي من الدرجة الاولى من اصل ٢٣ تاجر. في وقتها كان تصنيف تاجر الدرجة الاولى ٢٥٠٠٠ دينار عراقي. فكيف ظلم العراق اليهود؟؟

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى