مقالات

الحبوبي ..في ساحة الميدان…د. كاظم المقدادي

الحبوبي ..في ساحة الميدان

منح منصب امانة بغداد ..لمهندس معماري .. لانه كان ناجحا ، ومتالقا بانجازاته المعمارية ، قد لايكفي .. لان المعيار الاداري الصارم ، هو ما تحتاجه امانة بغداد بوضعها الحالي .. لكي يرسم الامل والابتسامة على وجه بغداد الحزين ، ونخلصها من بثورها ، و شوائبها ، ونوائبها .. فبغداد اليوم مثقلة بالتشويهات المعمارية القاتلة ، وبترسبات ذوقية مخجلة ، ولطخات لونية وضوئية مستهجنة .
هذه الاخفاقات ، والترهلات .. مع مشاهد كتل النفايات ، وطفح المجاري ، في الشوارع والازقة والساحات .. ضغطت جميعها على ذوق البغداديين ونفوسهم ، وغيرت من طباعهم .. وزادت من نفورهم ، ولم تعد بغداد ذهب الزمان ، كما انشدتها فيروز .. بل هي اليوم لوعة الزمان ، وفعل ما كان .. بعد ان تراجعت الثقافة البصرية ، وحلت الثقافة الوضعية ، ولم يتغن بعاصمة الكون اديب ، ولا شاعر ، ولم يمتدحها كاتب ماهر .. ومن اين ياتي ابداع الكتابة وزهوها ، وبغداد قد ابتليت .. بامناء جهلة ، لا يحسنون بلاغة الكلام ، ولا يجيدون لغة الذوق والارقام .. ولم يحافظوا على الامانة التي كلفوا بها ، فصارت لهم تشريفا واستعلاء ، وثروة وهناء ، وتعاملوا مع البغداديين بصلف واستهانة .. ولا فرق عندهم بين اهل الجمال ، وقبح البطانة .. فانتكست البيئة البغدادية ، وتخبطت ، وزبدت ، وانتجت بدورها اجتهادات معمارية هزيلة ، لا تصلح حتى لمدينة بدائية ، وظلت بغداد خجولة ، مختفية وراء اقواسها ، ملبوخة ، ومنثورة ، وبالاسمنت موسومة ، الى ان جاء موعد فطامها .. وتم تغليف واجهاتها بالمنيوم ملون مستورد ( چينكو ) وبالوان ريفية .. ليخفي ما تبقى من جماليات الشناشيل ، والطابوق البابلي الجميل ، واختفت او تكاد الفنون البغدادية القديمة ، واللمسات المعمارية العظيمة ،
وها نحن اليوم .. امام جرائم معمارية مشينة ، وعشىوائيات اليمة ، سمح بانتعاشها ، الامين الاسبق صابر السقيم ، وزاد من بشاعتها عبعوب اللئيم .. بينما ظلت السيدة ذكرى حائرة تائهة ، بين الرصافة ، والجسر .. وبين عيون المها ، والخصر .

هكذا هو حال بغداد اليوم .. ايها السيد الامين ، فلا هي مؤتمنة من امنائها ، ولا هي سالمة من عبث ساكينيها .. وباتت مؤطرة بخريطة معمارية هجينة ، وعجيبة ، لا تليق بتاريخها ، وجمالها ، ، وهي التي كانت يوما عاصمة للخلافة العباسية ، ومنارة للثقافة ، والحداثة الانسانية .
رسالتي اليك .. وانت المنهل المعماري الواعد .. ان تقوم بجولة العزيز ، مع رهط من اهل بغداد.. وتقف وسط ساحة الميدان ، وتتذكر باصاتها الحمر ، وعروس الشطآن ، وتذهب خاشعا الى المدرسة المستنصرية ، وترى ما حل بها من اهمال وشر الرعية ، وتتقصى اسباب اختفاء مكتبة مكنزي ، والمقهى البرازيلية ، وسينما الزوراء والخيام ، والمسارح الفنية ، وتعيد الق شارع الرشيد ، باعمدته ، والشناشيل المنسية ، وتعيد افتتاح الاورزدي .. اول مول في البلدان العربية .

وعليك تقع مهمة تنظيم سوق هرج ، والحد من تجاوزاته ، وتعيد انتعاشة سوق الصفافير و بداياته ، وتمر بالشورجة ، وسوقها الاثير ، فقد تعبت من حرائقها ، و ملت من اصوات الصفير .
فهل توعدنا خيرا لبغداد ، وسلاما لاهلها ، وتعتمد على من هم اقرب للكفاءة ، والنزاهة ، من المهندسين المعماريين ، و المدنيين ، والزراعيين ، والرسامين ، من الذين ولدوا في بغداد واحبوها ، وعشقوها .
واخيرا.. ليكن حبك لبغداد عنوانا ، والعمل من اجلها ميزانا ، فاسهر من اجلها ، واعد مجدها .. فاذا استعادت بغداد عافيتها .. فسيتعافى العراق بفضلها ..& د كاظم المقدادي

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى