شرعت لجنة مكافحة الفساد الحكومية بالتحرك نحو مراقبة عملية تهريب الأموال من العراق إلى الخارج، بدعم ومساندة من قبل الاتحاد الأوروبي الخزانة الأمريكية، في محاولة لجمع أكبر عدد من الوثائق والأدلة التي تدين شخصيات سياسية ومتهمة بتهريب وسرقة الأموال العراقية حسب مصادر من بغداد.
و جاء التحرك بعدما اعترضت الأحزاب والكتل والزعامات السياسية على نية لجنة مكافحة الفساد مطاردة وملاحقة أكثر من (13) رئيس كتلة، ومحاولتها إلقاء القبض عليهم لاتهامهم بعمليات فساد مالي وإداري، وأبلغت الكتل رئيس الحكومة في آخر اجتماع لها معه إلى إرجاء هذه الملاحقة وعدم إثارتها.
وأشار مصدر مطلع رفض الكشف عن هويته في تصريح لـلصحيفة المحلية أن لجنة مكافحة الفساد الحكومية التي يقودها الفريق أحمد أبو رغيف بدأت بمراقبة عمليات التحويل المالي والمتعلقة بأرصدة ومصارف خارجية لغرض جمع الأدلة وتتبع التعاملات المالية لشخصيات متهمة بعمليات تهريب الأموال.
وفي تقرير لـلصحيفة المحلية نشر في الخامس من شهر تموز الماضي كشف عن عزم لجنة مكافحة الفساد مطاردة أكثر من (200) شخصية سياسية نافذة قسم منها من قيادات الصف الأول، وأضاف التقرير أن قرارات إلقاء القبض ستكون جاهزة لملاحقة هؤلاء المطلوبين بين منتصف شهر تموز الجاري وشهر آب المقبل.
لكن هذه المساعي تعطلت وأجهضت بسبب ضغوط مارستها الأحزاب والكتل والزعامات السياسية على اللجنة الحكومية لإيقاف عملها أو إرجائه لحين الانتهاء من الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في العاشر من شهر تشرين الأول المقبل
أما عن توفر الإمكانية للجنة مكافحة الفساد لمراقبة أو تتبع عملية التحويل المالي والأرصدة المودعة لهؤلاء السياسيين في مصارف أجنبية يوضح المصدر أن “لجنة أبو رغيف تعمل بمعية ومساعدة دولة من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية لرصد حركة تحويل الأموال من العراق إلى الخارج، لجمع أكبر عدد ممكن من الأدلة والبراهين لإدانة اولئك الفاسدين”.
وبحسب جهات رقابية معنية بمكافحة الفساد فان الأموال العراقية المهربة للخارج تقدر بنحو 500 مليار دولار، متهمة سياسيين عراقيين يمتلكون جنسيات أجنبية قاموا بعمليات تهريب وسرقة الأموال العراقية إلى الخارج.
وعلى صعيد ذي صلة، عُرضت أمام لجنة أبو رغيف ملفات وزارات الكهرباء والصحة والصناعة والتجارة التي فيها هدر للمال، وتجري الآن عمليات التدقيق لملاحقة الفاسدين والسراق من اجل إصدار مذكرات قبض، بحسب المصدر. ويبين المصدر أن “رؤساء الكتل السياسية، ابلغوا رئيس الحكومة في آخر اجتماع لها معه على إرجاء مطاردة رؤساء ورموز الكتل السياسية المتهمين بعمليات الفساد المالي والإداري لحين الانتهاء من الانتخابات البرلمانية”، مضيفا أن الاتفاق توصل إلى ملاحقة بعض الموظفين الصغار خلال الفترة المقبلة والذين لا يتجاوز عددهم الخمسة موظفين متهمين بالفساد المالي.
ويشير المصدر إلى أن “عدد رؤساء أو رموز الكتل السياسية المطلوبين للقضاء وفقا لتحقيقات لجنة مكافحة الفساد بلغ نحو (13) شخصا من مجموع (25) رئيس كتلة سياسية”، مضيفا أن “الاتفاق منح الضوء الأخضر لرئيس الحكومة ولجنة مكافحة الفساد لمطاردة الأسماء الصغيرة (الموظفين الصغار)، يتراوح عددهم بين خمسة إلى ستة أسماء”.
وكانت عضو اللجنة عالية نصيف ذكرت في تصريحات صحفية أن “لجنة مكافحة الفساد كان لها رأي واضح بضرورة إشراك المؤسسات الدستورية في مكافحة الفساد وعلى رأسها هيئة النزاهة”، مبينة أن “لجنة النزاهة كسلطة تشريعية ورقابية قبلت بلجنة أبو رغيف لأن حجم الفساد كبير”.
وأشارت إلى أن “هناك تنسيقاً مع لجنة مكافحة الفساد وأن صلاحيات هذه اللجنة كبيرة في محاربة الفساد من دون وجود تأثير سياسي على عملها”، مشيرة إلى أن “لجنة مكافحة الفساد اقتربت من بعض الأدوات التنفيذية لمنظومات الأحزاب والاقتصاديات التابعة لتلك الأحزاب”، مؤكدة أن “اللجنة حققت نجاحا نوعيا ولكنه يجب أن يشمل كل المفسدين الفاعلين في اقتصاديات الأحزاب”.
من جانبه، لفت سعيد ياسين موسى، عضو مجلس مكافحة الفساد السابق في تصريح للصحيفة المحلية إلى “ان هناك مذكرات قبض صدرت في السنوات الماضية ولم تنفذ ولكن في العام 2019 تم فرزها إذ وصل عددها إلى (12) ألف قضية”، مبينا أن سبب “عدم تنفيذ مذكرات القبض بحق المطلوبين كان بسبب النفوذ السياسي”.
وفي نهاية شهر آب من العالم 2020 شكل رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي لجنة دائمة للتحقيق في قضايا وعمليات الفساد برئاسة الفريق أحمد أبو رغيف، وكلف جهاز مكافحة الإرهاب بتنفيذ القرارات الصادرة عن هذه اللجنة.وبين موسى أن “لجنة مكافحة الفساد الحكومية تابعت هذه الملفات وأحالت الكثير من هذه الملفات إلى القضاء بعدما تيقنت من وجود ادلة على تورط الكثير من الشخصيات بالفساد المالي والإداري”.
وأضاف أن “هذه اللجنة تحتاج إلى دعم سياسي من اجل تنفيذ كل مذكرات القبض وملاحقة كل الفاسدين وتقديمهم للقضاء”، مبينا أن اللجنة مهما عملت يبقى عملها غير كافٍ من حيث الزمن والتحقيقات التي تتطلب وثائق وشهودا.
وأكد الخبير في مكافحة الفساد أنه “رغم الصعوبات التي واجهت اللجنة الحكومية إلا أنها عملت ما يمكن تنفيذه وأحالت ملفات كثيرة للقضاء”، مستدركا “لكن يبقى الدعم السياسي محدودا وغير كافٍ لمساعدة هذه اللجنة لإنجاز كل الملفات”.
ومنذ تشكيل اللجنة من قبل رئيس الحكومة في شهر آب الماضي، أصدرت أوامر قبض بحق عدد كبير من الشخصيات السياسية والإدارية من بينهم رئيس حزب الحل جمال الكربولي، بعد أن كلف جهاز مكافحة الإرهاب بتنفيذ القرارات الصادرة عن اللجنة.
والفساد الذي شهده العراق كبير جدا، والأموال التي تم هدرها تتراوح بين ثلاثمائة وأربعمائة مليار دولار أي أن عددا كبيرا من السياسيين العراقيين تورطوا بالفعل بصفقات الفساد.وشدد سعيد ياسين على أن “الفساد له عرابين كبار، وأن الأسماء السياسية والاجتماعية والإدارية المتورطة بالفساد ما هي إلا أدوات”.
هذا و لم يحدد التقرير اسماء رؤساء الكتل المتهمين بالفساد و الدول الاوربية التي ستساعدها في ملاحقة المتهمين و ما اذا كانت الحكومة جادة بمحاسبة تلك الشخصيات التي تملك اصواتا برلمانية يمكنها ان تسحب الثقة من الحكومة