أدب وفن

بيرم التونسي و قصيدته الرائعة القلب يعشق كل جميل التي غنتها أم كلثوم و أبدعت فما قصتها و من هو ؟

#الشبكة_مباشر_بروكسل_أمينة بنزاري

اختفى الشاعر بيرم التونسي لفترة .. واعتقد الناس أنه سجن أو تم نفيه كالمعتاد ..

وكانت المفاجأة انه لبى نداء ربه للحج مع معرفة الناس به بقلة تدينه … وهناك في الروضة الشريفة كتب أروع ما كتب عن لقاء العبد بربه في الحج بعاطفة جياشة ونور ومحبة في جو روحاني عظيم ..

وكتب قصيدته الرائعة القلب يعشق كل جميل والتي غنتها أم كلثوم وابدعت بها ..

‏القلب يعشق كل جميل
ويا ما شفتي جمال ياعين
واللي صدق فى الحب قليل
وإن دام وصاله يوم ولا يومين
واللي هويته اليوم دايم وصاله دوم
لا يعاتب اللي يتوب ولا بطبعه اللوم.
واحد مفيش غيره ملى الوجود نوره
دعاني لبيته لحد باب بيته
ولما تجلى لي بالدمع ناجيته

كنت أبتعد عنه وكان يناديني
‏ويقول مصيرك يوم تخضع لي وتجيني
طاوعني يا عبدي طاوعني أنا وحدي
مالك حبيب غيري قبلي ولا بعدي
أنا اللي أعطيتك من غير ما تتكلم
وأنا اللي علمتك من غير ماتتعلم
واللي هديته اليك لو تحسبه بإيديك
وتشوف جمايلي عليك
من كل شيء أعظم
سلم لنا سلم لنا .. تسلم

ولد بيرم في حي الأنفوشي بالإسكندرية في الثالث والعشرين من مارس من العام 1893 فعاش طفولة فنية، يرجع الفضل فيها إلى والده، فقد كان فنانًا بالفطرة. كان محمد مصطفى يستأجر شعراء الربابة الذين يُنشدونه، قصص السيرة الهلالية وغيرها من السير الشعبية، كل هذا والأب يقوم بعمله ويسمع بأذنيه، بينما بيرم يسمع بكل كيانه وليس بأذنيه فقط، من تلك الساعات عرف بيرم الفن.

التعليم في زمن طفولة بيرم لم يكن متاحًا إلا في الكُتّاب، وتعليم الكتاتيب لم يكن أكثر من معرفة مبادئ القراءة والكتابة وحفظ بعض سور القرآن الكريم، ثم النابغ يلتحق بالأزهر الشريف أو المدارس العامة إن استطاع إليها سبيلًا، -أكتب هذا وأنا أنظر في عيون عبيد الاحتلال الذين يتباكون على عظمته! –

عندما وصل بيرم إلى الثانية عشرة من عمره مات أبوه، فلم يواصل التعليم في الكتّاب ولم يذهب لأي مدرسة كانت.

بعد موت الأب تزوجت أم بيرم، لكنها ماتت بعد زواجها بفترة قصيرة وهى في ريعان شبابها. كان بيرم أيامها ابن سبع عشرة سنة، فعرف مذاق اليتم الكامل.

لجأ بيرم للعيش في بيت أخته لأبيه وكانت تكبره بسنوات كثيرة، لكنها لم تكن تحبه، فقد كانت تُحصي عليه حركاته وسكناته وكانت تضيق بأي خدمة تؤديها إليه. وفي تلك السنوات خسر بيرم نصيبه من مصنع أبيه، فتأمل أي حياة عاشها شاعرنا؟.

فنون البقالة
في سنوات ضياعه لم يكف بيرم عن القراءة، لقد صادق طلابًا من الأزهر، فراح يستعير كتبهم ويطالعها حرفًا حرفًا، ثم بدأ رحلة شراء الكتب حتى وقع بين يديه كتاب عن عروض الشعر، فجن به، لأنه الكتاب الذي سيغير مجرى

حياته. لقد عرف بيرم بحور الشعر وأوزانه فتدفق شعره حتى خاف منه أمير الشعراء أحمد بك شوقي على الفصحى، والأمير في هذه ظالم لبيرم، فبيرم ابن شرعي للفصحى وإن كتب بلهجة مصر.

أسس بيرم محلًا للبقالة، وتزوج من ابنة عطار يجاوره، وكان العطار رحيمًا به ويتولى ضبط أموره المادية.

من خارج المذكرات أنقل: «ماتت زوجة بيرم وقد تركت له ولدين (محمد ونعيمة) فلم يستطع أن يعتني بهما فتزوج بعد وفاة زوجته بـ 17 يومًا».

كان بيرم يبيع لزبائنه بعين ويقرأ بالثانية، فكبرت ثقافته ولكن بقالته كسدت، فقد قام أحدهم بافتتاح مقهى أمام بقالة بيرم، وكان رواد المقهى يغازلون النساء اللاتي يترددن على بقالة شاعرنا، فكفت النساء عن الحضور فبارت سلع بيرم.

من البقالة ذهب بيرم لمهنة لا يعرف عنها شيئًا، لقد حاول أن يكون صيادًا، فشارك صيادًا محترفًا في قارب، وخرج معه للصيد، وكانت ليلة خروجه مظلمة بحرها هائج، تكاد أمواجه تحطم القارب، وبيرم لا يعرف السباحة، فترك

المهنة من أول ليلة.

في تلك السنوات كان سم الاحتلال قد تمكن من جسد الوطن، فكانت الضرائب القاسية تجلد ظهر الشعب، وكان محصلو الضرائب يستعينون بالمجلس البلدي الذي كان كل موظفيه من الأجانب في فرض الضرائب على أي بناء، بل على أي نشاط يقوم به مواطن مصري.

وقد طالب المجلس بيرم بضرائب مبالغ فيها، بل حجز على بيته، وهنا تدفقت شاعرية بيرم بقصيدته الشهيرة «المجلس البلدي» والتي يقول فيها :

قد أوقع القلبَ في الأشجانِ والكمدِ

هوى حبيبٍ يُسمّى المجلس البلدي

ما شرّد النومَ عن جفني سوى

طيف الخيال، خيال المجلس البلدي

كأنّ أمي أبلّ الله تربتها

أوصت فقالت: أخوك المجلس البلدي

يا بائع الفجل بالمليم واحدةً

كم للعيال؟ وكم للمجلس البلدي؟.

وبمناسبة هذه القصيدة، ليس صحيحا القول إنها أول شعر قاله بيرم. فقد كان قبلها يراسل الصحف بقصائده، فتنشرها تحت أسماء مستعارة، لكي لا تقدم للشاعر أي مقابل مادي عن قصائده. لكن مع هذه القصيدة على وجه

التحديد (المجلس البلدي)، خافت الصحيفة من تحمل مسئولية نشرها منفردة، فنسبتها لصاحبها، فذاعت بين الناس، حتى أن بيرم نشرها في كتيب باع في أسابيع مئة ألف نسخة، وكانت النسخة الواحدة تباع بخمسة مليمات.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى