كلمة العددمقالات

ثورة الحسين بن علي بن أبي طالب (سبط الرسول) الذي قتل في كربلاء مفخرة للمسلمين جميعآ

#الشبكة_مباشر_القاهرة_الباحث أحمد رفيق خضير

عاشت الأمة في ظلال دولة الخلافة الراشدة تستمد سياساتها من النبع الصافي الكتاب والسنة وكانت الأمة تمارس حقها في اختيار خليفتها دون افتئات على هذا الحق من الخلفاء والزعماء وقد بين هذا الحق بوضوح الخليفة الراشد عمر بن الخطاب حين قال فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا (صحيح البخارى- باب: رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت- 8/168- رقم: 6830).

لكن مع انتهاء عصر الخلافة الراشدة ومجيء فترة الملك العضوض تغير الأمر وأراد معاوية إجبار الناس على بيعة ابنه يزيد ووقف خطيبا في أهل المدينة قائلا: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه، فلنحن أحق به منه ومن أبيه، قال حبيب بن مسلمة فقلت لعبد الله بن عمر: فهلا أجبته؟ قال عبد الله: فحللت حبوتي، وهممت أن أقول: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع، وتسفك الدم، ويحمل عني غير ذلك، فذكرت ما أعد الله في الجنان، قال حبيب: حفظت وعصمت (صحيح البخاري، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب، 5/110، رقم: 4108). واعترض على هذه البيعة خمسة من كبار الصحابة وهم: الحسين بن علي، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وعبد الله بن العباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير جميعا. وحاول معاوية أن يقنعهم ببيعة يزيد فأبوا أن يبايعوا ورأوا أن هذا مخالف لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم في الحكم.

لقد كانت لثورة الحسين أثرها الكبير في نفوس الأمة، وللأسف الشديد الارتباط الذي صاحب هذه الذكرى باحتفال الشيعة بذكرى استشهاد الحسين وهم من ضمن قتلته حين غدروا به وجعلوا سيوفهم عليه بعد أن بايعوه
وكان من أشدهم موقفا في هذه المعارضة عبد الرحمن بن أبي بكر فحين طلب مروان بن الحكم البيعة من أهل المدينة قبل مجيء معاوية إليها قام فيهم خطيبا وكان أمير المدينة وقتها فحض الناس على الطاعة وحذرهم الفتنة ودعاهم إلى بيعة يزيد، وقال مروان سنة أبي بكر الراشدة المهدية واستدل على ذلك بولاية العهد من أبي بكر لعمر، فرد عليه عبد الرحمن بن أبي بكر ونفى أن تكون هناك مشابهة بين هذه البيعة وبيعة أبي بكر وقال قد ترك أبو بكر الأهل والعشيرة وعمد إلى رجل من بني عدي بن كعب إذ رأى أنه لذلك أهل فبايعه ثم قال هذه البيعة شبيهة ببيعة هرقل وكسرى ثم حدث بينه وبين مروان نزاع وجاء في رواية أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال يا معشر بني أمية اختاروا منها بين ثلاثة بين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سنة أبي بكر أو سنة عمر ألا وإنما أردتم أن تجعلوها قيصرية كلما مات قيصر كان قيصر، فقال مروان: خذوه، فدخل بيت عائشة، فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه: وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي (الاحقاف: 17)، فقالت عائشة رضى الله عنه من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري (صحيح البخاري، كتاب: تفسير القرآن، باب: وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ، 6/133، رقم: 4827).

ثم مات عبد الرحمن قبل معاوية ولم يشهد الأحداث بعد ذلك، وبايع ابن عمر وابن عباس يزيد بالخلافة حين بايعه الناس، وبقى معارضا الحسين بن على وعبد الله بن الزبير ومن على رأيهم. والحقيقة لولا موقف الحسين ومن معه من فريق المعارضة، لأصبح الجور والظلم له مرجعية شرعية باتفاق الأمة على بيعة يزيد قهرا. فخروج الحسين إلى الكوفة هو خطأ من الناحية التكتيكية ولم يكن خطأ شرعيا كما وصفه بذلك بعض فقهاء مرحلة الملك العضوض فحين هم الحسين بالخروج لم ينهه كبار الصحابة في وقته عن فكرة الخروج كما يشاع وإنما نهوه فقط عن الخروج للكوفة وها هي بعض الوصايا التي نصحه بها كبار الصحابة والتابعين.

فلقد قال له أخوه محمد بن الحنفية تَنَحّ ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت، ثم أبعث رسُلَك إلى الناس فادعهم إلى نفسك، فإن بايعوا لك حمدنا الله على ذلك، وإن أجمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك، ويذهب به مروءتك ولا فضلك أني أخاف أن تدخل مصراً من هذه الأمصار وتأتي جماعة من الناس فيختلفون بينهم، فمنهم طائفة معك، وأخرى عليك فيقتلون فتكون لأول الأسنة (انظر انساب الاشراف للبلاذرى 4/15-16). وقال له عبد الله بن العباس شيخ آل هاشم في وقته “أخبرني إن كان دعوك بعد ما قتلوا أميرهم، ونفوا عدوّهم، وضبطوا بلادهم، فسر إليهم، وإن كان أميرهم حيّا، وهو مقيم عليهم، قاهر لهم، وعماله تجبي بلادهم، فإنّهم إنما دعوك للفتنة والقتال، ولا آمن عليك أن يستفزّوا عليك النّاس، ويقلبوا قلوبهم عليك، فيكون الذي دعوك أشد النّاس عليك.

وزاد فقال له من الغد: يا ابن عمّ، إنّي أتصبّر ولا أصبر، وإنّي أتخوّف عليك في هذا الوجه الهلاك، إنّ أهل العراق قوم غدر! فلا تغترنّ بهم، أقم في هذا البلد حتى ينفي أهل العراق عدوّهم ثمّ أقدم عليهم، وإلاّ فسر إلى اليمن فإنّ به حصوناً وشعاباً، ولأبيك به شيعة، وكن عن الناس بمعزل، واكتب إليهم وبث دعاتك فيهم، فإني أرجو إذا فعلت ذلك أن يكون ما تحب.. فإن كنت ولا بدّ سائراً، فلا تَسِر بأولادك ونسائك، فوالله إنّي لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه. (الكامل في التّاريخ 2/ 546). ومن هنا نرى أنهم لم يحذروه من مخالفة شرعية وإنما بينوا له غدر شيعية أهل العراق وأنهم يتخوفون عليه من القتل والغدر ولو كان هناك فهما مجمعا عليه وواضحا بين الصحابة لردوه إلى كتاب الله وسنة نبية وكان الأجدر بسيد شباب أهل الجنة أن يلتزم بكتاب الله وسنة نبيه.

لقد كانت لثورة الحسين أثرها الكبير في نفوس الأمة، وللأسف الشديد الارتباط الذي صاحب هذه الذكرى باحتفال الشيعة بذكرى استشهاد الحسين وهم من ضمن قتلته حين غدروا به وجعلوا سيوفهم عليه بعد أن بايعوه، هذا الموقف جعل أهل السنة يبعدون أنفسهم عن الاحتفال والفخر بحفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي خرج للاصلاح في أمة جده، والأجدر في هذا أن نقول (نحن أحق بالحسين منهم) فجهاد الحسين ومن معه من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك ثورة ابن الزبير رضى الله عنهما أظهرت أن الأمة لم تمت كما يحاول البعض أن يصورها، بل قاومت الملك العضوض بكل ما استطاعت من قوة ولكن كانت أقدار الله نافذة ولا راد لقضائه. فرضي الله عن سيد شباب أهل الجنة أول ثائر بحق فى الإسلام وجمعنا به في ظل عرش الرحمن.

الحسين بن علي بن أبي طالب.. سبط الرسول الذي قتل في كربلاء

الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم (ابن ابنته فاطمة الزهراء) ولد عام 4هـ، وعاش في كنف النبوة، وأحبه النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال “حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا”. وقد قتله عبيد الله بن زياد مع 18 من أهل بيته وعشرات من أنصاره زمن تولي يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الخلافة.

المولد
ولد الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي رضي الله عنه، ابن السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الثالث من شعبان من العام الرابع الهجري، الموافق لـ10 يناير/كانون الثاني 626م.

وهو ثاني أبناء الإمام علي والسيدة فاطمة، بعد الحسن الذي ولد يوم 15 رمضان من السنة الثالثة للهجرة، فيكون بين الأخوين نحو 11 شهرا و11 يوما، وذلك بعدما مضى على زواج علي وفاطمة رضي الله عنهما نحو عامين و6 أشهر، وكان عمر الإمام علي حينها نحو 27 عاما، وعمر السيدة فاطمة نحو 22 عاما.

وجاء مولد الحسين بعد نحو 3 أشهر من وفاة حفيد آخر للرسول عليه الصلاة والسلام، هو ولد ابنته أم كلثوم؛ عبد الله بن عثمان بن عفان، وبعد وفاة أخي النبي من الرضاعة أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن مخزوم القرشي، ابن عمة الرسول برة بنت عبد المطلب، ورضيع ثويبة مولاة أبي لهب التي أرضعت الرسول.

وقد فرح الرسول صلى الله عليه وسلم بولادة الحسين فرحا شديدا، فقد جاء في الخبر أن النبي لما عرف خبر المولود جاء إلى بيت علي فقال “أروني ابني، ما سميتموه؟”، فقال علي: حرب. فقال الرسول “بل هو حسين”، وكذلك سمى الحسن معترضا على اختيار علي اسم “حرب” أيضا، ولم يكن اسما “الحسن” و”الحسين” معروفين عند العرب.

النشأة في كنف النبوة
عاش الحسين في رعاية جده رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ست وسبع سنوات من طفولته الأولى، وناله حظ كبير من العطف النبوي، ورأى الرسول في الحسنين نسله وذريته، ورويت أخبار كثيرة في ذلك.

فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يذهب إلى بيت السيدة فاطمة فيقول لها “ادعي لي ابنيّ”، وحين يراهما يشمهما ويضمهما. وكان ينادي الحسين بدعابات عربية مشهورة فيقول: “ادعوا لي لكع” أي الصبي الصغير.

وكان يلاعبهما ويحملهما على كتفه فيهدهدهما ويقول لكل منهما “حزقة حزقة ارق بأبيك عين بقة”، فيصعد كل منهما على عاتقه. و”حزقة”: الصغير البدين الذي يتعثر في خطواته، و”عين بقة” يا أيها الصغير.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقبل على الحسن والحسين بكل الحدب والحنو ورقة القلب، حتى إنه لينزل من المنبر حين يراهما يجريان في ساحة المسجد يتعثران في ثوبيهما ويتلو {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَة}.

ويصلي ويسجد فيرتقيان على كتفيه فيطيل السجود حتى يظن الناس أن أمرا حدث أو أنه يوحى إليه، ثم يقول بعد تمام الصلاة “ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجّله”. ويحملهما على كتفيه وهو يعلّم أصحابه. وكان يمر ببيت فاطمة فيسمع بكاء الحسين فيقول “يا فاطمة أسكتيه ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني”، ثم يأخذه ويمسح دموعه ويضمه ويرضيه.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى