مقالات

الاقتصاد ومتغيراته الاستراتيجية طبقا للعلاقات السياسية محلي إقليمي دولي بقلم: د. المستشار / إبراهيم الزير.

الشبكة مباشر

الاقتصاد ومتغيراته الاستراتيجية
طبقا للعلاقات السياسية محلي إقليمي دولي

بقلم: د. المستشار / إبراهيم الزير.

– يركز بالعين المجردة علم الاقتصاد السياسي بدراسة جميع المجالات التي تستهدف انتاجيه و خدمية قد يتطلبها افراد المجتمع ليتمكنوا من العيش الكريم و رفع مستوى الفرد اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا طبقا لمجريات علم الاقتصاد الحديث و خاصه العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم ، لذلك يعد هذا العلم يهدف برؤيته و خصائصه و رسالته لمختلف الظواهر المكونة للنشاط الاقتصادي للإنسان في المجتمع المدني سواء على المحيط المحلي او الإقليمي او الدولي ، وهو عملة ذات وجهين يحافظ على علاقة مزدوجة ، هي علاقة الإنسان بالطبيعة من جهة و كيفية تعامله مه تلك المجريات و تطبيقها و علاقته بغيره من جهة.. فان القاعدة والرؤية قد تحدثت ان الاقتصاد مرآة تعكس السياسة، فكل تطور اقتصادي يشهده أي بلد لا بد من أن يؤثر في وضعه السياسي، فكل منهما يخدم الآخر سلباً وإيجاباً وعلى كل محور من محاوره طبقا لمعاير وارقام سواء زمنيه او مستقبلية، والسؤال الذي يطرح …علاقة الاقتصاد بالسياسة؟ والإجابة التحمية والواقعية لهذا الطرح انه لا تستطيع الفصل بينهما حيث إن الاقتصاد والسياسة توأمان لا ينفصلان ومتوازيان الاضلاع والطول والعرض كذلك.
– فالعلاقة الوثيقة جداً بين الاثنين و جزء لا يتجزأ من الاخر و مكملا له و يعد زواج كاثوليكي لا يمكن فصلهما، ركن أساسي في عمل ومبادئ أي دولة بأهداف محددة، بحيث إن أي تصرف خاطئ يؤتي بكارثة رغم الإمكانات الاقتصادية الجيدة لأي بلد، علماً أن هناك بلداناً تضع الهدف الاقتصادي هدفاً أساسياً لتجعل السياسة في خدمته، وقد اتبعت دول أوروبية وآسيوية هذا النهج واستطاعت بذلك النجاح في تجنب الصراعات السياسية.
– و طبقا للقواعد و المفاهيم الأساسية المركزية للعلاقة فيما بينهما و رغم التقدم في الفكر السياسي وتطوره إلا أن بعض دول العالم دفعت تكاليف باهظة مادياً و بشرياً وجعلتها تعيد النظر بسياساتها عندما لم تتحمل الخسائر، وأدت بها إلى انهيار مالي واقتصادي و هو ما شهدناه في أزمات الاقتصاد العالمي في القرن القديم و العصر السابق مروا بعام 2008 الى الان مرورا بأزمة كرونا الحالية كيف وضعت العالم اجمع في مأزق يصعب تداركه ، وفي نفس الوقت من حق أي دولة الدفاع عن مصالحها وبناء علاقات اقتصادية مميزة، بحيث تكون وسيلة نجاح، لا تتغلب السياسة على الاقتصاد أو العكس، لأنه لا يمكن للاقتصاد أن يتحرر أو يتطور دون الوصول إلى نمو اقتصادي في ظل سياسات متخبطة، فالنمو يتطلب سياسات واضحة ومدروسة بناء على خبرات و تخصصين و باحثين و استشاريين قائمين على هذا المجال و الربط فيما بينهما حيث كما ذكر سالفا جزء لا يتجزأ و مكملا له .
– حيث نشهد العديد من العوامل التي تتحكم بالعالم اجمع ومنظمات وهيئات ومؤسسات ودول عظمى في الأنظمة الرأسمالية والاقتصاد يدير السياسة، حيث العلاقة متشابكة مثيرة للاهتمام، فعندما تعصف مشاكل سياسية في بلد ما سيكون التأثير الأول الأكبر وبشكل واضح في الأداء الاقتصادي لهذا البلد. فعلم الاقتصاد السياسي أصعب من غيره، وهناك اختلاف في وجهات النظر بين الاقتصاديين حول هذا التعريف، ويظهر هذا التناقض عندما يتم اتخاذ القرارات المهمة، ولما لذلك من انعكاسات، مثلاً فإن العجز السياسي في اليونان كان سبباً في تفاقم المشاكل الاقتصادية، وفي إيطاليا حيث استطاع رئيس وزراء إيطاليا في عام 2012 إبعاد شبح الاضطرابات المالية ببراعته السياسية.
– إذاً كلما كان أي بلد مستقراً سياسياً، ساعد ذلك على زيادة النمو الاقتصادي، فعنصر الأمن والأمان في أي بلد هو حجر الزاوية في تفعيل الوضع الاقتصادي وجلب الاستثمارات، فإذا أخذنا قطاع السياحة على سبيل المثال لدولة تعد السياحة مصدراً أساسياً للدخل القومي والعملة الصعبة إذا تعرضت هذه الدولة لعدم استقرار نتيجة أحداث سياسية معينة، فسيتأثر قطاع السياحة مباشرة جراء عدم وجود الأمن للسائحين وتعرض الأمن للانحدار.
– ونلاحظ في بعض الأحيان كيف يقع المحللون بحيرة عندما يقيّمون الوضع الاقتصادي لفترة قادمة بناء على معطيات سياسية غير واضحة وأيضا طبقا لمتغيرات الاحداث في القارات كما نشهده اليوم في منطقه الشرق الأوسط والقرن الافريقي كذلك وهو يعد تدمير اقتصادي بسبب مواقف السياسية في المنطقة وتنفيذ اجندات خارجيه على منطقه الشرق الأوسط مرورا بالقرن الافريقي.
– حيث ان البلدان النامية عندما تقع في فخ المديونية الخارجية ويبلغ حجمها مستويات حرجة، ستؤثر بالطبع في الوضع السياسي، بالإضافة إلى الوضع الاجتماعي، وبعض أسبابها ناتج عن سوء إدارة وتفشي الفساد.
– ومن جهة أخرى عندما تسن دولة ما قوانين وتشريعات تحظر التعامل الاقتصادي مع خصومها من دول أخرى رغبة في الضغط لاتخاذ مواقف معينة تريدها فهنا يكون القرار الاقتصادي نتيجة قرار سياسي مباشر. فالعلاقة أزلية بين السياسة والاقتصادي، وكل منهما يوجه ويتأثر بالآخر، فالنظام السياسي هو الذي يحدد مدى التطور في القطاعات الأساسية لدولة ما، وخاصة القطاعات الإنتاجية. فلا إدارة ناجحة للاقتصاد بغير تمرس في السياسة، فهما وجهان لعملة واحدة.
– و ان تحدثنا عن أوجه القانون و علاقته بالاقتصاد و السياسة فانه يتقاطع علم السياسة مع العديد من فروع القانون كالقانون الدستوري والقانون الدولي و القانون الإداري وقانون المالية في دراسة بعض المواضيع كموضوع الدولة و و كذلك السلطة و انتهائنا بنظام السياسة التي تدرس ضمن مجال القانون الدستوري ، غير أن هذا الأخير يهتم بدراسة النصوص الدستورية وطبيعة النظم السياسية و هو ما عرف بالنظام الرئاسي ، النظام البرلماني بينما يهتم علم السياسة بدراسة نتائج تطبيقات النصوص القانونية كما يهتم بتتبع السلوك السياسي لمتخذي القرار وتحليل الأحداث السياسية حواء على المستوى المحلي او الإقليمي او العالمي او ذات الطابع الدولي ، فإن علاقة السياسة بالاقتصاد علاقة وثيقة والباحث في علم السياسة لا يمكنه بأي حال من الأحوال إغفال أهمية الوضع الاقتصادي في تفسير السلوك السياسي للدول, فالدولة التي تملك قوة اقتصادية تكون لها قوة سياسية وقدرة كبيرة كما نشهده الان في الوطن العربي كما هو الحال في الدولة السعودية و الإماراتية و المصرية التي تهدف الى تحسين قوة اقتصادها ينعكس على قوتها العسكرية بالمنطقة و التي شهدت بالآونة الأخيرة قوة اقتصادية و عسكرية ، فإن التقدم الاقتصادي سوف يؤثر لا محالة على الأداء السياسي لمتخذي القرار السياسي بشكل إيجابي كما أن التخلف الاقتصادي سيؤثر سلبا على الأداء السياسي للفاعلين السياسيين داخل الدولة,
– وإذا كان الاقتصاد يؤثر في السياسة فإن السياسة أيضا لها تأثير كبير على المستوى الاقتصادي للدول فالخيارات الاقتصادية للدول تكون نتيجة القرارات السياسية التي يتخذها حكامها، وفي المغرب لا يمكن لأحد أن ينكر أهمية سياسة بناء السدود التي نهجها الملك الراحل الحسن الثاني وأثرها الهام في انتعاش الفلاحة وتطورها.
– كما أنه لا يمكن فهم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون العودة إلى التاريخ، فإذا كان المؤرخ يقوم بجمع الوثائق التاريخية وترتيب الأحداث وعلاقتها بالأشخاص والوقائع، فإن الباحث في علم السياسة يقوم بدراسة هذه الوثائق والأحداث وربطها بالنتائج السياسية المترتبة عنها سواء على المستويات الاقتصادية او السياسية وما يقوم به الكيان الصهيوني بالضغط على الدولة الفلسطينية اقتصاديا للنيل من مؤسساتها كافة واضعافها باستمرار.
– يعتبر الاقتصاد سياسي الاقتصادي يجب ان يرفض اي انحياز سياسي او محاباة لكي يعطي معلومات محايدة وتوصيات غير منحازة حول كيفية تحسين الأداء الاقتصادي للبلد، السياسيون المنتخبون يقومون لاحقا بتقييم هذه المعلومات الاقتصادية واتخاذ القرارات على ضوئها. اما في التطبيق فهناك علاقة قوية بين الاقتصاد والسياسة لأن الأداء الاقتصادي هو الميدان الرئيسي للمعركة السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى